صناعة العرقوب تحكمها الصعوبات.. والصناعيون على موعد مع معرض خارجي
حلب – محمد ديب بظت
ثمّة صعوبات يواجهها الصناعيون في منطقة العرقوب الصناعية بمدينة حلب، حيث تستنبط من الشوارع المتصدعة والمملوءة بالحفر، مدى المقاربة في عرقلة سير الصناعي نحو طريق إنجاز مهامه وعملية إنتاجه بشكل سليم، فأصحاب المنشآت، ما صغر منها وما كبر، ينتظرون القرارات العملية التي من شأنها إعادة صناعة مدينتهم إلى ألقها.
“البعث” جالت في المنطقة والتقت رئيس لجنة العرقوب الصناعة تيسير دركلت الذي نقل الوضع القائم للصناعة ومطالب الصناعيين ومشكلاتهم، مؤكداً أن الصناعة عملية مركبة تعتمد على عدة أطراف، ولها مدخلات ومخرجات، يندرج في نطاق الأولى الطاقة والمحروقات والمواد الأولية والنقل، وينطوي تحت الأمر الآخر عملية التسويق وتصريف البضائع، وهذه الأمور المذكورة يعاني منها الصناعي على الأصعدة كافة.
ضرائب خفية
وبدأ دركلت حديثه عن الصعوبات بالإشارة إلى موضوع الطاقة الكهربائية، حيث يتمّ توصيل التيار إلى المنطقة الصناعية عشر ساعات يومياً من الثامنة صباحاً حتى السادسة مساء، معتبراً أنها غير كافية، ولاسيما في العمل خلال فصل الصيف، فضلاً عن موضوع المحروقات اللازم لتشغيل المعامل، إن كان لتوليد الكهرباء أو الاحتراق كالمصايغ والمحامص، على اعتبار أن المحروقات غالية الثمن، أما المازوت المدعوم فإن الصناعي “لا يتلقاه سوى شذرا”، حسب وصف دركلت الذي اعتبر أنه في الوقت الذي يسعى الصناعي لتخفيض تكلفة الإنتاج بغية وصول المنتج إلى المواطن بسعر مقبول، إلا أن هناك بعض الأمور التي تعترض ذلك الصناعي وتحدّ من إنجاز تلك العملية، ففي الوقت الذي خفض المصرف المركزي سعر الصرف بحدود 30 بالمئة لاستيراد المواد الأولية برزت مشكلات أخرى أطلق عليها دركلت مسمّى الضرائب الخفية، مثل غلاء ثمن المحروقات أو فقدانها، ما سبّب ارتفاع أجور النقل، فضلاً عن ارتفاع سعر الدولار الجمركي والرسوم الخاصة بالأرضيات الصناعية، معتبراً أن مثل تلك الأمور لا يشعر بها المواطن، وإن تدخل المصرف وتخفيضه 30 بالمئة تلك لم تخدم الصناعي، وبالتالي ما زال المستهلك يشتري المنتج بسعر مرتفع.
ازدواجية ضريبية
واستطرد رئيس لجنة العرقوب الصناعية حديثه بأن هناك أشياء غير ظاهرة كتلك التي ذكرت أعلاه، وتتمثل في ارتفاع أجور اليد العاملة وتأمين البنزين لسيارة الصناعي وشرائه من السوق السوداء بسعر خمسة آلاف ليرة، وكل هذا يدخل في تكاليف إنتاج الصناعي، كما تساءل عن سبب عدم اعتراف الجمارك بالبيانات الجمركية للبضائع القديمة، علماً أن المواد الأولية التي تدخل في الصناعة ليس لها عمر افتراضي أو صلاحية محدّدة، ومن الطبيعي أن يحتفظ بها الصناعي كالخيط والحديد والكروم وقطع الكهرباء، وعليه لا تعترف الجمارك بتلك البيانات، ولم يتوصل المعنيون إلى حلول خاصة بهذا الموضوع، مشيراً إلى أن تعميم الجمارك وشملها لكل بيانات البضائع أدى إلى إيجاد المشكلة!.
