حرب أفغانستان تستعر.. وتدريبات عسكرية روسية أوزبكية على الحدود الأفغانية
تخوض القوات الأفغانية الاثنين معارك لمنع سقوط أول مدينة رئيسية في أيدي طالبان، في تصعيد كبير حمّل الرئيس أشرف غني واشنطن المسؤولية عنه، في حين بدأت قوات من روسيا وأوزبكستان تدريبات عسكرية على الحدود، وسط مخاوف من تدهور أمني في أفغانستان.
فقد أفادت وزارة الدفاع الأفغانية بمقتل 36 مسلحاً من حركة طالبان في غارة جوية نفذتها القوات الأفغانية قرب مدينة لشكرغاه عاصمة ولاية هلمند جنوبي أفغانستان، وقال مصدر أمني: إن القوات الأفغانية تصدّت لهجوم شنّه مسلّحو طالبان على مقر مديرية “تخته بول” بولاية قندهار جنوبي البلاد، وأضاف أن القوات الأميركية قصفت مواقع لطالبان في مديريتي “تخته بول” و”بنجوايي”، في قندهار.
من جانبها قالت حركة طالبان إنها أوقعت قتلى وجرحى في صفوف القوات الحكومية بإطلاق قذائف على قاعدة جوية بولاية هرات.
وتشهد أفغانستان حالياً مواجهات بين القوات الحكومية وحركة طالبان، التي تسيطر على مناطق ريفية واسعة، وتشن هجمات متواصلة على مدن أفغانية كبيرة. وتزداد حدة التوتر في أفغانستان على خلفية وعود الإدارة الأمريكية بإنهاء عملية سحب قواتها من الأراضي الأفغانية قبل 11 أيلول القادم.
وفي هذا السياق، قال الرئيس الأفغاني محمد أشرف غني إنه تبيّن بعد الاجتماعات الأخيرة أن حركة طالبان لا تريد السلام، مضيفا أنه تم وضع خطة عسكرية شاملة وأن الوضع سيتغير خلال 6 أشهر.
وأضاف غني -في كلمة له أمام البرلمان- أن الحكومة قدمت تنازلات كبيرة لأجل السلام ولكن طالبان صعّدت الوضع في عموم البلاد، واتهم طالبان بأنها لم تقطع علاقتها بالإرهاب الدولي بل قوّتها أكثر، موضحا أن الحركة مخطئة في تقديرها بشأن الوصول إلى السلطة عبر القوة.
ودعا الرئيس لتوحيد الصفوف أمام طالبان، مؤكداً أن الانسحاب الفجائي للقوات الأميركية أوجد فراغا على الحكومة ملؤه.
وجاءت تصريحاته في وقت تخوض القوات الأفغانية معارك لمنع سقوط أول مدينة رئيسية في أيدي “طالبان” بعد هجمات شنها المسلحون على مراكز حضرية في إطار تصعيد كبير.
وهاجم عناصر “طالبان” عواصم ثلاث ولايات على الأقل هي لشكر قاه وقندهار وهرات، بعد نهاية أسبوع شهد مواجهات عنيفة نزح على أثرها آلاف المدنيين.
وتصاعدت حدة المعارك في لشكر قاه، عاصمة ولاية هلمند، حيث شن عناصر “طالبان” هجمات منسقة استهدفت وسط المدينة وسجنها، قبل ساعات فقط من إعلان الحكومة نشر مئات من عناصر الوحدات الخاصة في المنطقة.
ومن شأن خسارة لشكر قاه أن تمثّل ضربة استراتيجية ومعنوية كبيرة للحكومة التي تعهّدت الدفاع عن عواصم الولايات مهما كان الثمن بعد خسارتها معظم المناطق الريفية لصالح طالبان خلال الصيف.
ومن شأن سيطرة طالبان على أي مدن كبرى أن يفتح فصلاً جديداً في المواجهة، ويثير مخاوف حيال إمكانيات الجيش الأفغاني. وقال الخبير في الشأن الأفغاني المقيم في أستراليا نيشانك موتواني لفرانس برس: “إذا سقطت المدن الأفغانية… سيُنظر إلى قرار الولايات المتحدة الانسحاب من أفغانستان على أنه من بين الأخطاء الاستراتيجية الأبرز في السياسة الخارجية الأميركية”.
وفي ظل التطورات الأخيرة في أفغانستان، بدأت قوات من روسيا وأوزبكستان تدريبات عسكرية مشتركة اليوم الاثنين قرب الحدود الأفغانية وسط مخاوف في كلا البلدين من تدهور الوضع الأمني في أفغانستان تدهوراً قد تمتد تداعياته إلى آسيا الوسطى.
وذكرت روسيا أن 1500 جندي روسي وأوزبكي سيشاركون في التدريبات التي تستمر 5 أيام، والتي بدأت في موقع ترمذ العسكري بأوزبكستان، حسب ما أفادت وكالة تاس الروسية للأنباء.
كما أشارت وزارة الدفاع الروسية إلى أن 1800 جندي سيشاركون في التدريبات مع طاجيكستان بدلاً من العدد الذي كان مقرراً وهو ألف جندي، وأضافت أن أكثر من 2500 جندي سيشاركون في المجمل.
وتخشى موسكو أن يؤدي ذلك إلى زعزعة استقرار جبهتها الدفاعية الجنوبية ودفع اللاجئين إلى التدفق على فنائها الخلفي في آسيا الوسطى.
وفي السياق نفسه، أعلن مسؤولان باكستانيان رفيعا المستوى أن إسلام آباد ستعمل جنبا إلى جنب مع روسيا والصين من أجل إحلال السلام في أفغانستان، وفق ما أوردت صحيفة “اكسبرس تريبون” الباكستانية.
ونقلت الصحيفة عن مصادر لها اليوم الاثنين أن مستشار الأمن القومي الباكستاني معيد يوسف ورئيس جهاز المخابرات الفريق فايز حميد أكدا خلال لقائهما مع مسؤولين أمريكيين في الولايات المتحدة عزم باكستان التعاون مع موسكو وبكين في هذا المجال. كما حذر يوسف وحميد من مغبة انسحاب العسكريين الأمريكيين الكامل من أفغانستان، باعتبار أن ذلك سيمكن التنظيمات الإرهابية النشطة في البلاد، ومنها “القاعدة” من إعادة تجميع قواها وتحولها مع مرور الزمن إلى تهديد ليس لأمن المنطقة فحسب بل وكذلك لأمن الولايات المتحدة نفسها.
وذكرت الصحيفة أن باكستان روسيا والصين لا تزال تسعى للتعاون مع إدارة الرئيس جو بايدن حول أفغانستان، رغم أن خروج القوات الأمريكية من أراضيها يرافقه تصاعد المواجهات العسكرية بين القوات الحكومية الأفغانية ومسلحي حركة “طالبان”.