معرض تشكيلي حديث على جدران القاعة الأثرية
حمص- سمر محفوض
احتفت القاعة الأثرية القديمة في كنيسة الأربعين شهيداً بحمص القديمة بتلوينات الفن التشكيلي، حيث عرشت اللوحات التشكيلية على الحجارة التاريخية للقاعة كجسر بين ماضٍ عريق وحاضر يؤكد الهوية الإبداعية للفن، ويوثق علاقة الثقافة عموماً والفن التشكيلي خاصة كنمط تعبيري يؤرّخ للمستقبل.
المعرضُ الذي يقيمه ملتقى الثقافة والإعلام بعنوان “معرض الفن التشكيلي”، يهدف -بحسب المنظمين- إلى التأكيد على أهمية التعريف بالفنانين السوريين، وإعطاء مساحة تعبير كافية لكل منهم، كما يندرج تحت مفهوم إحياء الذاكرة التشكيلية. وتأتي أهميته من خلال عرض لفكرة وليس لتجميع أعمال فنية، ويتميّز المعرض الذي شارك فيه 22 فناناً تشكيلياً سورياً من مختلف المدارس قدّموا نحو 60 لوحة، بالتباين الملفت بين القاعة الضاربة بتاريخها والنهضة الفنية في سورية للفن التشكيلي، وهو ما عبّرت عنه كتل اللون والضوء والتشكيلات التالية من مختلف الأنماط والمدارس.
اللافت للانتباه في المعرض هو ذاك التناغم الطاغي بين اللوحات، على الرغم من تمايز مدارسها ليتمتّع كل فنان ببصمته التي تحمل فكرته، البعض اتجه للانطباعية الصرفة منهاجاً لفنه كأعمال الفنان فريد وسوف المشارك بـ3 لوحات، حيث أكد أن المعرض فرصة لتنشيط الحركة الفنية بشكل عام وإتاحة الفرصة لعرض عدد كبير ومتنوّع من الأعمال والاتجاهات بمكان واحد يلبي مزاج المتذوقين لهذا الفن، وعبّرت لوحاته عن مشاعر الحب والصفاء بتمازج لوني عفوي بسيط مقترن بالاحتراف، وبعضهم اتخذ الطبيعة موضوعاً له كالفنانة التشكيلية سميرة مدور عضو نقابة الفنانين بحمص المشاركة بلوحة تحمل وجه الطبيعة الزاهية، وقد أكدت انحيازها للألوان والفرح باعتبار أن المرأة خالقة للحياة والجمال، بينما جنحت لوحات باسم عباس الذي بدأ الرسم منذ 22 عاماً والمشارك بلوحتين بورتريه فحم وباستيل، إلى التعبير عن الواقع وشخصية الفنان، وهو يؤكد على عراقة هذا الاتجاه الفني وجاذبيته التي تضمن الاستمرارية والتحديث الدائم، لتنتمي لوحات مازن منصور المشارك بثلاث لوحات إلى التشكيل التعبيري الزيتي المطعّم بتجليات الروح وإيحاءات المخيلة التي تنساب فيها ألوان تحمل المتعة البصرية والروحية معاً، إضافة للوحة بورتريه كتحية من الذاكرة عن الفنان والنحات الراحل نبيه الحسن.
وتجسّد الفنانة سلام أحمد المشاركة بلوحتين، الأولى الطبيعية الريفية، وقد جاءت بنوافذ كبيرة مفتوحة على الأفق والمدى الملون، وحملت لوحتها الثانية المعنونة “المرأة” كماً كبيراً من المشاعر المتناقضة، ليؤكد بدوره الفنان محمد سلمان المشارك بـ4 لوحات من التجريدية والتعبيرية والواقعية والسريالية الرمزية أن لا هوية محدّدة تقسر الفنان على الانتماء لنمط معيّن، بل هي حاجة التعبير العميقة عن مكنوناته، وتخلق دافعاً ليكون النمط تالياً، وقد عبّر عن سعادته بالمشاركة بالمعرض، وخاصة ما مرّت به المدينة القديمة أثناء الحرب من دمار وتخريب ممهنج من قبل العصابات الإرهابية لتبدأ اليوم إعادة إعمار الروح والحجر والإنسان، وحملت لوحات رامي درويش المشارك بثلاث لوحات أفكاراً تلامس هموم ومشكلات الواقع بحرفية وأناقة فنية ذات سوية عالية وتعزيز قيم الانتماء والمواطنة. وقدّمت ابتسام ديب تجربة فنية جديدة بتقنية النافر ثلاثية الأبعاد تجسّد ذاكرة حمص الأثرية كالقلعة وسوق القيصرية والناعورة القديمة، إضافة لأعمال يدوية ونحتية معبّرة تشكّل بذرة لمشروع فني مستقبلي ضخم في هذا المجال.