مجلة البعث الأسبوعية

بايدن مجرد واجهة لـ “الرئيس” هاريس ودمية لعصابة كلينتون!! مستنقع الدولة العميقة عائد بروح انتقامية,, ولنتذكر جيداً حروب أوباما السبع الخاطفة

“البعث الأسبوعية” ــ تقرير العدد

لا يمكن لأحد إلا أن يكون متشائماً إزاء عودة الديموقراطيين إلى البيت الأبيض، ذلك أن السياسة الخارجية القادمة لفريق الرئيس جو بايدن ونائب الرئيس كامالا هاريس سوف تتمثل في العودة إلى “مستنقع الدولة العميقة” التي خاضت سبع حروب في ظل إدارة أوباما – بايدن، مع احتمال تولي كامالا منصب الرئاسة في أقرب وقت ممكن. وكان بن رودس نائب مستشار الأمن القومي السابق في عهد أوباما – وهو سياسي متوسط ​​المستوى – صاغ على الأقل مصطلح “مستنقع الدولة العميقة” قاصداً به عصابة السياسة الخارجية في واشنطن العاصمة، ومراكز الأبحاث، والأكاديميين والصحف المهيمنة – من الواشنطن بوست إلى النيويورك تايمز – و”الكتاب المقدس” غير الرسمي: مجلة فورين أفيرز.

فوراً، وحال تسلمها سلطاتها رسمياً في شباط المقبل، ستجد الرئاسة الديمقراطية نفسها أمام تداعيات حربين: الحرب الباردة “الثانية” ضد الصين، والحرب العالمية على الإرهاب التي أعادت إدارة أوباما وبايدن تسميتها بـ “عمليات الطوارئ الخارجية”.

وسوف يكون فريق البيت الأبيض الديموقراطي الذي سيضم هيلاري كلينتون، بلينكين، رايس، فلورنوي، عبارة عن مجموعة من دعاة الحرب المعروفين الذين يدافعون عن سياسات عدوانية. وسيكون “العدوّان” الرئيسيان – روسيا والصين – هما نفسيهما كما كان الحال في عهد ترامب. وستبقى سورية وفنزويلا وإيران على قائمة الأهداف الأمريكية، وبالتالي لن تتغير السياسة الخارجية الأمريكية كثيراً عن نسخة ترامب، ولكن من المحتمل أن تدار بكفاءة أكثر فتكاً.

بالمقابل، قد يكون هناك تطوران إيجابيان محتملان، حالتان شبه أكيدتين من التراجع إلى الوراء، وهما إمكانية عودة الولايات المتحدة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي مع إيران)، الذي كان الإنجاز الوحيد لأوباما وبايدن في السياسة الخارجية، واستئناف المفاوضات بشأن نزع السلاح النووي مع روسيا؛ وهذا يعني احتواء روسيا، وليس حرباً باردة جديدة شاملة، على الرغم من أن بايدن أشار مؤخراً، علناً، إلى أن روسيا هي “التهديد الأكبر” للولايات المتحدة. سيخيب الثنائي بايدن – هاريس الأمل بشأن هاتين المسألتين، فقد انتشر المحافظون الجدد بالفعل في معسكرهما، وسيضمن هؤلاء عدم عودة اتفاق خطة العمل الشاملة المشتركة، والاتفاق النووي الإيراني.

فقبل أسابيع، وخلال ندوة عبر الإنترنت لحملة بايدن الرسمية دعت إليها جماعة الضغط المعروفة باسم “يهود أمريكيون من أجل بايدن”، وأدارتها آن لويس من لوبي آخر “أغلبية ديمقراطية من أجل إسرائيل”، أيد اثنان من الجمهوريين البارزين من المحافظين الجدد، وشددا على أن بايدن سيكون أكثر استعداداً لاستخدام القوة في الشرق الأوسط، وطمأنا المشاهدين اليهود بأن بايدن سيسعى إلى نزع الصبغة السياسية عن الدعم لإسرائيل، ولن يتراجع بالضرورة عن الصفقة مع إيران، وهو يحيط نفسه بمستشارين يدعمون إسرائيل ويؤمنون بالتدخل العسكري الأمريكي.

