سياسة التتريك في الغزو الثقافي وجرائم العثمانيين والإبادة الأرمنية في ندوة
“أردوغان ومن يقف إلى جانبه كانوا ومازالوا أعداء لهذا الوطن، لا يختلفون عن الكيان الصهيوني”، بهذا الاختزال المركّز قدم الإعلامي محمد خالد الخضر ندوة “الغزو الثقافي- ثقافة التتريك أنموذجاً” في المركز الثقافي العربي في “أبو رمانة”، والتي تميزت بالتوثيق والأدلة القاطعة والبحث الميداني، واستحضرت تاريخ العثمانيين.
سياسة التتريك والعثمانيون
انطلقت الدكتورة نورا أريسيان عضو مجلس الشعب من كلمة السيد الرئيس بشار الأسد أثناء أداء القسم، مركّزة على مقولته: “نحن شعب غني بتنوعه بأفكاره وتوجّهاته، لكنه متماسك ببنيانه”، وهذا يكون حافزاً للتفكير بعمق بسياسة التتريك، وما فعله الأتراك سابقاً، متوقفة عند أجدادها الأرمن الذين كانوا قبل مئة عام ونيف عرضة لسياسة التتريك والفكر الطوراني، إذ تعرّضت شعوب المنطقة بأكملها لهمجيتهم “العرب المسلمون والمسيحيون والأرمن والسريان والكلدان”، إلا أنهم أرادوا إبادة الأرمن، فهجّروا قسراً من أراضيهم في أرمينيا الغربية التي لاتزال محتلة من قبل تركيا، وساروا بعمليات سوقيات الأرمن إلى حلب ومنبج والرقة على طريق نهر الفرات لقتلهم بشكل جماعي بأساليبهم الوحشية، أما الناجون فوجدوا في سورية الحضن الدافئ، وبدؤوا حياة جديدة.
وانتقلت أريسيان إلى الغزو الثقافي التركي من خلال الدراما بمكر ودهاء فدخلوا من مدخل الحب والرومانسية عبر دبلجة المسلسلات التركية، ثم تخطوا الرومانسية إلى مجال تزوير التاريخ، وخرقوا كل المبادئ الإسلامية والمسيحية، وصولاً إلى العمل الأضخم إنتاجياً “حريم السلطان” الذي مجد العثماني وصدّر مقولة بأن التركي متفوق على العربي.
وتابعنا للأسف هذه الأعمال التي تتصف بسلاح القوى الناعمة للتأثير من خلال البصريات، إذ يظهر العلم التركي بشكل متكرر في مشاهد وصور أتاتورك، وروّجوا لمدينة حلب بأنها ضمن راية عنتاب التركية، كما كرروا مقولة “لا تكذب مثل إبادة الأرمن” لنفي جريمتهم الكبرى، وأدرجوا العربي بأمثال تسيء إلى مكانته، وأبرزوا الشخصية التركية بأنها شخصية مسالمة وصاحبة مشروع سلام كما في المسلسل الشهير “وادي الذئاب” بأجزائه المتسلسلة، إضافة إلى سرقة عناصر من مكونات التراث السوري ونسبها إلى التراث التركي، وسرقة نغمات شهيرة من مختلف جغرافية المدن السورية، وكذلك بعض الأطعمة من المطبخ السوري والأرمني. وتعدى الغزو الثقافي الدراما والتعليم والمناهج المدرسية ليصل إلى العمليات العسكرية، واستخدامهم مفردات مسيئة للعروبة مثل عملية: “درع الفرات، غصن الزيتون، نبع السلام”، وهي عمليات تقوم على القمع والقتل والقصف، صاغها محللون يريدون تنفيذ سياسة الهيمنة، كل هذه السياسات تعمل على فرض الهوية التركية، وطمس الهوية السورية.
المنح الدراسية وأبعادها
واستهل الدكتور بكور العروب حديثه بمقولة القائد المؤسس حافظ الأسد: “الثقافة هي الحاجة العليا للبشرية”، مشيراً إلى أهمية التبادل الثقافي، فنحن لسنا ضد هذا التبادل، وإنما ضد الغزو الثقافي، والإرهاب الذي يمارسه النظام السياسي التركي برؤيته، ولا يمارسه الشعب التركي الذي بدأ يعي ما يحدث، ويدرك ما يفعله أردوغان لتدمير الديموغرافيا.
وتطرّق العروب إلى سياسة التتريك التي انتشرت على صعيد التعليم أيضاً باستقطاب الطلاب وإرسالهم إلى تركيا بمنح دراسية بغية استغلالهم فيما بعد لأغراضهم العدائية، إضافة إلى بقية الممارسات التي تعد ضمن مشروع خطير جداً يقف في وجهه المشروع الوطني السوري ويتصدى له.
وتوقف العروب مطوّلاً عند تحرير الأراضي السورية من تركيا، وضرورة تحرير لواء اسكندرون الذي سُلب من سورية في عام 1939، وخطط لذلك منذ عام 1920، وكذلك ديار بكر وأورفة وأضنة وعنتاب، وبيّن استحالة أن تتفوق الثقافة التركية على الحضارة السورية التي يعود تاريخها إلى آلاف السنين، فحلب أقدم مدينة مأهولة في العالم، ودمشق أقدم عاصمة في التاريخ.
راية الحقد
وكانت التغييرات التي قام بها الأتراك ضمن سياسة التتريك في المناطق التي يسيطرون عليها، المحور الأساسي لمشاركة القاضي ربيع زهر الدين، مبتدئاً بسياستهم التي تقوم على الموت ورفع راية الحقد، فعاد إلى تاريخ العثمانيين الذين احتلوا الوطن العربي ولم يقدموا أية حضارة تنسب لهم، وأرادوا أن يكون الشعب العربي تابعاً لهم، موضحاً أنه من الصعب أن تكون الحضارة العربية والإسلامية تابعة للجهل والتخلف، مستحضراً تاريخهم الأسود بكتاب “بدائع الزهور في وقائع الدهور”.
وانتقل إلى مجازر الأرمن والأساليب الهمجية التي استخدمها العثمانيون لإبادتهم، لأنهم رفضوا الظلم والتبعية، وطالبوا بممارسة طقوسهم وحقوقهم الدينية، وببعض الإصلاحات، داعماً أقواله بالكتاب التوثيقي الذي ينشر الصور الفجائعية للإبادة الأرمنية بعنوان: “تقرير مصوّر لقوافل الأرمن” الذي حصل عليه من قبل السفير الأرمني في لبنان، وتابع بأن الرسالة المشتركة بين الأرمن والسوريين هي رسالة التجدد بالحياة، وأن الشعب الأرمني صاحب حضارة عريقة، ليتوقف عند ما قام به سليمان القانوني حينما دخل دمشق ونقل كل الحرفيين المهرة إلى اسطنبول، وتمت سرقة حرفة تعشيق الفضة والنحاس، كما فعلوا أثناء الحرب الإرهابية بسرقة معامل حلب إلى تركيا، واستبدلوا اللغة العربية باللغة التركية وفرضوها في المدارس، ورفعوا العلم التركي في كل الميادين والساحات مثل ساحة رأس العين التي أطلقوا عليها ساحة أنقرة، تعزيزاً لسياسة التتريك.
ملده شويكاني