اقتصادصحيفة البعث

مجمع لإعادة تأمين المصارف وتعديلات وتطبيقات تضمن وصول الخدمة لمستحقيها

دمشق – فاتن شنان

مع أنه قدُر لسوق التأمين المحلي والذي يعاني ما يعانيه من ترنح منذ بداية الأزمة، أن يحقن بمجموعة من الحلول التي طرحت تحت نية الإنعاش، إلا أن القدر نفسه لم يسعف بتبريد الملف المسكون بسخونة الحرارة، ليكون مصيره المراوحة بالمكان زمناً طويلاً بين الدراسة والمناقشات، والمفارقة أن كل هذا الزخم لم يتمخض عن نتائج على أرض الواقع باستثناء مجمع إعادة التأمين المصارف  – تم طرحه نحو ثلاث مرات دون قرار- وأقر مؤخراً والذي اعتبره خبراء التأمين  خطوة أساسية لتمكين السوق المحلية من التحضر لمرحلة إعادة الاعمار، وفرض شروطها في التعاقد مع معيدي التأمين الخارجيين، ليبقى السؤال معلقاً: هل سنشهد تغييراً جذرياً في أداء سوق التامين المحلي واضطلاعه بمهامه وواجباته، لاسيما مع الحديث عن التحضير لتفعيل إعادة الممتلكات والنقل البحري.؟

تفاوض قوي

لاشك أن سوق التأمين المحلي عانى من منعكساتها الاقتصادية وضعف النشاط الاقتصادي والإنشائي بفترة الأزمة، بالتوازي مع انسحاب معيدي التأمين الخارجيين وبشكل خاص الأوروبيين من التعامل مع السوق السورية منذ عام 2012 ولاحقاً معيدي تأمين آسيويين وأفارقة وعرب في عام 2019 بفعل العقوبات الاقتصادية المتشددة وصعوبة التحويلات المالية من وإلى سورية، لذلك وبحسب مدير عام هيئة الإشراف على التأمين الدكتور رافد محمد فإن الهيئة تأمل من هذه الخطوة بناء خبرات نحن بأمس الحاجة إليها في فترة ما بعد الحرب، ومن شأنها تهيئة سوق التأمين السورية لتلك المرحلة كونها تستلزم وجود سوق مفتوحة تلائم متطلبات مرحلة إعادة الإعمار وما تحمله من نشاط لحركة الاستيراد والتصدير والمجال العمراني، وفي حال تطلب الأمر فيما بعد للتعاقد مع معيد تأمين خارجي، فستكون السوق المحلية في مكانة تفاوضية أقوى، وتمتلك إمكانية فرض شروطها والاستفادة من الفرص والتعاقد عليها وفق ما يناسبها، وغالباً ما يبحث معيدي التأمين عن فرص عمل في الأسواق الناشئة فيختار الأسواق القوية، وبالتالي نضمن قلب المعادلة الحالية التي تلزمنا في بعض الأوقات على عدم الاختيار إلى أن نكون مستهدفين من قبل معيدي التأمين مع وجود عدد من المجمعات في السوق المحليةً، بالتوازي مع العمل جاد لتفعيل إعادة تأمين الممتلكات الذي يشكل الهدف الأساسي لمعالجة مشكلة إعادة التامين في سورية وتؤسس لتغير جذري في واقع سوق التأمين.

وبين محمد أن  لجنة لدراسة الموضوع ضمت أهم الخبرات التأمينية الموجودة في السوق والممثلين لكافة الأطراف العاملة في السوق كهيئة الإشراف على التأمين والمؤسسة العامة السورية للتأمين وممثل عن شركات التأمين الخاصة، منها الشركة السورية العربية للتأمين والتي تعتبر من أكثر الشركات العاملة في مجال تأمين المصارف خلال تاريخ سوق التأمين السوري، إضافة إلى شركة الاتحاد العربي لإعادة التأمين وهي معيد التأمين الوحيد في سورية، وتوصلت اللجنة بعد دراسات متعلقة بالسوق السورية وبالأسواق العالمية وتحارب المجمعات العالمية إلى إعداد نظام أساسي وآلية عمل ونموذج وثيقة تأمين تغطي المصارف تسمى وثيقة BBB تغطية أخطار المصارف الشاملة.

