حرائق تركيا المستعرة تكشف عجز حكومة اردوغان عن مواجهة الأزمات
يواجه رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان وحزبه الحاكم “العدالة والتنمية” واحدة من أكبر أزماته منذ توليه السلطة قبل 18 عاماً، كما يواجه انتقادات متزايدة بسبب سوء استجابتهما وعدم استعدادهما لاحتواء حرائق الغابات، التي دمّرت سواحل بحر إيجة والبحر الأبيض المتوسط في تركيا، بينما تعاني الحكومة التركية مشاكل متراكمة نتيجة الفشل في إدارة البلاد، على غرار الأزمة الاقتصادية وانهيار الليرة، وعزلة تركيا بسبب السياسات الخارجية العدوانية والتدخلات العسكرية في أكثر من منطقة.
فالأتراك، الذين يشعرون بالفعل بعواقب الأزمات السياسية والاقتصادية التي هزت البلاد على مدى السنوات العديدة الماضية، ينتقدون أردوغان لسياسات حكومته غير المسؤولة، خاصة لاستنفاد موارد مكافحة الحرائق على مر السنين، فلم تعد تملك قاذفة مائية عاملة، وفي الوقت نفسه يكابر النظام التركي ويرفض العديد من عروض المساعدة الخارجية، بما في ذلك عرض اليونان، الخصم الإقليمي.
خبير المناخ والطاقة أوندر ألجيديك، يقول: إن خبراء الأرصاد الجوية ينتظرون حرائق الغابات هذه ومن ثم يصدرون تحذيرات بشأنها، ولكن نظام أردوغان لم يتخذ الحكومة الاحتياطات في الوقت المناسب لهذه الحرائق، التي توقعها خبراء الأرصاد الجوية. والسبب هو أن الحماية البسيطة للطبيعة لم تعد من أولوياته، ويضيف: إن عدم الكفاءة الفنية وسوء الإدارة للحكومة واضحان، لكن المشكلة الرئيسية هي عدم تنفيذ النوع الصحيح من السياسات لحماية الطبيعة.
أدت موجة الحر في جنوب أوروبا، التي يغذيها الهواء الساخن من شمال إفريقيا، إلى حرائق الغابات عبر البحر الأبيض المتوسط ، بما في ذلك في إيطاليا واليونان.
كانت هيئة الأرصاد الجوية التركية قد حذّرت سابقاً من أن درجات الحرارة سترتفع بين 4 و 8 درجات مئوية فوق المعايير الموسمية حول سواحل بحر إيجة والبحر الأبيض المتوسط في البلاد.
يعتقد أوميت كيفانتش، الصحفي والكاتب التركي، أن حماية البيئة ليست من أولويات حكومة حزب العدالة والتنمية، ويضيف: “لقد أدركنا بسبب هذه الكارثة أن الغابات ليست حيوية بالنسبة لحزب العدالة والتنمية. لو كانت لدى الحكومة سياسات صديقة للبيئة، لكانت قد اتخذت الخطوات اللازمة قبل اليوم، ويؤكد “ليس من الواقعي توقع حساسية بيئية من حكومة تحاول باستمرار استخدام المساحات الخضراء لبناء المساكن”.
“بلدنا في منطقة حرجة لحرائق الغابات. لقد عرفنا ذلك في الماضي، ونحن الآن نختبره. بسبب الاحتباس الحراري، سوف تصبح الحرائق أكثر تواتراً. فلماذا لا تمتلك الحكومة طائرات إطفاء؟ ويضيف كيفانتش: “نحن المواطنون الأتراك لم نتلق إجابة مرضية على هذا السؤال”، ويشدد على “لم يعد الناس في تركيا يتوقعون إجابات صادقة من حكومة حزب العدالة والتنمية. لا يمكننا التأكد من أن أي شخص في المنصب سيخبرنا بالحقيقة ويفكر في رفاهيتنا قبل مصالحهم الخاصة. لذلك، نحن بطبيعة الحال لا نصدق الرواية الرسمية”.
بعد أيام قليلة من اندلاع حرائق الغابات المدمّرة، طلبت حكومة حزب العدالة والتنمية المساعدة من الاتحاد الأوروبي، الذي وافق على إرسال أربع طائرات إلى المناطق المتضررة. وقد قبلت بالفعل المساعدة، بما في ذلك عدة طائرات، من دول من بينها روسيا وأذربيجان.
وبحسب تقارير فإن المساعدة من الخارج، خاصة من الدول الأوروبية، لم تلق قبولاً إيجابياً في البداية لأنها ستؤدي إلى استجواب الحكومة والمسؤولين، ووفقاً لبعض السياسيين، فإن قبول المساعدة يعني أن الحكومة غير قادرة على التعامل مع كوارث البلاد.
مع اتساع رقعة أكبر حرائق غابات يستعر الجدل كذلك على تويتر عبر وسم “ساعدوا تركيا”، فوفقاً لمؤيدي حزب العدالة والتنمية، فإن السعي للحصول على مساعدة المجتمع الدولي يهدف إلى إذلال تركيا، وبدلاً من ذلك يجب أن يقول الناس: “تركيا قوية. دولتنا تقف شامخة “، ودفاعاً عن نفسها، تؤكد الحكومة أن الوسم تدعمه حسابات مزيفة تُستخدم للتأثير على الرأي العام!.
وشكك خبير القانون الرقمي يمان أكدنيز في الحسابات المزيفة، مشيراً إلى أنه “بينما يدور الجدل في شبكات التواصل الاجتماعي، تتواصل الحرائق في الواقع”، وأضاف “في الواقع تعاني آلية حكومتنا من مشاكل جدية في التشغيل، وستدرج دون شك جريمة جديدة ثم قانوناً جديداً حول التضليل، بهدف كم الأصوات الناقدة على الشبكات الاجتماعية بشكل أكبر”.
ونشر رؤساء البلديات مقاطع فيديو يطالبون بمعدات إطفاء جوي لحرائق الغابات المحلية، والتي شاركها مئات الآلاف من الأشخاص بمن فيهم مشاهير أتراك، ويؤكدون: “نحن بحاجة إلى طائرات إطفاء ومساعدة لوضع حد لحرائق الغابات المستعرة عبر أكثر من 60 موقعاً على الساحل الفيروزي الجميل والجبال”.
بدا تصرف اردوغان، الذي وصل إلى السلطة من خلال حملته ضد الفساد الذي يتهمه به معارضوه اليوم، منفصلاً عن الواقع. فقد أثارت زيارته إلى المناطق المتضررة من الحرائق في سيارة تحت حراسة مشددة من الشرطة ومجهزة بمكبرات صوت، والتي صور منها وهو يلقي أكياس الشاي على السكان في منتصف الليل، جدلاً جديداً على مواقع التواصل الاجتماعي.