البابا فرنسيس من الموصل: لا للإرهاب واستغلال الدين للمصالح الضيقة
وسط الركام في ساحة حوش البيعة في الموصل، ترأس بابا الفاتيكان البابا فرنسيس صلاةً عن أرواح “ضحايا الحرب”، في منطقة كانت مسرحاً لانتهاكات تنظيم “داعش” قبل سنوات قليلة، وجدد رفضه وإدانته للإرهاب واستغلال الدين للمصالح الضيقة من قبل بعض القوى والتنظيمات.
وفي اليوم الأخير من زيارته التاريخية للعراق، التي تتمّ وسط إجراءات أمنية مشدّدة، قال البابا قبل أن يبدأ الصلاة قرب أنقاض كنيسة الطاهرة الكبرى بمدينة قرقوش في محافظة نينوى شمال العراق، القديمة والمدمّرة، “نقول مع أصحاب النوايا الحسنة لا للإرهاب واستغلال الدين للمصالح الضيقة”، مضيفاً: “بحزن شديد نرى حولنا آثار القوة المدمرة بسبب الكراهية والحرب، ويعترينا الحزن لمشاهد الدمار التي خلفها العنف والدمار في مدينة قرقوش، ودعا إلى تكاتف عالمي لمواجهة الإرهاب والتطرف، الذي طال سورية والعراق لأكثر من عشر سنوات.
في الباحة، استقبل البابا بالتحيات والتصفيق، فيما جلس المصلون على مقاعد خشبية أمام منصة وضعت ليجلس عليها الحبر الأعظم إلى جانب مسؤولين كنسيين آخرين، من بينهم رئس أساقفة الموصل المطران نجيب ميخائيل موسى.
ورحبّ البابا في كلمته بدعوة ميخائيل في كلمة ألقاها قبله الى “أن تعود الجماعة المسيحية الى الموصل وتقوم بدورها الحيوي في عملية الشفاء والتجديد”، وقال: “نرفع صلاتنا من أجل جميع ضحايا الحرب، ونؤكد قناعتنا أن الأخوة أقوى من القتل وأن السلام أقوى من الحرب”.
وترتدي هذه المحطة من الزيارة أهمية كبرى، لا سيما أن محافظة نينوى وعاصمتها الموصل، تشكّل مركز الطائفة المسيحية في العراق، وقد تعرّضت كنائسها وأديرتها التراثية العريقة لدمار كبير على يد تنظيم “داعش” التكفيري.
ولم تخل زيارة البابا من تحديات أمنية. فقد رافقت مروحيته من أربيل إلى الموصل خمس مروحيات عسكرية عراقية. وبعد نزوله منها، توجه إلى الباحة بسيارة مصفحة.
ولا توجد في نينوى كاتدرائية مناسبة لإقامة قداس بابوي، فقد دمّرت 14 كنيسة في المحافظة على يد “داعش”، ومنها ما يعود للقرون الخامس والسادس والسابع. لذلك، أقيمت الصلاة أمام ما تبقّى من كنيسة الطاهرة القديمة في الموصل التي بنيت قبل نحو ألف عام.
وقال البابا في كلمته الأحد من الموصل “إنها لقسوة شديدة أن تكون هذه البلاد، مهد الحضارات قد تعرّضت لمثل هذه العاصفة اللاإنسانية، التي دمّرت دور العبادة القديمة”، مضيفاً “ألوف الألوف من الناس، مسلمين ومسيحيين وأيزيديين وغيرهم هجروا بالقوة أو قتلوا”.
وكان البابا سمّى الأيزيديين الجمعة بـ”الضحايا الأبرياء للهمجية المتهورة وعديمة الإنسانية”.
وتعرض الأيزيديون للقتل والخطف والسبي والعبودية والاضطهاد خلال فترة سيطرة تنظيم “داعش”.
وقال الأب بطرس شيتو من أمام كنيسة الطاهرة الكبرى في قرقوش: “البابا فرنسيس بثيابه البيضاء يعلن للعالم أجمع أننا أبناء السلام والحضارة والمحبة وأبناء القيامة”.
وأحرق تنظيم “داعش” هذه الكنيسة في قرقوش الواقعة على بعد نحو 30 كلم إلى جنوب مدينة الموصل، قبل أن يعاد ترميمها.
ولحق دمار كبير بالبلدة على يد التنظيم، وتعرّض عشرات الآلاف من مسيحيي نينوى للتهجير في العام 2014 بسبب سيطرة “داعش”.
وكان البابا ندّد بكلمته السبت من أور في جنوب العراق بـ”الإرهاب الذي يسيء إلى الدين”، مضيفاً “نحن المؤمنين، لا يمكن أن نصمت عندما يسيء الإرهاب للدين. بل واجب علينا إزالة سوء الفهم”.
وهذه أول زيارة بابوية على الإطلاق للعراق يحقق فيها فرنسيس حلماً لطالما راود البابا الأسبق يوحنا بولس الثاني.
وبالإضافة إلى التحديات الأمنية، تأتي الزيارة وسط تحدٍّ صحي أيضاً مع زيادة بأعداد الإصابات بكوفيد-19 حرمت الحشود من ملاقاة البابا وإلقاء التحية عليه.
ميدانياً، دمر الحشد الشعبي العراقي اليوم وكراً لإرهابيي داعش في جرف النصر شمال مدينة بابل وسط البلاد.
وذكر بيان صادر عن مديرية اعلام الحشد الشعبي أن “قوة من اللواءين 46 و47 التابعة لقيادة عمليات الجزيرة للحشد الشعبي عثرت خلال عملية استباقية على وكر الإرهابيين ودمرته بشكل تام” لافتاً إلى أن العملية جاءت بناء على معلومات استخبارية دقيقة في منطقة العويسات بجرف النصر.