إرث فلويد بين أمريكا وبريطانيا
ترجمة: هناء شروف
قبل عام قُتل جورج فلويد في مينيابوليس بالولايات المتحدة، مما أدّى إلى احتجاجات عالمية حول عدم المساواة العرقية، لكن في غضون أشهر تمّت إزالة مئات الرموز الكونفدرالية أو نقلها أو إعادة تسميتها، حتى جاء الرئيس جو بايدن إلى البيت الأبيض ووعد بإنهاء ثقافة العنصرية المنهجية.
على النقيض من ذلك، في بريطانيا، سعت الحكومة إلى شيطنة قضية العدالة العرقية لتحقيق مكاسب سياسية، فقد خرجت المئات من المسيرات المناهضة للعنصرية في البلدات الصغيرة والمدن الكبرى في بريطانيا الصيف الماضي. وفي بريستول، أُسقط تمثال لإدوارد كولستون، تاجر رقيق من القرن السابع عشر. وبعد نشر رسالة مصاغة بعناية بعنوان “أنا أسمعك” في صحيفة “ذا فويس”، غيّر بوريس جونسون سلوكه، وقام بالتغريد بأن إزالة التماثيل كان هدفه “الكذب بشأن تاريخنا”، مع التركيز على الكتابة على الجدران المرسومة على قاعدة تمثال وينستون تشرشل في وستمنستر.
أراد السيد جونسون استغلال العنصرية لربح عدد قليل من أصوات “الجدار الأحمر”، وهو مصطلح يشير إلى المناطق التي تميل إلى الولاء لحزب العمال في بريطانيا، وأنه بدلاً من إجراء نقاش حول العرق في بريطانيا، قرّر رئيس الوزراء أن يصرخ بكل من يحاول إجراء هذا النقاش، وهذا دليل على أن بريطانيا لديها معضلة في مواجهة هذه المشكلة، لكن لا يريد جونسون التعامل مع مخاوف لها ما يبرّرها بشأن الظلم العنصري، بل هو يريد منع الناس من التعبير عنها.
في الولايات المتحدة، هناك قبول بأن العنصرية هي آفة منتشرة يجب معالجتها، ومن الضروري إجراء محادثة حول العنصرية النظامية ويلزم اتخاذ إجراء لتفكيكها، ويجب على الكونغرس الأمريكي تمرير قانون جورج فلويد للعدالة في الشرطة الذي يلغي الحصانة المؤهلة كحماية قانونية لضباط الشرطة المارقين. أما في بريطانيا فقد أكدت مؤسسة “تشاريتي انكويست” أنه لم تتمّ إدانة واحد في إنكلترا وويلز بارتكاب جريمة قتل أو القتل العمد بعد وفاة أيّ متهم في السجن أو بعد تعامله مع الشرطة منذ عام 1990.
اندلعت احتجاجات المملكة المتحدة بعنوان “حياة السود مهمة” على خلفية فيروس كورونا الذي زاد من تركيز الانتباه على عدم المساواة بين العرق والطبقة، لقد كان عدم المساواة العرقية موضوع مراجعات متكررة وجزءاً لا يتجزأ من سياسات المؤسسات العامة والخاصة، ويحاول جونسون احتواء الغضب العام من العنصرية من خلال سنّ إجراءات تمهّد الطريق للشرطة لاستخدام الاعتقالات الجماعية أثناء الاحتجاجات كتكتيك للسيطرة على الحشود.