يقول إريك إيدلمان، الدبلوماسي السابق ومستشار ديك تشيني: “ستكون هناك أصوات” داخل إدارة بايدن تطالب بالعودة إلى الاتفاق مع إيران، لكن عقارب الساعة تسير منذ أربع سنوات، ونحن في لحظة مختلفة. و”سيكون من الصعب [على بايدن] عدم استخدام التأثير الذي توفره العقوبات، جزئياً لأن إيران لا تحترم كثيراً حدود الاتفاق النووي – حسب قوله – ربما هناك ثلاثة، أو أربعة أشهر، لتحصل على ما يكفي من المواد الانشطارية لتطوير سلاح نووي بالفعل”!!

من أجل رفع العقوبات عن إيران، ستطلب إدارة بايدن – هاريس أكثر بكثير من عودة إيران إلى حدود خطة العمل الشاملة المشتركة، وإيران سترفض كل المطالب الجديدة، سواء أكان تقييد قوتها الصاروخية أو الحد من دعمها للمقاومة. وسيستمر الصراع على هذا النحو بالتفاقم.

المشكلة الأخرى هي الحد من التسلح، ففي حين أن إدارة بايدن – هاريس قد تقبل عرض بوتين بتمديد اتفاقية ستارت الجديدة دون قيد أو شرط لمدة عام، فإنها بالتأكيد تريد من روسيا تنازلات أكثر مما ترغب في تقديمه. حالياً، روسيا تتفوق في الأسلحة الاستراتيجية بصواريخ تفوق سرعة الصوت منتشرة بالفعل، ومنصات جديدة أخرى، وتريد الولايات المتحدة إغلاق “التفاضل الصاروخي” الجديد، والمجمع العسكري الصناعي مستعد للاستفادة منه، وسينتهي تمديد معاهدة ستارت الجديدة، ولن توافق الولايات المتحدة على شروط جديدة عندما تتمتع روسيا بالتفوق التكنولوجي.

 

القليل سيحدث!!

في جميع الأحوال، لن تشهد السياسات الداخلية في ظل رئيس ديمقراطي فرقاً جوهرياً أيضاً، وهناك توقعات بأن “القليل جداً سيحدث بالفعل” في عهد بايدن، و”الديمقراطيون بارعون جداً في التظاهر بالعجز.. إنهم جيدون جداً في طرح حجج، مثل: “هؤلاء الجمهوريون الأشرار”، “نريد تحسين نظام الرعاية الصحية، ونريد رفع الأجور، لكن يا إلهي! ميتش ماكونيل [زعيم الحزب الجمهوري في مجلس الشيوخ] مراوغ للغاية بحيث لا يمكننا القيام بذلك”. والحقيقة، فقد كان “التغيير” شعاراً تسويقياً لأوباما للترويج لسياساته “الجمهورية” المخففة. التغيير الحقيقي لم يحدث قط، ويجب النظر إلى إدارة بايدن – هاريس من زاوية مماثلة.

لذلك سيعني فوز بايدن – هاريس عودة مستنقع الدولة العميقة بروح انتقامية. إن الثنائي بايدن – هاريس سيكون الثنائي أوباما – بايدن، فلنتذكر حروبهما السبع. تذكر الهجمات الخاطفة، نتذكر قوائم الإعدام خارج نطاق القضاء، نتذكر ليبيا، نتذكر سورية. نتذكر “الانقلاب” في البرازيل، ونتذكر ساحة ميدان في أوكرانيا.

