باسيل من موسكو: لبنان انهار ويلزمه إصلاحات جذرية
مع إعلان باريس أنها ستفرض قيوداً على بعض الشخصيات اللبنانية “الضالعة في العرقلة السياسية الحالية والفساد”، أكد رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، في مؤتمر صحافي، اليوم الخميس، من موسكو، إنه “نتيجة الضغوطات على لبنان، ونتيجة الفساد في داخله، فإنه قد انهار، ويلزمه إصلاحات جذرية وبنيويّة لإنهاضه”.
يأتي ذلك بعدما التقى باسيل اليوم في موسكو نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف ومسؤولين آخرين، وعلى رأسهم الوزير سيرغي لافروف، على أن تستكمل الزيارة بلقاءات أخرى على مدى يومين، وسيبحث مع المسؤولين الروس قضايا دولية وإقليمية إضافة إلى أزمة لبنان.
ولفت باسيل خلال المؤتمر إلى أن الإصلاحات في لبنان “تتطلّب قراراً سياسياً لبنانياً غير مكتملة عناصره، وتلزمها حكومة من الاختصاصيين تكون مدعومة من القوى السياسية والبرلمانية الأساسية لكي تتمكن من تحقيق هذه الإصلاحات، من دون أن يكون فيها القدرة لأحد على السيطرة عليها وعلى منع هذه الإصلاحات من التحقّق”.
وأشار إلى أن لبنان كان متوجهاً إلى اعتماد خيار صندوق النقد الدولي، “فهذه الإصلاحات معروفة وعلى رأسها التدقيق الجنائي، إضافة إلى ضبط التحويلات إلى الخارج وإعادة الأموال المحوّلة من لبنان إلى الخارج وغيرها”، مؤكداً أنه “لا يمكن إجراء الإصلاح وإعادة بعض الحقوق للبنانيين دون ذلك، حتى ولو توجه لبنان إلى الشرق بدل الغرب”.
وتناول باسيل الوضع الأمني في لبنان، قائلاً إنه “تباحثنا بعد اللقاء مع المسؤولين الروس ضرورة أن يكون لبنان مستقراً ومزدهراً، وأن هذا عامل إلزامي لحماية التنوع فيه ولحماية الأقليّات فيه، وفي المنطقة، للحفاظ على دورها الكامل في الإدارة والسياسة والاقتصاد”.
وإذ أكد أن للبنان دور كبير في مكافحة الإرهاب عسكرياً وفكرياً، إلا أنه شدد أن لبنان إذا أخذ كل حقوقه، وأوقفت الاعتداءات عليه براً وبحراً وجواً من “إسرائيل”، ومحاولات قضم أراضيه أو ثرواته، فيكون أيضاً عامل استقرار وسلام في المنطقة”.
ولفت باسيل إلى أنه “طرحنا رؤيتنا حول وجوب إنشاء السوق المشرقي الذي يضم لبنان وسورية والعراق والأردن، وفلسطين طبعاً عند إنشاء الدولة، وكيف لهذا الإطار الاقتصادي أن يسهم ايجاباً باستقرار المنطقة، ويساعد في إعادة إعمار سورية والعراق، وإنهاض لبنان من محنته الاقتصادية المالية”، وأوضح “تعرضنا لمشرقية لبنان وأهميّة دوره ووجوده في هذا المشرق، وكيف أنه بتنوعه واستقراره يمكن أن يكون عامل ايجابي لازدهار المنطقة”.
باسيل أشار إلى أنه “في هذا الإطار، يأتي موضوع الغاز والنفط في البر والبحر، ربطاً بكل مصافي وأنابيب النفط والغاز الآتية من الشرق باتجاه الغرب، وكيف من الممكن أن يكون منتدى غاز ونفط الشرق إطاراً جيداً لذلك”، وأشار إلى أن “بعض السياسات الدوليّة ساهمت بتهجير المسيحيين من الشرق”، آملاً من السياسة الروسيّة أن “تساهم بتثبيتهم فيه وإعادتهم إليه ليتعايشوا ويتآخوا ويساهموا في سلام المنطقة”.
باسيل تناول الدور الروسي في المنطقة، وقال إن “لروسيا أدوار عديدة في المنطقة ولبنان، تصب في مصلحتنا ومنها إحقاق التوازن الدولي في المنطقة، ولعب دور إيجابي في عملية السلام على قاعدة الحقوق وليس على قاعدة العنف والقوة”.
يأتي ذلك فيما أعلنت باريس فرض قيود على دخول شخصيات لبنانية إلى أراضيها، تعتبرها “ضالعة في العرقلة السياسية الحالية أو ضالعة في الفساد”، حسب ما جاء في بيان لوزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان.
وخلال زيارته إلى مالطا، اليوم الخميس، أكد لودريان في بيان أن “على المسؤولين عن العرقلة أن يدركوا أننا لن نقف مكتوفي الأيدي”، مضيفاً “نحتفظ بالحق في اتخاذ إجراءات إضافية في حق كل من يمنع الخروج من الأزمة”، من دون أن يشير البيان لنوع القيود ولا عدد الأشخاص المعنيين وأسمائهم.
وسبق أن اتهم لودريان مطلع الشهر الجاري القوى السياسية اللبنانية بأنها “تتعنت عن عمد ولا تسعى للخروج من الأزمة”.
ودخل لبنان في جمود سياسي خانق ضاعف من معاناته الاقتصادية، إذ فشلت القوى السياسية حتى الآن في تشكيل حكومة بديلة بعد استقالة حكومة حسان دياب، عقب انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020. ولم يتمكن رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري من تشكيل حكومة منذ تشرين الأول حتى الآن، مع أسوأ أزمة اقتصادية يعيشها لبنان في تاريخه الحديث. في ظل انهيار سعر الليرة اللبنانية أمام الدولار الأميركي، وقرب رفع الدعم عن المواد الغذائية والمعيشية.
وعلى الرغم من ثقل الانهيار الاقتصادي والضغوط الدولية، التي تقودها فرنسا خصوصاً، لا تزال الأطراف السياسية عاجزة عن الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة قادرة على القيام بالإصلاحات المطلوبة.