بغية تعزيز الديمقراطية في حياته الداخلية: حزب البعث نظم استبياناً عصرياً لمعرفة تقييم قواعده العريضة لعمليات الاستئناس ونتائجها..
مكتب الإعداد والثقافة والإعلام المركزي
يعمل حزب البعث على تطوير حياته الداخلية وفق خطط علمية, وتنفيذاً لتوجيهات أمينه العام سيادة الرئيس بشار الأسد . ولعل أهم شيء في الحياة الداخلية لأي حزب هي دور القواعد الحزبية ومدى مشاركتها في النشاط على مستوى التمهيد لعملية اتخاذ القرارات وليس عمليات التنفيذ فقط..
وتجدر الإشارة هنا إلى ان مفهوم ” الممارسة ” كما تراه قيادة الحزب لا يقتصر على القيام بالمهام وإنما المشاركة بشكل ديمقراطي مركزي في تحديد هذه المهام أي في اتخاذ القرار بشأنها..
ولقد لوحظ حراك نوعي جيد بعد اتباع هذه الخطة حيث أصبحت القاعدة التي كانت منفعلة تتحول إلى عامل فعال في أوجه النشاط كافة بما في ذلك الجانب الفكري.
تجربة الاستئناس الحزبي
والاستئناس يعني أن تنتخب القاعدة ضعف عدد القيادات المتسلسلة وفق مؤتمراتها أو ثلاثة أضعافها, ثم تنتقي القيادة المركزية وقيادات الفروع الرفاق القادرين على القيام بمهام القيادات المتسلسلة من بينهم . وهنا تحترم القيادة المركزية تسلسل الأصوات, لكنها قد تخرج عن التسلسل في حالات خاصة , محددة ومبررة , شرط أن يكون الاختيار من ضمن الفائزين في الانتخاب وألا تبتعد عن الترتيب سوى برقم واحد أو رقمين.
وتعزيزاً لهذا التوجه الديمقراطي الداخلي نظمت القيادة المركزية هذا العام عمليتي استئناس, الأولى في الفترة (25/08/2019 حتى 10/02/2020 ) وموضوعها انتخاب القيادات المتسلسلة من أول مستويات القاعدة ( قيادات الفرق ) ثم قيادات الشُعب والفروع . أما الثانية فقد تمت في الفترة (15/06/ حتى 25/06/2020) وفيها اختارت القواعد الحزبية ممثلي الحزب لانتخاب مجلس الشعب في دورته الحالية..
مسألة القياس
يؤكد الرفيق الأمين العام للحزب دائماً على ضرورة استخدام القياس العلمي لتقييم نتائج أي عملية كانت . وانطلاقاً من هذا التوجيه رأت قيادة الحزب تنظيم استبيان لمعرفة آراء الرفاق وتقييمهم لعمليات الاستئناس التي تم من خلالها اختيار مرشحي الحزب لانتخابات مجلس الشعب . ذلك لأن الاستبيان من أهم أدوات قياس الرأي على الاطلاق بتوافر شرطين :
الأول : اختيار الأسئلة بوجه جيد استناداً إلى المصداقية والموضوعية , الثاني : معالجة الأجوبة بتقنيات رقمية ومناهج تحليل علمية..
تضمنت ورقة الاستبيان /11/ سؤالاً حول رأي الرفاق في عملية الاستئناس بإجابات مختصرة حول النقاط الاحدى عشر المطروحة , إيجاباً أو سلباً..
وركزت أهم الأسئلة على رأي الرفيق بالاستئناس هل كان ناجحاً ام فاشلاً , وهل كان هناك تأثير للظواهر المرضية على حساب الكفاءات , مثل تأثير “المال الانتخابي” , أو تدخل القيادات الحزبية أو الإدارية والمهنية لصالح أحد المرشحين, وما رأي الرفيق بزيادة حضور المرأة والشباب في العمل القيادي وبين مرشحي الحزب لمجلس الشعب وغير ذلك من المسائل الراهنة..
اهم خصائص الاستبيان
1- أنه استبيان شامل , حيث شاركت فيه غالبية الأعضاء العاملين في الحزب المتواجدين في أماكن عملهم . ولقد تم استهداف /300/ ألف عضو على ساحات الوطن كافة , استجاب منهم للاستبيان /256/ ألف عضوأي بنسبة /85.32%/, والباقي /44/ ألف كانوا غير موجودين في مكان تنظيمهم لأسباب تتعلق بمهام في أعمالهم. وفي بعض الفروع وصلت النسبة إلى /100%/ فرع دير الزور , و /98%/ فرع درعا.
2- منهج التحليل : لدراسة أوراق الاستبيان واستنتاج تقييم الرفاق في القواعد الحزبية تم استخدام الطرق العصرية وفق تقنيات رقمية , ثم دراسة النتائج استناداً إلى طرائق علم الاجتماع السياسي..
وفيما يخص منهج التحليل تم اتباع منهج ( SWOT ) أي معرفة مؤشرات القوة (Strength) وهي المؤشرات الايجابية في التقييم , وكذلك مؤشرات الضعف (Weakness) وهي السلبيات . واستناداً إلى هذه الدراسة يتم تحديد الفرص (Opportunties) التي يجب التركيز عليها , ومن ثم التحديات أو التهديدات (Threats) التي تواجه إمكانات التخلص من السلبيات.