 

هناك الكثير لنتعلمه

في سياق التأكيد على هذه النتيجة، يبدو أن سيناريوهات “تغيير النظام” انتهت أخيراً إلى استحضارها إلى الداخل، ومحاولة الإطاحة بالرئيس المنتهية ولايته، ومن خلال استخدام أساليب “ديمقراطية” سطحية. وسوف يتيح فهم مسار هذه المؤامرة تحديد سيناريوهات مماثلة لا تزال في حالة حضانة، وإتاحة الفرصة لاتخاذ الإجراءات المناسبة لإجهاضها قبل أن تنضج، أي إيقافها بشكل استباقي في أجزاء أخرى من العالم.

وويمكن ملاحظة أن عملية تغيير النظام، هذه، امتدت على مدى السنوات الأربع الماضية. وقد وضعت بذورها قبل عدة أشهر من انتخابات عام 2016، عندما وجهت كلينتون بشن حملة تشهير ضد ترامب، مدعية أنه كان “عميلاً روسياً” متخفياً، بما يتيح لها تولى السلطة، في تشرين الثاني 2016. كان الغرض من هذه الاستفزازات، التي كانت مرتبطة بشكل كامل بممارسات حرب المعلومات، نزع الشرعية عن صعود ترامب إلى السلطة، وتنصيب الديمقراطيين كحراس للنزاهة الانتخابية، وبالتالي تشكيل التصورات العامة بعمق قبل انتخابات عام 2020. وفي غضون ذلك، ظهرت رواية مقابلة، تتعلق أيضاً بحرب المعلومات، مدعية أن ترامب مجرم فاسد، وديكتاتور طموح، يتمسك بالسلطة بأي ثمن.

 

الاستغلال السياسي لوباء كوفيد-19

كان الغرض من كل ذلك هو الاستخفاف مسبقاً بأي محاولة للتشكيك بأنهم يعدون لما يمكن اعتباره أكبر عملية غش انتخابية في تاريخ الولايات المتحدة؛ حتى لو تغيرت الوسائل التي خططوا لاستخدامها لذلك، نتيجة لوباء كوفيد-19، وتم إعادة تأهيلها: لم يكن هناك أي سبيل لتفويت هذه الفرصة العظيمة. لأن ذلك كان في الواقع موضوع العديد من الأصوات البريدية.

وحقيقة، فإن الروابط بين حرب كورونا العالمية والعمليات النفسية تثير قلقاً كبيراً، ذلك أن كوفيد-19 حقيقي جداً، ويشكل خطراً حقيقياً على السكان، ولكن لا شك في أنه يستغل أيضاً لأغراض سياسية، كما يتضح من المعايير المزدوجة التي يمارسها حكام الولايات الديمقراطيون من حيث العزل المنزلي، فإن كانوا يعتقدون حقا أن كوفيد-19 كان قاتلاً لغالبية السكان كما كشف بعض الخبراء، فهم لن يخاطروا بالقضاء على ناخبيهم من خلال تشجيعهم على الحرق والنهب وإطلاق العنان وحتى القتل مجاناً في مناسبات قليلة في المدن الكبرى التي يديرونها، تحت لافتات “أنتيفا”، و”حياة السود مهمة”.

 

ولكن ما لا يقل أهمية أن تطبيقهم الانتقائي للاعتقال الصارم لأشخاص ذوي آراء سياسية مضادة – مثل مؤيدي ترامب – كان محاولة غير مقنعة للحفاظ على وهم أن هناك حاجة إلى تصويت ضخم عبر البريد “لإنقاذ الأرواح في مواجهة “كوفيد”.غير أن قلة كانت تعتقد أن هذا هو الحال حقاً، لأن المعايير المزدوجة الصارخة للديمقراطيين تظهر أن الوباء قد تم تسييسه بالكامل من أجل تبرير التدفق الهائل للأصوات البريدية في نظام انتخابي غير مستعد على الإطلاق للتعامل معها.. وهكذا مهّد الديمقراطيون الأرض بعناية، وتوقعوا منذ فصل الصيف أن الفائز في الانتخابات قد لا يكون معروفاً في اليوم نفسه، ورفضوا مسبقاً أي علامة مسبقة على “موجة حمراء” تؤدي إلى إعادة انتخاب ترامب.