توفير القطع

ويعتبر مدير عام هيئة أن المجمع له أهمية اقتصادية كونه يؤدي إلى توفير كتلة القطع الأجنبي التي كانت ستسدد سابقاً إلى معيدي التأمين الخارجيين، وذلك من خلال الاستفادة القصوى من الطاقات الاستيعابية لشركات التأمين المحلية، من خلال قدرتها المالية والفنية على تأمين هذه الأخطار، وساق مثالاً على ما كان معمول به سابقاً إذ كانت شركة تأمين تقوم بتأمين مصرف معين، -وهي حكماً – لا تستطيع حمل المخاطر بالكامل، وبالتالي تتشارك مع شريك خارجي وتأخذ نسبة متدنية جداً من هذا الخطر، وتقوم بإعادة تأمينه، ومنذ حوالي العاميين وماقبل كانت الإعادة تتم عن طريق معيدين خارجيين وبالتالي يتم سداد كتلة قطع أجنبي كبيرة لهم، ولكن مع هذه الخطوة ستقوم كل شركة تأمين بتحمل ما يوازي قدرتها الاستيعابية من هذا الخطر وتم الاتفاق على أن كل شركة ستتحمل 75 مليون كقيمة تأمينية من هذا الخطر، والمؤسسة السورية العامة للتأمين 450 مليون والمعيد المحلي “الشركة الاتحادية” تتحمل 900 مليون، وبالتالي المجموع سيكون أكثر من ملياري ليرة وهو الحد الأدنى للخطر، ولفت محمد إلى أنه بالإمكان رفع قيمة المبلغ من خلال من يرغب بزيادة احتفاظه من هذا الخطر، مؤكداً أنها تغطية حقيقية ومضمونة وشفافة وواضحة للجميع، إذ يضمنها كافة المشاركين واللجنة الفنية المشرفة على هذا المجمع، وسيؤدي هذا الأمر إلى إكساب السوق السورية الخبرة بالمجمعات كونه حالة جديدة فيها، وتعتبر مدخل إلى ثقافة المجمعات كخطوة أولى إيجابية وتؤسس لاحقاً لإقامة تأمين مجمع الممتلكات والمجمع البحري من جهة، وكخطوة تعاونية بين الشركات من جهة أخرى والتي كانت مفقودة سابقاً في حمل خطر معين، وحول سؤالنا عن مجمع التأمين الإلزامي أوضح محمد أنه ليس مجمعاً وإنما تجمع لتوزيع بوالص التأمين حسب الدور، فالشركة التي يأتي دورها تحمل الخطر كاملاً ولا تتوزعه مع بقية الشركات على خلاف المجمع الحالي المعني بتوزيع الخطر.

الخسارة الأولى

وبالتالي فإن بتلك الخطوة يمكننا القول: إن سوق التأمين مجتمعاً يؤمن كل مصرف من المصارف السورية بشكل كامل، ولفت مدير عام هيئة إلى أن هذه الخطوة ستنعكس على أداء المصارف، كون العلاقة سابقاً بين المصارف وشركات التأمين هي إصدار بوالص تأمين غير مكتملة، إذ يتم التأمين بمبالغ أقل وإن كانت المبالغ كبيرة، إلا أنها تخضع لشرط “الخسارة الأولى” وتم التأمين على سبيل المثال ب40 مليار ليرة كقيمة للأشياء المؤمنة، ولكن بوجود هذا الشرط فإن الشركة تتحمل خسارتها بملياري ليرة فقط أو أقل، على خلاف ما سيتم العمل عليه حالياً إذ أن المجمع سيغطي هذا المبلغ بشكل كامل وحقيقي، وأوضح محمد أن في آلية عمل التأمين هناك مصطلح ” التعرض” أي أن التعرض للخطر يكون بقيمة الملياري ليرة للمصرف كون وثيقة المصرف تتضمن سبعة أخطار أساسية على الأقل، أما اليوم تم منح ثمانية تغطيات بمعنى أي خطر سيقع في المصرف غالباً سيكون ضمن تلك القيمة، وبالتالي يلبي المجمع الغرض الذي يطمح له المصرف في تأمين أمواله، ونقل الأخطار من المصرف إلى شركة التأمين وبإمكانه تفعيل دوره في بث الطمأنينة وإمكانية استثمار الأموال من قبل المصرف بالتوازي مع تفعيل وتنشيط أعمال المصرف دون النظر إلى الأخطار.

