حاملاً رسالة تضامن.. بابا الفاتيكان يبدأ زيارة تاريخية إلى العراق
بعد استكمال الاستعدادات الشعبية والسياسية والأمنية، بدأ بابا الفاتيكان فرنسيس زيارة تاريخية للعراق تستمر ثلاثة أيام، حاملاً رسالة تضامن للشعب العراقي، وسط إجماع عراقي على الترحيب بالزائر الكبير، وكان في استقباله في مطار بغداد الدولي رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي.
وطالب بابا الفاتيكان المجتمع الدولي بالقيام بدور حاسم في تعزيز السلام في العراق وكل الشرق الأوسط، وقال في كلمة له إثر لقائه الرئيس العراقي برهم صالح في قصر بغداد: على مدى العقود الماضية عانى العراق من كوارث الحروب وآفة الإرهاب ومن صراعات جلبت الموت والدمار، وأنا ممتن لإتاحة الفرصة لي لأن أقوم بهذه الزيارة التي طال انتظارها إلى هذه الأرض مهد الحضارة، وأضاف: على المجتمع الدولي أن يقوم بدور حاسم في تعزيز السلام في العراق وكل الشرق الأوسط فالتحديات المتزايدة تدعو الأسرة البشرية بأكملها إلى التعاون على نطاق عالمي لمواجهة عدم المساواة في مجال الاقتصاد والتوترات الإقليمية التي تهدد استقرار هذه البلدان وعلينا أن نتطلع إلى ما يوحدنا، مشدداً على ضرورة الكف عن العنف والتطرف.
من جهته دعا الرئيس العراقي إلى مواصلة العمل لمكافحة الفكر المتطرف واستئصال جذور الإرهاب ودعم عنصر التنوع وتحويله إلى عنصر قوة وتماسك معتبراً أن “ترسيخ هذه المفاهيم أضحى مطلباً ملحاً للغاية في عالم اليوم وهو أفضل هبة يتم منحها لمستقبل الأجيال القادمة”، وأشار إلى أن بلاده عاشت خلال العقدين الماضيين “حرباً كبيرة ضد الإرهاب دمرت فيها مدن وهجرت أسرها وارتكب فيها الإرهابيون أفظع المجازر”.
ولفت الرئيس العراقي إلى أن الحوار والتعاون يشكلان الحل الوحيد في الفوضى التي تعيشها المنطقة من أجل تحقيق الأمن المشترك وحقوق مواطنيها، وأشار إلى أن زيارة قداسة البابا للعراق رغم الظروف الاستثنائية في العالم بسبب وباء كورونا ورغم ظروف البلد الصعبة لها أهمية كبيرة في وجدان العراقيين.
وفى السياق ذاته نوه مجلس كنائس الشرق الأوسط بزيارة بابا الفاتيكان إلى العراق مبيناً أنها تأتي في سياق الدعوة للصمود بوجه العنف والظلامية. وقال الأمين العام للمجلس ميشال عبس: إن زيارة البابا تأتي تأكيداً لشعاره “كلنا أخوة” وفي أحرج وقت من تاريخنا الحديث وهي “عربون محبة وتضميد للجراح ودعوة للصمود في وجه الظلامية والعنف والفناء”، وأضاف: إن زيارة الحبر الأعظم ستشكل محطة وطنية وإيمانية جامعة وستشمل لقاءاته جميع المجتمع العراقي. وختم بالقول إن “مجلس كنائس الشرق الأوسط يرى أن هذه الزيارة تصب في أهدافه كمؤسسة سعت منذ إنشائها منذ نحو نصف قرن إلى التقريب بين الناس كما بين الجماعات على مختلف انتماءاتها”.
وقد رحب سكان مدينة كربلاء بأول زيارةٍ بابويةٍ إلى البلاد، باعتبارها “رسالة تعايش” بين جميع الأديان المختلفة الموجودة في بلادهم.
