دراساتصحيفة البعث

عندما تغضب الطبيعة

تقرير إخباري

تشهد مناطق مختلفة من جنوب أوروبا وأفريقيا حرائق كبيرة التهمت مساحات واسعة من الغابات، ويعزو علماء المناخ السبب إلى الحرارة المرتفعة والجفاف، ويؤكدون أن التغير المناخي يعدّ عاملاً رئيسياً آخر. في المقابل يشير علماء آخرون إلى أنه قد يكون لحرائق الغابات أثر إيجابي لجهة تجدد النباتات ما يعزز التنوع البيولوجي في هذه المناطق.

منذ عام 1980، استطاعت المجتمعات التي تعيش في مناطق الحرائق التكيف مع المتوسط السنوي لحرائق الغابات في المناطق الحارة والجافة بعد تبني استراتيجيات متقدمة لمنع تلك الحرائق، لكن في السنوات الأخيرة وفي بعض الأحيان، بدأت حرائق الغابات تتسارع وتستعر لتتجاوز المعدل الطبيعي وتزداد قوة وشدة.

وتعدّ حرائق الغابات المدمّرة التي اندلعت ما بين عامي 2017 و2018 المثال الأبرز في هذا السياق، إذ أودت بحياة المئات في المناطق الممتدة من تركيا إلى إسبانيا فيما عانت بلدان بوسط وشمال أوروبا بما في ذلك السويد من الحرائق. وترتبط حرائق الغابات غير المسبوقة في شدتها بشكل كبير وحتمي بالجفاف الشديد وموجات ارتفاع درجات الحرارة، حيث كان شهر تموز الماضي ثاني الأشهر الأعلى حرارة في أوروبا على الإطلاق، ربما يكون الثالث عالمياً.

وتقع اليونان وتركيا في خضم موجة حر شديدة ربما تكون الأسوأ منذ 30 عاماً، ولتعيد إلى الأذهان الذكريات المريرة لحرائق الغابات التي اندلعت في عام 1987 وأودت بحياة أكثر من 1500 شخص في اليونان وحدها.

أما في تركيا، فقد شهدت اندلاع أكثر 200 حريق بشكل منفصل في أنحاء البلاد في أقل من أسبوع، ما أرغم السكان والسياح في بعض المناطق الساحلية إلى الفرار من المنازل والمنتجعات السياحية.

إن ارتفاع درجات الحرارة يؤدي إلى زيادة قوة وشدة حرائق الغابات، ما يعدّ السبب الحقيقي للدمار الذي لحق بالمناطق المنكوبة جراء حرائق الغابات. ولهذا السبب وبحلول الخامس من آب الجاري، تجاوز حجم حرائق الغابات في أوروبا بنسبة 55 بالمائة معدل حجم حرائق الغابات على مدار الاثني عشر عاماً الماضية.

الملفت للنظر أنه لا يؤخذ في الحسبان ظاهرة الاحتباس الحراري عند تطبيق سياسات إخماد الحرائق الحالية، وخاصة ما يتعلق بالقابلية للاشتعال في المناطق التي يمتد فيها مسار الأراضي البرية،  فضلاً عن التوسع العمراني والحضري. وقد ظهر ذلك جلياً في اجتياح النيران لضواحي العاصمة اليونانية أثينا مؤخراً.

وجاء في دراسة نشرت هذا العام تحت عنوان “فهم التغيرات في الحرائق في جنوب أوروبا” أن سياسات مكافحة حرائق الغابات الحالية في معظم مناطق البحر المتوسط تركز بشكل كبير على إخماد الحرائق، لكنها لم تتطور لتتكيف مع التغير العالمي الجاري، وخاصة فيما يتعلق بظاهرة التغير المناخي.

هيفاء علي