تكريزة رمضان.. تقاليد أجداد
لا يعرف أحد من أين جاءت الكلمة، إلا أن مصطلح “التكريزة” يُستعمل بكثرة قبل أيام من انتهاء شهر شعبان، “تكريزة رمضان” عادة متّبعة لدى الأسر الدمشقية، يقومون بها لاستقبال شهر رمضان بفرح وسرور.
التكريزة هي نزهة تقوم بها العائلات إلى خارج المدن، حيث يتمّ هذا “السيران الجماعي” في مناطق مطلّة على مناظر الخضرة والمياه، غالباً ما تبدأ في النهار وتنتهي بعد العصر بالعودة إلى المنازل، وقد يجتمع في هذه النزهة الأقارب جميعهم أو تقتصر على الأسرة الصغيرة.
في كتاب “يا شام” الصادر عام 1984 يذكر منير كيال المؤرّخ للتقاليد الشامية أن “من عادات الدماشقة القيام بما يُسمّى تَكْريزة رمضان، فقبل حلول شهر رمضان بيوم أو يومين يقومون بسيارين (نزهات) إلى الغوطة الشرقية أو مناطق الربوة والشادروان والمقسم والمنشار والغياض”.
ويقول الباحث التاريخي “رامز عطا لله” إن أهل دمشق يسمّون هذه النزهة “تكريزة”، وهو الاسم المستخدم عند بعض المصريين، كما تُسمّى عند أهل طرابلس الشام “شعبونية” نسبة إلى شهر شعبان.
تقضي الأسرة نهارها بالأكل والشرب واللعب، وتختلف نوعية الطعام عما يؤكل في رمضان، ويفضّلون الأكلات التي تحتوي على زيت الزيتون كالمجدرة واللوبية والتبولة والفتوش، أو تحتوي على الزيت النباتي كمقالي البطاطا والباذنجان والكوسا، ولا بد في السيران من مشاوي اللحوم أو حوايا الخروف كالكبد والطحال والكلاوي.
وقد لا تقتصر “التكريزة” على العائلات فقط، فقد دأب بعض أصحاب المهن اليدوية أو أصحاب الورشات والمعامل على اصطحاب عماله وموظفيه في نزهة وداعية إلى الربوة أو الغوطة قبل رمضان لقضاء “سيران” جماعي وتناول “المشاوي والصفيحة”، ثم يقوم بتوزيع مكافآت مالية وبعض المواد الغذائية التي تُعرف بـ”سلّة رمضان” على الحضور تقديراً منه لعملهم.
لم يُعرف سبب تسمية “التكريزة” بهذا الاسم، ولكنها تبقى توديع شهر شعبان، وقد قال بعضهم إن معنى “التكريزة” هو الوداع، واليوم مازالت بعض العائلات بدمشق تقوم بها كنوع من المحافظة على تقاليد الآباء والأجداد، وللتأكيد على صلة الرحم والقربى.
عُلا أحمد