ذهنية غائبة وأداء رديء يضعان اتحاد كرة القدم والمدرب في قفص الاتهام
زادت خسارة منتخبنا الكروي أمام الصين أمس من أوجاع ومشاكل كرتنا، فلم يعد بالإمكان سماع الأعذار نفسها، وتكرار سيناريوهات مؤتمرات اتحاد اللعبة عقب كل مطب وقعنا فيه في المباريات الودية الأخيرة، الأجدى الآن الاعتراف بالأخطاء، وإجراء تقييم موضوعي بالسرعة الممكنة لما قدمه مدرب منتخبنا نبيل معلول من إضافة على المنتخب الذي كان قد قطع أكثر من نصف المسافة للتأهل مع مدربنا الوطني فجر إبراهيم، فالوقت لم يعد في صالحنا أبداً، وما زال بإمكاننا التعويض إذا حضرت الإرادة القوية التي تتناسب مع طموحات الشارع الرياضي. وإذا أصر اتحاد اللعبة على الإبقاء على المعلول فعليه التدخل بشكل مباشر في عدد من النقاط الهامة على الأقل للاستفهام عنها وإيضاحها، كطريقة اللعب، والتبديلات، واللاعبين، والأهم من ذلك حضوره مع لاعبينا المحترفين بشكل دوري لإقامة معسكرات هدفها زيادة التفاهم والانسجام بين اللاعبين، فمن غير المنطقي أن ندخل التصفيات النهائية لمونديال قطر 2022 معتمدين على الروح القتالية التي كانت السبب في رفع معنوياتنا في التصفيات الأخيرة لمونديال روسيا 2018.
وبالعودة إلى المباراة، لم يستطع منتخبنا تقديم أي شي في الملعب، فالوضع كارثي بكل ما للكلمة من معنى، وما أثار الاستغراب عدم تلقي شباكنا لأي هدف في الدقائق العشر الأولى من عمر المباراة، مع الإشارة إلى التألق المعهود لقائد منتخبنا وحارس مرمانا إبراهيم عالمة الذي أنقذ الفريق من أهداف عدة شبه مؤكدة، علماً أنه تسرّع في الخطأ الذي تسبب بركلة جزاء حققت للخصم الهدف الثاني.
لقد كانت المباراة في حقيقة الأمر محصورة بين العالمة والمنتخب الصيني فقط، حتى الدقيقة 30 من الشوط الأول، حيث اعتمد المنتخب الصيني بقيادة مدربه لي تي على الكرات الطويلة، خاصة على الأجنحة، وظهر الفارق البدني بشكل واضح جداً، وتطور بشكل لافت لجهة اللعب على الأطراف، إضافة إلى الاعتماد على الكرات العرضية، وهو أسلوب يشبه الكرة الانكليزية، طبعاً مع الضغط المستمر طوال دقائق المباراة، ونتيجة الضغط الكبير اضطر منتخبنا للعب على الكرات الطويلة، فلماذا لم ينجح فيها كما نجح منافسه الصيني؟
ولعل الجواب يكمن ببساطة في أن منتخبنا غير متمرّس بها، ولعل المراقب لأدائه في الأشهر الماضية سرعان ما يوقن بأنه غير متمرّس بأية طريقة، فمنتخبنا لم يستطع بناء أية هجمة صحيحة، “ثلاث تمريرات بالكاد وتقطع الكرة”، وكان المفروض أن تكون مباراتانا مع منتخبي غوام والمالديف فرصة لتطبيق طريقة لعب واضحة تعتمد على بناء هجمة منظّمة، لكن ذلك لم يحصل، إضافة إلى الخلل في دفاعاتنا وطريقة تعاملهم مع الكرات المرتدة، حيث ظهر مدافعونا وكأنهم يلعبون الكرة في الأحياء الشعبية “رجوع للخلف دون تمركز مدروس أو واضح”، وهو ما تسبب بالهدفين الأول والثالث، فخرج الأمر عن السيطرة وخسرنا المباراة.
ومن الأمور المستغربة جداً في أسلوب المعلول التمرير أثناء تأدية الركلات الركنية عوضاً عن رفع الكرة، لأن المنافس حفظ أسلوبنا وقرأه بشكل جيد، وبالتالي لم نستطع الاستفادة من الكرات الثابتة أبداً.
وفيما يخص التبديلات يمكن القول إنها الشعرة التي قصمت ظهر البعير، فيوسف محمد الذي نزل إلى أرضية الملعب ظهر بمستوى ضعيف، سواء لجهة عدم اللحاق بالكرة والعودة بأقصى سرعة إلى الدفاع، أو لجهة عدم الارتداد ومساندة الخطوط المتقدمة، كما أن إرجاع إياز عثمان مكان كامل حميشه، وإخراج الأخير، كانا من أكبر الأخطاء التكتيكية لمدربنا المعلول، فقد خفض الفعالية الهجومية غير المجدية أصلاً، وكان الأجدر به اللعب بأكثر من مهاجم خلال الدقائق الأخيرة، والرضوخ لمطالب الشارع الرياضي بتجربة هداف الدوري محمود البحر.
وأخيراً، إن الحضور الذهني الغائب تماماً في كل الخطوط كان نقطة لم نعرف كيف نستغلها أيضاً عندما غاب لدقائق عند المنافس بعد هدف التعادل، وكان الأجدر استغلال وضع منتخب الصين خلال فترة “ما بعد هدف التعادل”، وتحصين خط وسطنا ودفاعنا، وبالتالي من الصعب جداً أن يصل هذا المنتخب بهكذا عناصر وهكذا أداء إلى مراحل متقدمة في كأس آسيا، فكيف بالتأهل إلى المونديال، لذا سيكون القرار القادم من اتحاد كرتنا الخطوة الأهم في طريقنا إلى المونديال!.
سامر الخيّر