زهرة النيل تهدد نهر العاصي.. ووسائل مكافحتها لم تجد!
حماة – حسان المحمد
تُقرع أجراس الإنذار مجدداً من أجل مكافحة زهرة النيل السامة المنتشرة في مجرى نهر العاصي، خاصة في سد محردة ومنطقة الغاب منذ ما قبل عام 2009، ورغم جهود وزارة الزراعة في مكافحة الزهرة، إلا أن الوسائل لم تحد من انتشار هذه النبتة السامة، وما زالت تنتشر بكثافة على المسطحات المائية لنهر العاصي مهددة بكارثة بيئية تضاف إلى ما هو موجود من الكوارث، وبأضرار جسيمة كالتأثير على عمل محطات ضخ مياه الأنهار، وعلى حركة جريان الماء في الأنهار وأقنية الري والصرف، ما يؤدي إلى تكاثر الذباب والبعوض والحشرات التي تهاجم الإنسان والحيوان معاً، كما تستهلك النبتة كمية كبيرة من الأكسجين المنحل في الماء ليؤثر على حياة الحيوانات المائية، بالإضافة إلى إعاقة الملاحة، وقد تسبب أيضاً ضغطاً كبيراً على الجسور العامة المنصوبة على الأنهار، ما يؤدي إلى إزاحتها كما حدث في دول مجاورة.
التعزيل الميكانيكي
أما طرق مكافحتها فتتم عبر التعزيل الميكانيكي، حيث تستخدم القوارب والبواكر أو الحصادات المائية، ويعتبر الوقت الأمثل لهذه المكافحة خلال شهري شباط وآذار، وفي بداية شهر تشرين الأول لتوقف العشبة عن التكاثر والنمو، أما الطريقة الأخرى فهي المكافحة الحيوية عن طريق إطلاق سوسة زهرة النيل التي تعتبر من أهم الأعداء الحيوية المستخدمة للمكافحة، حيث تم إطلاقها في سد محردة عام 2011، ولوحظ الانخفاض الحاصل في طول العشبة من 150سم إلى 50 سم، إضافة إلى تآكل الأوراق وصغر حجمها، ومهاجمة العدو الحيوي لقواعد الساق والأوراق.
وفي هذا الصدد أوضحت رئيس دائرة وقاية النبات في مديرية الزراعة المهندسة رشا العلي أن تربية وإكثار العدو الحيوي يجريان في مخابر وزارة الزراعة في حماة وطرطوس ليتم إطلاقه في المواعيد المناسبة، وذلك في بداية شهري نيسان وأيار كون التعزيل الميكانيكي في هذا الوقت مكلفاً وغير مجد.
تشكيل لجنة
وبيّنت العلي الإجراءات التي تم اتخاذها لمكافحة هذه الآفة، وذلك بعد الاجتماع الذي حصل في سد محردة بحضور كافة الجهات المعنية، وأهمها تنفيذ حملة مكافحة ميكانيكية في شباط وآذار عام 2021، حيث تم تأمين لوازم تنفيذ الحملة في المديريات المعنية، مشيرة إلى أن المساحة المقدرة من أجل المكافحة ميكانيكياً حوالي 1هكتار، وتم تشكيل لجنة برئاسة عضو المكتب التنفيذي لقطاع الزراعة في المحافظة بإشراف وزارة الزراعة، وعضوية الجهات والوزارات المعنية، وحددت مهمة كل جهة وفق المصفوفة التي تم اقتراحها في الاجتماع وفق برنامج زمني محدد، ومتابعة عمليات إطلاق الأعداء الحيوية في الوقت المناسب، وتحديد بدء العمل بالمكافحة الميكانيكية بتاريخ 1 تشرين الأول 2021، ومتابعة تنفيذ إنشاء حواجز مائية متحركة في بحيرة سد محردة لتقسيم سطح البحيرة على قطاعات، ومتابعة تنفيذ إنشاء حاجز شبكي معدني عند جسر شيزر لمنع انتقال العشبة من سد محردة إلى أقنية الري في الغاب، ومتابعة تأمين الحصادة المائية الآلية، وتأمين العدد اللازم من القوارب والبواكر في الوقت المناسب، بالإضافة إلى عقد اجتماعات دورية للمعنيين.
