لماذا لا تعجبهم ديمقراطيتنا؟
سنان حسن
على الرغم من الادعاءات الغربية المستمرة وزعمها بأن تدخلها في شؤون هذه الدولة أو تلك هو تحت يافطة نشر “الديمقراطية” والحفاظ على حقوق الإنسان وغيرها من الملفات المزعومة التي تبرر من خلالها عدوانها على هذه البلدان وتدميرها، إلا أنها وعند قيام أي دولة مستقلة وذات سيادة بتنفيذ استحقاق ديمقراطي وفقاً لدستورها الوطني في أي مستوى من المستويات “رئاسية – برلمانية- بلدية” تنبري الأبواق المرتبطة بها ومنابر خارجياتها للتنديد بهذا الفعل والقول أنه لا يمتلك أدنى مقومات الشفافية والنجاح والأسس الديمقراطية كما يدعون؟!.. وكأن هذه الأمور حلال لهم حرام على هذه الدول، إلا إذا تولوا هم أو منظماتهم الأممية التابعة الإشراف والإعداد لها، عند إذن الانتخابات تصبح ديمقراطية وحقيقية ووفق المعايير الدولية!!. فلماذا كل هذا الإصرار الغربي على عدم الاعتراف بالدول الوطنية وبقرارها السيادي وكأنها ما تزال تحت وصايتها وانتدابها؟، وهل تتعلق القصة بالفعل الديمقراطي كما يدعون؟ أم أن هناك غايات أخرى؟. وهل ديمقراطيتهم بالفعل مختلفة؟.
لقد كشفت السياسيات الغربية اتجاه العديد من دول المنطقة والعالم أن الغاية الرئيسية من التدخل من بوابة الديمقراطية والعملية الانتخابية هو الحصول على ما عجزت عنه بالآلة العسكرية والاقتصادية عبر تمزيق تلك الدول وتسهيل انقسامها وتشرذمها ومنعها من أن تكون دولة ذات سيادة، والأمثلة أكثر من أن تعد وتحصى، حيث قامت تلك الدول بتفصيل قوانين انتخابية تغذي النزعات الطائفية والعرقية والقومية والاثنية، والتي بالمحصلة لا تخدم الحصول على مجتمع ديمقراطي وإنما زيادة تفتيت المجتمعات بهدف إكمال السيطرة عليها ونهب ثرواتها والنتيجة إعادة احتلالها بطريقة جديدة. ولكن هل هذه الدول التي تطالب بالديمقراطية والحرية للمجتمعات الأخرى هي ديمقراطية بالفعل أم أن المصالح والسياسات هي المحرك لكل ما يجري فيها تحت غطاء الديمقراطية المزعوم؟.
شهدت الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة والتي فاز بها الرئيس الحالي جو بايدن على الرئيس السابق دونالد ترامب جميع الانتهاكات التي دائماً ما تدعي أمريكا أنها موجودة في انتخابات الدول التي تريد التدخل في شؤونها، فتم تسجيل حالات تزوير واسعة واحتيال وعدم شفافية وعنف وفوضى ومصادرة رأي طرف على حساب طرف حجب “ترامب” وهو الرئيس القائم حينها عن التعبير عن رأيه على منصات وسائل التواصل الاجتماعي من توتير وفيسبوك، وبالنهاية تقول المؤسسات الأمريكية أن انتخاباتها ديمقراطية وشفافة؟!!. ربما سيأتي من يقول أنه لا مجال للمقارنة بين الانتخابات في أمريكا وغيرها من الدول التي تتدخل في شؤونها، ولكن هل يحق لهم ما لا يحق لنا؟.
قبل إعلان مجلس الشعب عن موعد الانتخابات الرئاسية وما بعده والدول الغربية وفي مقدمتها أمريكا لا تتوانى عن انتقاد الفعل الديمقراطي السوري، أياً كان، وتوجيه سهام الانتقاد له، تارة من بوابة الشفافية وتارة من بوابة التعددية وتارة وتارة..، المهم لديها أن يتم تعطيل الاستحقاق وإظهار الدولة السورية فاشلة وبحاجة إلى تدخل أممي عاجل لصياغة قوانين وتشريعات تضمن تطبيق أجنداتهم.
لكن إصرار الدولة السورية ومؤسساتها على إنجاز الاستحقاقات الوطنية التي كفلها الدستور يؤكد مرة أخرى أن الأهداف المعلنة للحرب على سورية من قبل دول العدوان تمنى بهزيمة جديدة وعلى جبهة متجددة، وتؤكد أيضاً أن كل المشاريع لتقسيم سورية وتفتيتها إلى كانتونات قد أسقطت أيضاً، ما يعني أن الاستحقاق الحالي هو معركة أخرى في سبيل انتصار سورية القادم.