الحرائق والفيضانات ترهق تركيا.. وحليف أردوغان يهدّد بملاحقة “الأكاذيب”!
لم تكد تركيا، التي تئن تحت وطأة أزمة اقتصادية خانقة نتيجة سياسات أردوغان ووضع وبائي استنزف الجهود والموارد، تتنفس الصعداء مع إخماد معظم الحرائق، حتى وجدت نفسها عالقة في ثاني كارثة طبيعية هذا الشهر مع اجتياح سيول طوفانية الأقاليم الشمالية للبلاد، وهو ما كشف عن خلل في الإجراءات الحكومية المتبعة لإنقاذ السكان، وضعف الاستعدادات والتجهيزات مما عرّض حكومة أردوغان لانتقادات شديدة.
ويبذل عمال الطوارئ جهوداً محمومة لإغاثة المناطق التي تضرّرت بشدة بسبب السيول التي اجتاحت بلدات في منطقة البحر الأسود بتركيا، وأسفرت عن مقتل 31 شخصاً.
وتسببت السيول في حالة من الفوضى بالأقاليم الشمالية، بينما أعلنت السلطات أن حرائق الغابات التي استعرت في أقاليم الساحل الجنوبي على مدى أسبوعين أصبحت تحت السيطرة.
وتقاذفت السيول عشرات السيارات وأكوام الأنقاض في الشوارع ودمّرت الجسور وتسببت في إغلاق الطرقات وانقطاع الكهرباء عن مئات القرى، فيما قال وزير داخلية النظام التركي سليمان بعد تفقّد الأضرار، التي امتدت عبر مقاطعات بارتين وكاستامونو وسينوب، “هذه أسوأ كارثة فيضانات رأتها عيني”.
وقالت إدارة الطوارئ والكوارث في تركيا إن 29 شخصاً لقوا حتفهم نتيجة الفيضانات في كاستامونو وتوفي آخران في سينوب.
وقال ساسة معارضون: إن الكثير من الأشخاص أصبحوا في عداد المفقودين، وإن حصيلة القتلى قد ترتفع بشكل كبير، فيما قال باريش أيهان رئيس بلدية سينوب: إن “البنية التحتية في منطقة أيانجيك وصلت إلى حالة انهيار تام. أصيبت منظومة الصرف الصحي بالدمار. لا وجود للكهرباء أو المياه”.
وجاءت السيول وكذلك الحرائق، التي أودت بحياة ثمانية وأتت على عشرات الآلاف من الهكتارات في الأحراش والغابات، في نفس الأسبوع الذي حذّرت خلاله لجنة معنية بالمناخ تابعة للأمم المتحدة من أن ارتفاع درجة حرارة الأرض يقترب بقوة من الخروج عن نطاق السيطرة ومن أن موجات الطقس بالغة السوء ستزداد حدة.
ونقلت إدارة الطوارئ عن هيئة الأرصاد الجوية قولها إن منسوب المياه بلغ حوالي 45 سنتيمتراً نتيجة الأمطار التي سقطت في أقل من ثلاثة أيام على قرية واحدة بالقرب من المنطقة الأشد تضررا وهي بوزكورت في كاستامونو.
وأظهرت لقطات صور للحظات الأولى من الفيضان في بوزكورت نهراً يفيض على ضفتيه في طوفان سريع الحركة اقتلع الأشجار وحرّك المركبات بعيداً عن أماكنها.
وأعلنت إدارة الطوارئ أنه تم إجلاء أكثر من 1700 شخص من المناطق المتضررة بمساعدة طائرات هليكوبتر وقوارب.
وأنزلت طائرات الهليكوبتر أفراداً من حرس السواحل على أسطح المنازل لإنقاذ العالقين، في حين تدفقت المياه بالشوارع حسب ما ظهر في لقطات نشرتها وزارة الداخلية.
وما زالت حوالي 190 قرية بلا كهرباءـ. وقالت إدارة الكوارث إن خمسة جسور انهارت ولحقت أضرار بجسور كثيرة أخرى.
وقالت هيئة الأرصاد الجوية التركية إنه من المتوقع هطول المزيد من الأمطار بغزارة في منطقة وسط وشرق البحر الأسود مع احتمال حدوث المزيد من الفيضانات.
ورغم ذلك سارع دولت بهجلي، زعيم حزب الحركة القومية اليميني المتطرف، في سلسلة تغريدات للإعلان أن حزبه أنشأ مجلساً لمكافحة “الأخبار الكاذبة والسياسة المزيفة”، وقال: “الأكاذيب على حافة الهاوية”، مضيفًا أن أحزاب المعارضة “ضلت طريقها وسقطت عن مسارها”، حسب تعبيره.
وزعم حليف أردوغان في البرلمان أن حزب الحركة القومية يهدف إلى “دعم هدف المجتمع النظيف والسياسة والحكم”، وأضاف أن المجلس سيكون لديه قادة رأي وخبراء قانونيون في هذا الشأن، وأشار إلى أن “الكوارث الطبيعية الأخيرة، مع الفيضانات المفاجئة في الشمال وحرائق الغابات في الجنوب، ألحقت الأذى الشديد بالأمة”، لكنه أدعى أنه بينما خصصت الدولة كل الموارد للإغاثة من الكوارث، فإن “الأحزاب السياسية ومن يسمون بالفنانين والمثقفين نصف المخضرمين ساهموا في دوامة الاضطراب”. وأردف: إن “جوقة الكذابين” أصبحت “تهديداً للأمن القومي والسلام”، ليضيف: أن حزب الحركة القومية مستعد “لإخفاء” من يكذب.
وأشار إلى أن المجلس يفضح الأكاذيب في السياسة والمجتمع المدني ووسائل الإعلام، ودعا لدعم مشروع قانون لمكافحتها، وقال: “هذه نهاية الطريق للكذابين. من الآن فصاعداً، سوف يركضون وسنقبض عليهم”!
ويرى رئيس الوزراء التركي السابق داود اوغلو، الذي انشق عن الحزب الحاكم وأسس حزب المستقبل، أن أردوغان وحليفه دولت بهجلي، ليسا في وضع يسمح لهما بإنهاء تحالفهما بسبب تورطهما في جرائم سياسية. كما انتقد داود أوغلو حزب العدالة والتنمية الحاكم لسوء تعامله مع الفيضانات المميتة في منطقة البحر الأسود بتركيا، مؤكداً أن الحكومة غير مستعدة لإدارة الكوارث الطبيعية.