اتساع الفجوة بين الإعلام والمدرب المعلول يحمل اتحاد كرة القدم مسؤولية تراجع واقع منتخبنا
“البعث الأسبوعية” ــ سامر الخيّر
لم يكن أكثر المتفائلين ليتوقع خروج المؤتمرين في آخر لقاء بين الإعلاميين واتحاد كرة القدم متفقين على نقطة واحدة، والسبب اتساع الفجوة بين الإعلاميين واتحاد اللعبة ومدرب منتخبنا الأول، نبيل المعلول. ورغم أن الاجتماع عقد برعاية وحضور المكتب التنفيذي واللجنة الأولمبية إلّا أن النهاية كانت شبيهةً بنهايات اللقاءات السابقة، أسئلة، وطروحات كثيرة، وتهرب وتملص من الإجابات، مع الإشارة إلى تميّز هذه الجلسة بالسقف العالي من المساءلة تحت شعار الشفافية والمكاشفة.
ربما لا يدرك اتحاد الكرة أن الفجوة الحالية – التي تتسع كلما شاهدنا منتخبنا على أرضية الميدان، أو سمعنا تعليقاٌ للمعلول – يمكن أن تسبب في القريب العاجل انعداماً للثقة بين الإعلام وأهم اتحاداتنا الرياضيّة، وبالتالي انعدام الثقة مع الجمهور؛ فالإعلام انعكاس حقيقي لنبض الشارع الرياضي، والتأثير متبادل بين الاثنين، فأي كلام مقنع يصدر عن الإعلام يتبناه الشارع ويصبح مطلباً، ويشكل ضغطاً على القائمين على رياضتنا؛ لذا كان لزاماً على اتحاد كرة القدم أن يطبق تعليمات المكتب التنفيذي بجدية أكثر لناحية تحسين وتقوية العلاقة مع الإعلاميين، لا أن يكون التطبيق فقط بالدعوات والمؤتمرات. وكل من حضر المؤتمر الأخير لاحظ كم التوتر بين الطرفين، وفي كثير من الأحيان اضطر رئيس الاتحاد العام، فراس معلا، للتدخل وتهدئة الأجواء، وكانت إشارته بيده لرئيس اتحاد اللعبة، حاتم الغايب، أكبر دليلٍ على رغبته في استيعاب الإعلاميين وطروحاتهم، مهما كانت قاسية، وحتى مناقضة للواقع.
كلام كثير وأمثلة أكثر يمكن الاستشهاد بها لتبيان سوء العلاقة بين الأطراف المذكورة، ولأن البقاء على هذا الوضع من شأنه أن يفاقم الحال ويصعد الهجمات بينهم، أردنا البحث عن مكمن الخطأ وأساسه لعلنا نجتثّه، ولو على الورق كخطوة أولى، لذا استقينا آراء بعض الزملاء في وسائل إعلامنا المختلفة حول المسار الصحيح للعلاقة مع المعلول، ومن ثم مع اتحاد اللعبة، فهل المسألة شخصية كما تناولها البعض؟ أم أن الموضوع إداري وتنظيمي؟ أو أم الأمر بين هذا وذاك؟
وهنا كانت المفاجأة، فأغلب الإعلاميين ممن تواصلنا معهم عزفوا للأسف عن الإدلاء بتصريح يعبّر عن رأيهم في إصلاح الأمور، رغم أن أكثرهم كان له رأي صارم وأسئلة قوية في كل المؤتمرات التي عقدها الاتحاد الحالي لكرة القدم؛ ولأننا نعذرهم على خوفهم من شائبةٍ يمكن أن تشوه صورة “حيادهم”، سنجمل آراء من اعتذر بالتالي: المعلول يجب أن يستمرّ مع المنتخب، وإقالته ليست مطلباً، وإنما الضغط عليه لتغيير طريقة تعامله مع الإعلام والمكاشفة أكثر، وخاصةً فيما يتعلق باستراتيجيته الغامضة، والأهم من ذلك الموضوع المادي من راتب ومكافآت، وسنأتي على ذكر هذه النقطة بشكل موسع لاحقاً.