وسيكتفي جزء كبير من العراقيين بمشاهدة البابا من خلال شاشاتهم التلفزيونية، وذلك جراء انتشار فيروس كورونا في البلاد.
وينوي البابا فرنسيس البالغ 84 عاماً، في أول زيارة له إلى الخارج منذ انتشار الجائحة، توجيه رسالة تضامن ليس للمسيحيين فقط بل لجميع سكان العراق.
البابا فرنسيس كان قال أمس الخميس في رسالة مصورة موجهة إلى الشعب العراقي بثت عشية توجهه إلى العراق: “أوافيكم حاجاً تائباً لكي ألتمس من الرب المغفرة والمصالحة بعد سنين الحرب والإرهاب، أوافيكم حاجاً يسوقني السلام، من أجل المغفرة والمصالحة بعد سنين الحرب والإرهاب”.
الأسقف المساعد لأبرشية بغداد الكلدانيّة، والمنسق العام لزيارة البابا المطران باسيليوس يلدو، شدد بدوره على الأهمية الكبيرة لزيارة البابا فرنسيس إلى العراق، إضافة إلى الدعم الكبير الذي تمثله الزيارة للبلاد.
وتأتي زيارة البابا إلى العراق في وقت “معقد” بحسب أحد المسؤولين المكلفين من رئاسة الجمهورية العراقية تنظيم مراسم زيارة البابا، الذي عبر لوكالة “فرانس برس” عن سعادة العراقيين بقدوم البابا”.
ورحبت سرايا “أولياء الدم” في العراق بزيارة البابا فرنسيس، معلنةً “وقف عملياتها خلال الزيارة”.
كما قال تحالف “الفتح” العراقي إن زيارة قال البابا فرنسيس “التاريخية ستكون فرصة وطنية سانحة لتأصيل وحدة النوع الإنساني الذي اجتهد الأنبياء والمفكرون والمصلحون والفدائيون في الديانات الإسلامية والمسيحية من أجل بنائه وترشيده وهديه”، وأضاف: “إننا نستقبل بابا الفاتيكان بقلوب مفعمة بالمحبة والمودة وتجسيد قيم المشتركات الفكرية والعقائدية والروحية مع العالم المسيحي”.
وتعد رحلة البابا فرنسيس الأولى في التاريخ لحبر أعظم إلى العراق.
ويغادر أسقف روما ورأس الكنيسة الكاثوليكية بغداد إلى النجف غداً السبت، حيث سيزور السيستاني، ثم يغادر إلى الناصرية حيث ينظم لقاء بين الأديان في سهل أور. ويعود يوم السبت ظهراً إلى بغداد لإقامة قداس في كاتدرائية القديس يوسف الكلدانية في المدينة.
وفي اليوم الثالث من زيارته إلى العراق، يزور بابا الفاتيكان مدينة أربيل حيث يستقبله رئيس إقليم شمال العراق والسلطات الدينية والمدنية.
ومن أربيل إلى الموصل، حيث سيصلي صلاة حق الاقتراع لمتضرري الحرب في حوش البياع (ساحة الكنيسة)، ثم يغادر إلى قرقوش في محافظة نينوى حيث سيزور شعبها في كنيسة “الحبل بلا دنس”.
واختار أهالي قرقوش تقديم هديتهم الخاصة للبابا فرنسيس. وصمم راعي كنيسة الطاهرة الكبرى في قرقوش الأب عمار ياقو وشاح، واشترك أهالي المدينة بحياكته وتطريزه. وصنع الوشاح من قماش يسمى محلياً بالشال، واستغرق العمل عليه شهرين.
ثم يعود بابا الفتيكان إلى أربيل ليقيم قداس في ملعب “فرانسو الحريري”، ليغادر ليلاً إلى مطار بغداد الدولي. وسيقام يوم الإثنين حفل وداع لبابا الفتيكان مغادراً إلى روما.