إعاقة الصيانة
ولم تسلم محطات ضخ المياه من ضرر الزهرة المذكورة، حيث تعيق الفنيين والعمال من شركة توليد الكهرباء عن الوصول وإجراء عمليات الكشف والصيانة، حسب تأكيدات مدير الشركة العامة لتوليد كهرباء محردة علي هيفا الذي أشار إلى حجم الضرر والكميات الكبيرة من المياه التي تمتصها زهرة النيل وتطرحها للجو دون الاستفادة منها في عمليات الري، وكذلك في مجرى النهر حتى سد العشارنة، وفي أقنية الري في الغاب التي تنتشر فيها زهرة النيل، بالإضافة لاختفاء الثروة السمكية من بحيرة سد محردة بسبب حجب وصول الضوء إلى مياه البحيرة.
إجراءات سابقة
الجدير ذكره أن الشركة منذ عام ٢٠١٤ قامت بنصب حاجز ميكانيكي عائم يتشكّل من أنبوب بلاستيكي بقطر ٥ انش وسماكة واحد سنتيمتر وطول ٢٣٠ متراً، بداخله طلب فولاذ بقطر ٢٠ ملم، وكانت فعالية هذا الحاجز جيدة جداً في التخفيف من وصول زهرة النيل إلى منطقة المضخات، وبالتالي بقاء إمكانية الوصول للمضخات لصيانتها والكشف عليها.
حتى الأسماك
تعتبر الزهرة من أخطر النباتات ضرراً على الإنسان وبيئته في العالم، حيث تمتص كل واحدة يومياً ما بين أربعة إلى خمسة ليترات من الماء، ويمكنها أن تجفف موارد المياه، ولا توفر شيئاً من مجاري المياه، وتقلل من سرعة التيار المائي الضروري لتزويد الأسماك المستزرعة بالأكسجين المذاب، ودفع الفضلات وبقايا الغذاء، خاصة نظام التربية في الأقفاص العائمة وفق كلام المهندس محمود عيسى مدير فرع المنطقة الوسطى للثروة السمكية الذي اعتبر أن خطورة الزهرة تأتي من تواجدها بالقرب من مزارع الأسماك، أو ضمن بحيرات الأسماك، واستنزاف الأكسجين المذاب في الماء عن طريق التنفس في أوقات الليل عند توقف عملية التمثيل الضوئي، وتطرح غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يسبب مشاكل كبيرة للأسماك أبرزها الاختناق والنفوق، كذلك تستقطب زهرة النيل طيوراً وسلاحف وأفاعي يمكن اعتبارها عدواً حيوياً للأسماك وبيئاتها، فضلاً عن مسببات مرضية أخرى كالطفيليات والفطريات والبكتريا.
رأي اختصاص
وبحسب الاختصاصيين، فإن خطورة هذه الزهرة تتمثّل بكونها تنمو بمعدلات عالية جداً، إذ بإمكان النبتة الواحدة أن تنتج آلاف النبتات خلال موسم التكاثر الذي يبدأ من شهر أيار ولغاية شهر تشرين الثاني.
ويعتبر الاختصاصيون أن أفضل طريقة للتخلص من النبتة من خلال استئصالها من الجذور بشكل يدوي، باعتبارها تتكاثر عبرها، وبعد ذلك يتم تقطيعها ثم تجميعها وتجفيفها ليتم حرقها بالنهاية، خاصة أن عملية الحرق لا تؤثر بانتشار أبخرة الرصاص والكادميوم، كون هذه العناصر الثقيلة تحتاج إلى درجات حرارة مرتفعة جداً للوصول لحالة التبخر.