واعتبر دركلت أن بعض القوانين التي صدرت قبل الحرب لا تتناسب والظرف الحالي، كقانون النظافة للمناطق الصناعية، إذ من المفترض أن يتكفل الصناعي بترحيل مخلفاته الصناعية، لكن ومع مسؤولية الصناعي تلك تفرض عليه ضريبة نظافة، معتبراً أنها أشبه ما تكون بازدواجية ضريبية، فإما أن يرحل الصناعي مخلفاته دون ضريبة نظافة، أو أن تتكفل جهة بترحيلها، ما يستوجب دفع تلك الضريبة، مشيراً إلى أن مشكلة المحروقات العامة وبعد أمكنة المكبات تأتي من ضمن العقبات التي يواجهها الصناعي.
وأبدى دركلت في الوقت نفسه أمله بقانون الاستثمار الجديد الذي أعطى أريحية للمستثمر لما يتضمنه من إعفاءات ضريبية تشمل المواد الأولية والآلات والسيارات، وإعفاءات مؤقتة ودائمة، الأمر الذي سيساهم في جذب رؤوس الأموال على أقل تقدير.
إغفال نهائي
وعن الزيارات الحكومية المتكررة لمدينة حلب، وماذا لمس الصناعيون من تغيّر، أجاب دركلت أن الصناعة والإنتاج لم يكونا ضمن أولويات الحكومة، وهذا ما توصل إليه الصناعيون من خلال عدم التجاوب مع مطالبهم، أما في الوقت الحالي فهناك نفس جديد يأمل الصناعي من خلاله خيراً، معرباً عن رغبته في أن تتشاور الجهات المعنية والوزارات المختصة مع الجهة المنتجة في سنّ القوانين كي تكون جزءاً من صناعة القرار، لأن الصناعة سلسلة واحدة ومن غير الممكن وجود خلل في أية حلقة، وهي تحتاج إلى بيئة مناسبة للاستثمار وقرارات ترعى وتحفظ الصناعي، مع أهمية وجود جهة تراقب وتتابع ما أنجزه الصناعي.
وفيما يخصّ دور غرفة صناعة حلب وتقديمها لمقترحات تقدّم إلى المعنيين، أكد دركلت وجود لجان للمناطق الصناعية ولجان تخصصية تجتمع بشكل دوري أو طارئ وترفع المذكرات الخاصة والمطالب الصناعية للجهات المعنية، وأن بعض تلك المقترحات يجري الردّ عليها والبعض الآخر تغفل نهائياً.
تميز ونوعية
وتحدث دركلت عن أن منطقة العرقوب تشمل جلّ القطاعات الصناعية لكن بنسب تمثيل مختلفة، حيث إن القطاع النسيجي يأتي في مقدمة الهرم بنسبة 45 بالمئة، ويأتي من بعده القطاع الهندسي ثم الكيميائي وأخيراً القطاع الغذائي، وما يميّز المنطقة أنها لا تحتوي فقط على معامل بل تمتد إلى وجود حرفٍ متناهية الصغر، وهذه تتمتع بمرونة أعلى وتشغل يداً عاملة أكثر ومنتجة بشكل أكبر.
وأكد دركلت جاهزية الصناعيين للمشاركة في معرض “صنع في سورية” المزمع إقامته في العاصمة العراقية بغداد خلال تموز المقبل، موضحاً أن الصناعيين يعقدون عليه الكثير من الآمال، لأن مشاركتهم لن تنحصر فقط بكثافة عرض المنتجات وإنما بنوعيتها، بهدف إيصال رسالة مفادها أن هذه الدولة التي حاربها العالم أجمع ما زالت تنتج وموجودة ولا يمكن لأحد أن يمحوها من خارطة الصناعة.