وفي إطار المنهج نفسه يتم استخدام المنطق المقارن بين المعلومات التي تضمنتها الأجوبة على الاستبيان , حيث يتم قياس التركيز أو الشدّة (Intensity) وكذلك قياس انحراف قيمة ما عن الوسط الحسابي للقيم (Deviation)..
وقد شمل التحليل ثلاثة مستويات:
1- تقييم الايجابيات والسلبيات على مستوى الحزب بكامله..
2- تقييم الايجابيات والسلبيات على مستوى كل فرع من الفروع الحزبية وعددها (18) فرعاً.
3- تقييم الايجابيات والسلبيات على مستوى كل شعبة من الشعب ( حوالي /176/ شعبة ).
وهذا التحليل استند إلى منهج تصنيف الايجابيات والسلبيات حسب آراء الأعضاء على أساس معيار الجنس والعمر (أربع فئات هي: ذكور – إناث – شباب – مافوق سن الشباب).. شملت فئة الشباب دائرة واسعة حتى عمر /40/ سنة.
دراسة النتائج
انقسمت هذه الدراسة إلى عدد من العناوين تم البناء عليها لاستخلاص التقويم العام .. من أبرز هذه العناوين ( الفصائل ) ترتيب الفروع حسب نسب مشاركتها في الاستئناس , وتحديد الايجابيات والسلبيات وفق الأجوبة الواردة حسب كل سؤال على حدة على مستوى كل شعبة من الشعب , ثم على مستوى الفروع وأخيراً على مستوى الحزب. كذلك ربط الايجابيات والسلبيات بالعمر والجنس لمعرفة رأي الشباب ورأي الإناث على حدة في مقارنة ذلك مع رأي كبار السن ورأي الذكور..
وبعد دراسة أكثر من خمسين جدول رقمي وبياني تتضمن نتائج التقييم لأكثر من (175) شعبة حزبية تابعة لثمانية عشر فرعاً, ثم وضع النتائج في بحث شامل على /150/ ورقة فولسكاب. الفصل الأخير في هذا البحث ركز على التوصيات أي الفرص المتاحة وعلى التحديات وضرورة معالجتها , وذلك على مستوى الحزب بوجه عام , وعلى مستوى كل فرع على حدة , ثم على مستوى كل شعبة على حدة..
حوارات ومعالجات
بعد دراسة النتائج ووضع التوصيات اتخذت القيادة المركزية توجهات وقرارات بعقد «مؤتمرات حوار» على مستويين:
1- مستوى الشعب : وضم كل مؤتمر على مستوى الشعبة الرفاق أعضاء قيادة الشعبة وأمناء الفرق التابعة للشعبة , ورؤساء المنظمات الشعبية والنقابات المهنية في منطقة عمل الشعبة , وأعضاء مجلس الشعب على مستوى عمل الشعبة, والرفاق الذين لهم اهتمامات بالشأن الحزبي وآلية تطوير العمل الحزبي , وأساتذة الجامعات المهتمين بالشأن الحزبي في المنطقة. مهمة هذه اللقاءات الحوارية دراسة النتائج بصدد الشعبة واقتراح الحلول للسلبيات, حيث كانت القيادة المركزية أرسلت نتائج دراسة الاستبيان لكل شعبة بما يخصها.
2- مستوى الفرع : ضم كل مؤتمر أعضاء قيادة الفرع , وأمناء الشعب التابعة للفرع إضافة إلى أعضاء مجلس الشعب, ورؤساء المنظمات الشعبية والنقابات المهنية , وأساتذة الجامعات. وتمت هذه اللقاءات جميعها بإشراف الرفيق عضو القيادة المركزية المشرف على الفرع.
وتناقش القيادة المركزية الدراسات التي أجرتها مؤتمرات الحوار من اجل وضع حلول تعزز الإيجابيات وتخفف من السلبيات بغية تداركها وتطوير النشاط الحزبي على هذا الأساس , خاصة وأن القيادة كانت قد وضعت قبل أشهر دراسة هامة بعنوان «برنامج الحزب الاجتماعي» ركزت فيه على ضرورة تعزيز اهتمام الحزب بالقضايا الاجتماعية انطلاقاً من ان الحزب متجذر في المجتمع ودوره مهم في دفع عجلة التقدم الاجتماعي بمجالاته كافة.
أما التحديات أو التهديدات (Threats) فهي العوامل الضاغطة التي تأتي من خارج الحزب, أي من البيئة الاجتماعية وغيرها , وتزيد في صعوبة استخدام الفرص المتاحة . على سبيل المثال بالنسبة لمشاركة الإناث ربما يكون التهديد هو البيئة الاجتماعية المحافظة , وبالنسبة للشباب يمكن أن يكون التهديد الإعتقاد العام بأن الشباب ليس لديهم خبرة كافية للقيادة . ولمتابعة هذا الموضوع وجهت القيادة المركزية القيادات المتسلسلة بأن تدرس البيئة الاجتماعية التي تعمل فيها وتركز على معالجة هذه التهديدات الخارجية على المدى المتوسط والطويل . ويتم ذلك عبر ندوات ولقاءات حوارية وأشكال أخرى تختارها القيادة المعنية حسب ظروفها .
وأكد الحزب على ان تعزيز العلاقة البنيوية بين الحزب والمجتمع مسألة أساسية , رافضاً أي علاقة شكلية وظيفية تؤدي إلى عزل الحزب عن المجتمع. ولقد أثبتت التجربة عندنا وفي العالم أن أي حزب يستعلي على المجتمع ويعد نفسه شيئاً قائماً “في ذاته” سيصل إلى الضعف والانهيار الكامل..