كانت تلك ممارسة مستترة بشكل خاص، تم استخدامها مسبقاً لتغطية مساراتها في أذهان الناخب العادي، الذي كان سيشتبه على الفور في الغش الانتخابي. وفيما يتعلق بالرواية السابقة بأن ترامب مجرم فاسد وديكتاتور طموح سيتشبث بالسلطة بأي ثمن، فإن انطباعاً تمّت فبركته في أذهان الكثيرين بأن أي إجراء غير متوقع من ترامب لمعارضة هذا “التسلسل” سيشير بالضرورة إلى أنه هو – وليس الديمقراطيين – الذي كان يحاول الغش. ولولا كوفيد-19، وتسييس الديمقراطيين لهذا الوباء لتبرير عشرات ملايين الأصوات البريدية، لما كانت محاولاتهم لخطف الانتخابات ناجحة أو مقنعة إلى هذا الحد.

 

رقابة عمالقة التكنولوجيا

هناك الكثير من الشكوك حول أن حلفاء الديمقراطيين، عمالقة التكنولوجيا، اضطروا إلى شن حملة رقابة واسعة النطاق في أعقاب الانتخابات لحجب الحسابات والصفحات التي تشجع الأميركيين المعنيين بهذه القضية على التعبير سلمياً عن حقهم الدستوري في العمل معاً لدعم ترامب. ولم يكن ذلك ذلك صدفة، بل نتيجة للتحالف بين عمالقة التكنولوجيا والديمقراطيين، ودعمهم داخل الإدارات العسكرية والاستخباراتية والدبلوماسية الدائمة – “الدولة العميقة”. وقد تآمر كل جزء من هذه الشرائح الثلاثة حقاً مع القطاعين الآخرين للتلاعب بتصورات المرشح المنتهية ولايته والعملية الانتخابية. علاوة على ذلك، فإن هذا “الثالوث غير المقدس” دعم أيضاً، مدة ستة أشهر، انتشار الإرهاب الحضري الذي أطلقته ميليشيات “أنتيفا” و”حياة السود تهمني” التابعة له، رداً على الاستغلال الجمهوري لحادثة جورج فلويد.

 

السيناريو “الأسوأ”

وفي “السيناريو الأسوأ” الذي أعده الديمقراطيون، لن يكونوا ليضطرون إلا إلى تكثيف موجة إرهاب الحرب الهجينة داخل الولايات المتحدة، وتشجيع حملة إرهاب حضري أكثر تطوراً، بذريعة “المقاومة المشروعة ضد فاشية ديكتاتور عنصري سرق الانتخابات بشكل غير قانوني”. وهنا ينبغي ألا ننسى أن حملات إرهابية مماثلة متطابقة تقريباً قد نفذت في سورية، وضد الزعيم الليبي القذافي، تحت ذرائع “مؤيدة للديمقراطية”، وهو ما يشهد على أن الديمقراطيين تركوا بصماتهم أيضاً على ما يحدث حالياً في الولايات المتحدة.

إن سلسلة الأحداث التي بلغت ذروتها في المحاولة الانقلابية “الديمقراطية” معقدة جداً، كما أنها تنطوي على العديد من العناصر الأخرى التي كان لا بد من تبسيطها. ولا تزال نتيجة هذا الصراع غير المسبوق على سلطة إمبراطورية آخذة بالأفول غير مؤكدة. ومع ذلك، فإن فهم كيفية وصول كل شيء إلى هذه النقطة يمكن أن يساعد الشعوب الأخرى على تحديد تصاميم مماثلة مقدماً، وإخمادها في المرحلة الجنينية، قبل أن تتحول إلى كارثة مناهضة للديمقراطية مثل تلك التي تعاني منها الولايات المتحدة الآن.