أقـل مـا يـقـال.. صمام الأمان..!
“البعث الأسبوعية” حسن النابلسي
لا شك أن تراجع مساحة الحيازات الزراعية يحز في نفس كل غيور على وطنه ومستقبله..!
والمؤسف أن تقلص هذه الحيازات عاما بعد عام يحصل على مرأى كل من الحكومة والمواطن، فالأولى لم تتدخل بالشكل الأمثل لدعم المساحات المزروعة عبر سياسات واستراتيجيات واضحة وشفافة تضمن الحفاظ عليها واستمرارها بالعطاء والتنمية، كما أن غياب وعي الشريك الثاني (المواطن) كان جلياً من خلال استهتار البعض بأراضيهم، إما بهجرانها وعدم استثمارها، أو اللجوء لتكثيف استثمارها بهدف تحصيل أكثر من موسم خلال عام واحد، الأمر الذي يرهق تربتها دون الاكتراث باستنزاف موادها العضوية والحيوية…!
ولعل إحدى أهم التعديات المساهمة بتقليص مساحات الأراضي الزراعية تتمثل بالتوسع العمراني الأفقي مع تجاهل البناء الطابقي الأقل تأثيرا بتعديه على الأراضي الزراعية، إضافة إلى المبالغة – في بعض الأحيان – بتوسيع المخطط الإقليمي لبعض البلدات والقرى، وما ينتج عنه من قلع الأشجار وتقطيع أواصر الحقول والبساتين الزراعية بلا مبرر، دون أن تأخذ الجهات المعنية الاعتراضات المقدمة من قبل المتضررين من الأهالي بعين الاعتبار لتعديل ما يمكن تعديله، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الأراضي الزراعية من الغزو البيتوني المسلح..!
ولتصريف المياه المالحة الآسنة ورميها بالأراضي الزراعية تحت جنح الظلام قصة أخرى أكثر إيلاما مما سبق، فإلى جانب ما تلحقه هذه الظاهرة من أضرار على التربة وإخراجها من المنظومة الزراعية، هناك أضرار بيئية وصحية ناتجة عنها؛ ولعل الأدهى والأمرّ هنا ما تمارسه بعض فعاليات القطاع الخاص الصناعية من تجاوزات في هذا المجال من خلال تصريف مخلفات مصانعها إلى الأراضي الزراعية والوديان المجاورة دون مراعاة الحدود الدنيا من الشروط البيئية والصحية..!
الريف السوري زاخر بالمساحات الزراعية الجديرة بالاهتمام والاشتغال عليها كي تبقى صمام أمان لأمننا الغذائي، وخاصة ما تنتجه من محاصيل استراتيجية كالقمح والقطن والزيتون.. إلخ، ما يجعلها أوراقا رابحة بيد الحكومة السورية تستخدمها لدعم مواقفها السياسية، فيما لو تم الضغط عليها ومحاصرتها اقتصاديا؛ فهذه الأوراق تبقى بشكل أو بآخر حصنا وملاذا آمنا يمكننا من الاعتماد على ذاتنا، ما يتطلب بالنتيجة عدم ادخار أدنى جهد في هذا الشأن، ولاسيما في ظل ما تتمتع به بلادنا من مقومات زراعية، بدءاً من الأراضي الشاسعة مروراً باليد العاملة الخبيرة، وليس انتهاءً بالمناخ الملائم للعديد من الزراعات..