أما الزميل إبراهيم النمر، رئيس القسم الرياضي في جريدة تشرين، فكان له حديث تفصيلي ورأي صريح حول القضية، بدأه بالتالي: بلا شك، الشارع الرياضي وجمهورنا الحبيب غير راضٍ أو مقتنعٍ بالأداء أو النتيجة عامةً.. ظهرنا بأداء غير مطمئن أبداً في آخر مباراتين، وإن كانتا وديتين، ويجب إعادة ترتيب أوراق المنتخب والمدرب واللاعبين على حدٍ سواء، ويجب أن تكون الأمور أفضل، وخاصةً بعد أن انكشفت بعض شروط العقد مع المعلول، كأخذه مكافأة مفدارها 85 ألف دولار في حال التأهل لأمم آسيا، ونحن على بعد نقطة من التأهل من أصل تسع نقاط ممكنة؛ ومع احترامنا لخصومنا، إلا أن موضوع هذه النقطة مضمون، فمكافأة المدرب في حال التأهل إلى كأس العالم هو حقه، أما مكافأة التأهل لكأس آسيا فتبدو مستغربة!!
وأوضح النمر: طبعاً، علينا ملاحظة أن أداء المنتخبات الآسيوية الكبيرة متراجع جداً هذه الفترة، فالصين ليست المنتخب الذي نعرفه، والأمر نفسه ينطبق على منتخبات الخليج المتوجة باللقب الآسيوي، ومنتخبنا بالتأكيد ليس هو نفسه الذي تابعناه في تصفيات مونديال 2018، وهذا ناتج عن الاستغناء عن بعض اللاعبين واستدعاء آخرين وتغيير عقلية المدرب وتغيير اسم المدرب.. وللأسف، التغييرات هي بالأسماء، ولا يوجد أي تغيير بالأداء أو النتيجة.
وعن دور الإعلام، أكد النمر أنه الشريك الأول والأوحد والكبير لنجاح أي عمل كان، فإن لم نقف مع المنتخب الوطني، أو أي رياضة من الرياضات، فلن يسلط الضوء عليها وتنتشر ويعرفها أحد، ويجب أن تكون العلاقة مبنية على الشفافية والمصارحة الدائمة، فنحن نمتلك مفاتيح الأبواب الموصدة في كل الاتحادات، وأتمنى أن تكون المرحلة القادمة أفضل وفق تطمينات رئيس الاتحاد الرياضي العام.
الزميل ربيع حمامة، المحرر في صحيفة الاتحاد الرياضي، ركز على المدرب التونسي مستهجناً استراتيجية المعلول غير الموضوعية وغبر واضحة المعالم، مبيناً أن الحكم عليه فنياً ليس ممكناً بعد أن ذهبت السنة الأولى من عقده هباءً، فلا هو درّب والتزم وحضر، ولا المنتخب تطور أو حتى بقي على ما كان عليه، وبالتالي كان التراجع مخيفاً.
وأشار حمامة إلى أن تواجد المعلول كان فقط “نظرياً” في المباريات الودية لمنتخبنا الأول، ولا ندري إذا تم التعاقد معه فقط ليكون على هذا الشاكلة، والفجوة الكبيرة مع المعلول سببها ما سبق لأنه لا تحكمنا به كإعلام أي مصلحة شخصية على اعتبار أن منتخبنا هو كل همنا؛ وحتى اليوم لم نصل لجواب شاف على أسئلتنا من اتحاد الكرة الذي يتهرب بشكل علني من الإجابة على أهم سؤال، وهو: أين المعلول كل تلك الأشهر؟ ولدى إلحاحنا في المؤتمر الصحفي الأخير، جاء الجواب بأن المدرب لديه خطة، ولكن بعد الشهر السادس.. أي بعد التصفيات!! وهذا ما يزيد الفجوة اتساعاً والطين بلة، ويضع المعنيين بالأمر والقائمين عليه موضع الاتهام بسؤال واحد.. واحد فقط، وهو: من المسؤول عن التوقيع على عقد هائل – وفق واقعنا المالي والاجتماعي – دون مقابل، أو التزام من الطرف الآخر؟