محاولات عدة

وفي مجال معالجة مشاكل إعادة التأمين، بين محمد أن الهيئة تسعى لتعزيز الإعادة المحلية بين الشركات، وقد أدت شركة الاتحاد العربي لإعادة التأمين دوراً مهماً في هذا المسار كونها أخذت دور المعيد الرائد لتسع شركات سورية من أصل 13 شركة، والمعيد الرائد للمؤسسة العامة للتأمين، بطاقات استيعابية جيدة والمؤسسة أخذت جزء جيد من الأخطار من شركات التأمين الخاصة، مشيراً إلى أن هناك مجموعة من الأفكار مع تجديد الاتفاقيات خلال العام القادم، بالتوازي مع المحاولات العديدة مع أسواق الدول الصديقة ويتم العمل على عدة مجالات عسى أن تصل لخواتيم جيدة تخدم في موضوع اتفاقيات العام القادم لتعزيز الطاقات الاستيعابية،  وطرح محمد المشكلة الجوهرية المتمثلة بالطاقات الاستيعابية لاتفاقيات إعادة التأمين لا تلبي الغرض في تأمين المنشآت الضخمة، إذ يمكنها تأمين منشآت كبيرة الحجم نوعاً ما فقط، ولكن لدى مستوى معين تعجز شركات التأمين عن تأمين كون معيد التأمين أما غير موجود أو قدرته الاستيعابية محدودة، وهناك اتفاقيات لدى الشركات الأربع الباقية مع معيدي تأمين خارجيين.

التأخير بهدف..

وتحفظ مدير عام هيئة على الإعلان عن منتجات تأمينية جديدة ولكنه وشى بالتحضير الجاد لمنجزات جديدة ومهمة خلال الفترة القادمة، ولم يخف الجهد المبذول في ملف التأمين الصحي كونه أولوية لاسيما التأمين بشقه الإداري، والتأخير بإصدار قراره إعادة دراسة المسودات لأكثر من مرة وفي كل منها يخضع لتصويبات وتعديلات الهدف منها إخراجه بأفضل صورة ممكنة وتلبي الغاية منها، نافياً ما أشيع بأن التأخير لعدم وضوح الرؤية في الهيئة مؤكداً أن الهيئة أهل الاختصاص وتعمل بالتنسيق مع المؤسسة العامة للتأمين كونها حاملة الخطر، والدراسات تبنى على بيانات إحصائية مع الأخذ بعين الاعتبار وضع السوق والشكاوى المتكررة الورادة إلى الهيئة من قبل المؤمن لهم ومعاناة كافة الأطراف بمافيهم مقدمي الخدمة، بالتوازي مع الارتفاعات الطارئة على أسعار الأدوية مؤخراً الذي استوجب إجراء تعديل يتناسب معها.

عبء ملحوظ

وبين محمد أن بوليصة التأمين اليوم تشكل عبء على المواطن كونه يدفع فروقات الأسعار في المعالجات والمخابر والمشافي، كون التأمين حالياً في ظل التضخم وغلاء الأسعار يغطي نصف القيمة فقط، ولذلك لابد أن تأتي البوليصة لتخفيف هذا العبء عن المؤمن لهم بشكل ملحوظ، بوجود ضوابط لوصول الخدمة لمستحقها الفعلي منها ما يتعلق بسرعة السداد لمقدمي الخدمة الطبية إذ طرأ تحسن ملحوظ في هذا السياق بحد أقصى لوصول مستحقاتهم المالية لاتتجاوز الشهر ونصف على مستوى الشركات الخاصة والمؤسسة العامة ما يعني نقطة جذب أكبر لانضمام مقدمي الخدمة إلى الشبكة الحالية، كما اعتمد تطبيق الواتس أب لشرح كامل للخدمة الطبية والاستخدام الصحيح لها، بالتوازي مع مواقع التواصل الاجتماعي والرسائل النصية مع اللقاءات مع كافة الجهات المؤمنة منها وزارة التربية التي تمتلك أكبر عقد تأمين صحي وكافة الجهات على امتداد مناطق القطر، وينعكس هذا النشاط بكثافة ورود أسئلة وشكاوى لهيئة الإشراف  لافتاً إلى ان أي شكوى تعالج خلال 24 ساعة فقط، وتم الطلب من شركات إدارة النفقات الطبية البالغ عددها ثمان شركات بمهلة ثلاثة أشهر بدأت من الشهر الماضي لاعتماد تطبيق على الموبايل يشابه تطبيق البطاقة الذكية من شأنها التوضيح الكامل لكل مؤمن لما يملك من رصيد في كافة التغطيات والأدوية، وما تبقى له من رصيد بعد كل استخدام، وتكلف الشركة بتحميل التطبيق لكل مؤمن منذ لحظة إصدار بوليصة التأمين.