كوبا تتخذ خطوة أولى لمواجهة النقص الحاد في المواد الغذائية والأدوية
حثّ الرئيس الكوبي، ميغيل دياز كانيل، الكوبيين إلى عدم التصرف بكراهية بعد عدد من الحوادث التي انتهت بالتخريب، متهماً الولايات المتحدة بأنها تقف وراء أعمال الشغب، رغبة منها في إنهاء الثورة الكوبية.
ودعا كانيل إلى التضامن والمسؤولية الاجتماعية، وعدم السماح للآخرين بإدخال الكراهية، للسيطرة على الروح الكوبية. وقال “يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي بطريقة منفرة، وأعتقد أن هذا هو إرهاب إعلامي. فهم يدعون من خلال هذه الوسائل إلى القتل، لخلق حالة من عدم الأمان والذعر والتشويه”.
وكانت الحكومة الكوبية استنكرت دعوات موجَّهة من الخارج إلى إثارة الفوضى والعصيان المدني، والاستفادة من الوضع الصعب في الجزيرة الكاريبية نتيجة تفشي الوباء وتكثيف الحصار الأميركي.
وفي وقت سابق، أعلنت الحكومة الكوبية أنّها سمحت مؤقتاً للمسافرين الآتين إلى الجزيرة بأن يجلبوا معهم أغذية وأدوية ومواد للنظافة الشخصية أياً كانت قيمتها، وبدون أن يدفعوا رسوماً جمركية عليها.
وقال رئيس الوزراء مانويل ماريرو: إنّ الحكومة قرّرت “السماح بصورة استثنائية ومؤقتة بأن يجلب معهم الركاب في حقائبهم مواد غذائية ومنتجات نظافة وأدوية، من دون حدّ أقصى لقيمتها ومن دون ضرائب جمركية عليها”.
وأضاف خلال برنامج تلفزيوني شارك فيه الرئيس كانيل والعديد من الوزراء أنّ “هذا الإجراء سيسري حتى 31 كانون الأول”.
وكان تسهيل دخول الضروريات إلى الجزيرة أحد المطالب التي رفعها المحتجون الذين نزلوا إلى الشارع، بعدما تسببت الأزمة الاقتصادية في بلدهم بنقص حاد في المواد الغذائية والأدوية، ودفعت الحكومة إلى تقنين التغذية بالتيار الكهربائي لساعات عديدة يومياً.
يذكر أن كوبا تخضع لحصار أميركي منذ ما يقارب 60 عاماً، الأمر الذي حال دون وصول المساعدات الإنسانية إلى البلاد خلال الوباء، وهو ما أدّى إلى تدهور في الأوضاع الاقتصادية في الفترة الأخيرة.
والاثنين، اتهم كانيل الولايات المتحدة، بـ”اتّباع سياسة خنق اقتصادي لإثارة اضطرابات اجتماعية” في الجزيرة و”تغيير النظام” فيها، فيما وجّه وزير الخارجية الكوبي برونو رودريغيز اتهامات إلى الولايات المتحدة بالتورط المباشر في تنظيم الاحتجاجات والاضطرابات التي تعيشها كوبا منذ الأحد الماضي، مؤكداً أن الدعوات للتدخل الإنساني في كوبا على وسائل التواصل الاجتماعي قد تفتح الباب أمام تدخل عسكري أمريكي.
تحركات داعمة لكوبا في الأرجنتين وبوليفيا
في الأثناء، تواصلت التظاهرات الداعمة للحكومة في هافانا اليوم الخميس، وشهدت العاصمة البوليفية لاباز تظاهرات حاشدة أمام السفارة الأميركية دعماً لكوبا، وحمل المشاركون الأعلام، وردّدوا شعارات مندِّدة بالتدخّل الأميركي في شؤون كوبا الداخلية.
وفي الأرجنتين، تجمهر المئاتُ من المتظاهرين أمام السفارة الكوبية في بوينس أيريس، رفضاً للحصار الذي تفرضُه الولايات المتحدة على كوبا، وطالبوا برفع الحصار غير الإنساني المفروض عليها.
وطالب الرئيس الأرجنتيني ألبرتو فرنانديز برفع الحصار المفروض على كوبا، والذي وصفه بأنه “غير إنساني”، ورفض أيّ تدخّل خارجي محتمَل لتسوية الخلافات السياسية الداخلية. وقال “فرض حصار اقتصادي على بلد خلال جائحة أمر غير إنساني للغاية. الحكومة لا تعاني، بل الشعب”.
وفي السياق نفسه، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، اليوم الخميس، إن موسكو تعتبر أن تصريحات واشنطن بشأن الوضع في كوبا تحمل طابع الازدراء، وتدعو الولايات المتحدة إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية لهذه الدولة وتقديم مساعدة حقيقية.
وقالت زاخاروفا في تعليق نشر في موقع وزارة الخارجية الروسية: “لقد أذهلتنا البيانات الرسمية الصادرة عن الولايات المتحدة بشأن الحالة في كوبا في ما يتعلق بالأحداث الأخيرة”، مضيفةً أن “ازدراء واشنطن يتمثل بأنها طوال فترة وجود كوبا الثورية، اتبعت عمداً استراتيجية خنق البلاد والتمييز ضد شعبها وتدمير الاقتصاد”.
كما أشارت إلى أنّ الجانب الأميركي يعرض “بوقاحة” الأحداث التي وقعت في كوبا بوصفها تحدث نتيجة أخطاء الحكومة.
وتابعت زاخاروفا أنَّ “تصرفات واشنطن في ما يتعلق بكوبا هي خطوة سياسية أخرى، ومثال على ممارسة المعايير المزدوجة المتجذرة بعمق لدى الأميركيين، مع التطبيق الانتقائي للمعايير القانونية والتفسير المتحيز والمتباين للأحداث أو لأحداث مماثلة”. ولفتت إلى أن “نهجنا في هذا النوع من التقييم معروف جيداً”، مضيفة: “إننا نحث واشنطن على اتخاذ موقف موضوعي في النهاية، والتخلص من النفاق ومن القاع المزدوج في السياسة”.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية: “دعوا الكوبيين وحكومتهم وشعبهم يكتشفون ما يحدث ويقررون مصيرهم بأنفسهم”، مشيرةً إلى أن “المطلوب شيء واحد من الولايات المتحدة وأتباعها، وهو عدم التدخل في شؤون دولة ذات سيادة”. وتوجهت إلى واشنطن قائلة: “إذا كانت مهتمة حقاً بالوضع الإنساني في كوبا، وتريد مساعدة الكوبيين العاديين بطريقة ما، فعليها أن تبدأ برفع الحصار الذي رفضه المجتمع الدولي بأسره منذ البداية”.
وتضامنت موسكو أكثر من مرة مع كوبا، إذ أكدت وزارة الخارجية الروسية منذ يومين أنَّ موسكو مستعدة لتقديم الدعم الشامل لإعادة الوضع إلى طبيعته.
وفي لقاء جمع نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف والسفير الكوبي لدى روسيا خوليو غارمنديا بينا، قالت الخارجية الروسية: “تم التعبير عن الثقة المتبادلة في التطبيع السريع للوضع، والتأكيد على عدم جواز التدخل الخارجي والأفعال المدمرة الأخرى المشحونة بزعزعة الاستقرار في كوبا”.