أسواق متخصصة لتسويق المنتجات الحرفية والتعافي يحتاج لدعم حقيقي
دمشق – عبد الرحمن جاويش
تأثر الواقع الحرفي وحرفه المتعددة بآثار الحرب, ما أدى إلى تراجع هذا النشاط وانعكس ذلك على واقع الأسواق والمهن الحرفية المختلفة, وخاصة التي لها احتكاك مباشر مع المواطن كحرف الموبيليا والزجاج والبلاستيك والأقمشة, وخلال سنوات الحرب هاجر عدد كبير من الحرفيين إلى الخارج, وآخرون غيروا مصالحهم, والبعض راح يرمم منشأته الحرفية وعاد جزئياً لعمله وضمن إمكانياته المحدودة, وقسم لم يترك مصالحه في المناطق الآمنة والمناطق الصناعية البعيدة عن الإرهاب، وأكثر الحرفيين ما زالوا يعملون بمحلات مستأجرة يزاولون مهنتهم الحرفية ولم يغادروا الأسواق رغم وجود معاناة كبيرة تواجه عملهم الحرفي.
بعض الحرفيين ممن التقت “البعث” بهم طالبوا بالسماح بتغيير مهنهم والعمل على تغيير صفة الترخيص والطلب من الوزارة المختصة الموافقة على التعديل, حسب الضرورات والمتغيرات الحاصلة التي تسمح للحرفي بالاستمرار, من جهة أخرى يعاني بعض الحرفيين من صعوبة الإجراءات الإدارية في بعض الدوائر وخاصة فيما يتعلق بحصولهم على براءة ذمة من كافة المصارف, وهنا يطالبون بإنشاء صندوق لضمان الشيخوخة والعجز والوفاة وهذا مطلب معظم الحرفيين منذ سنوات وهم اليوم يجددون هذا المطلب الملح أسوة بباقي المنظمات والنقابات.
وعلى ضوء معاينتنا لواقع الحرفيين يتضح جلياً أن قطاع الصناعات التقليدية تواجه عدة صعوبات تعيق تطوره، ما يستدعي الدعم الكافي من قبل الدولة، وهذا من خلال ما اقترحه الحرفيون من تهيئة للأماكن المخصصة للصناعة التقليدية، وإنشاء مراكز التكوين المهني المتخصصة في مجال الصناعة التقليدية للرفع من مستوى تأهيل الحرفيين، مع متابعة إنشاء فضاءات دائمة لعرض وبيع المنتجات الحرفية، لاسيما على مستوى غرف الصناعة التقليدية، الفنادق والمتاحف وغيرها من المقترحات التي تسعى لإعطاء حركية وطنية ودولية لمختلف الحرف اليدوية.
أمام هذا الوقائع والصعوبات والوضع المرير الذي واجهه الحرفيون في سنوات الحرب, استطاع بعض الحرفيين إعادة النشاط الحرفي وإنعاش مهنهم التي تراجعت نتيجة الأزمة، حيث لا يزال عدد من توارثوا المهنة الحرفية عن آبائهم وأجدادهم يحفرون الصخر رغم الحرب التي أبعدتهم عن مزاولة مهنهم الحرفية وخاصة في الغوطة، حيث شهدت فيها الصناعات الحرفية انحساراً تدريجياً وبقي القليل منها يحقق حضوراً خجولاً على صعيد النشاط الحرفي في بعض مناطق المحافظة الآمنة, كما واجهت بعض الحرف تحديات أصعب تمثلت في فتح أسواق قضت على آمال الكثيرين من الحرفيين ونقلت الجزء الأكبر منهم إلى أعمال ومهن أخرى وبهذا خسرت الحرف والصناعات عدداً من روادها خلال الأزمة.
ألق جديد
يوضح رئيس اتحاد الحرفيين في ريف دمشق محمد الخطيب للبعث قائلاً: بدأنا نعمل على تنشيط الواقع الحرفي وتسليط الضوء على هذا القطاع الهام وأن بعض الصناعات الحرفية بدأت تعود إلى منشآتها وترميم المتضرر منها استعداداً للعمل بها والمساهمة في إعادة الأعمار، لأن هذا الشيء يعتمد على الجهد الحرفي بنسبة تزيد عن 70 % من خلال السعي لتأمين قروض تشغيلية للحرفيين المتضررين بدون فوائد لأصحاب المهن الحرفية العاملة وتحديث المنشآت التي تعرضت للإرهاب والتخريب.
واعتبر الخطيب أن الحرفي هو القادر على إعادة دوران عجلة الإنتاج الاقتصادي رغم التحديات والصعوبات ولمتابعة الوضع الحرفي قمنا بزيارة إلى مناطق عربين و دوما لأماكن الحرفيين للاطلاع لواقع العمل الحرفي والأضرار الحاصلة على منشآتهم ومطالبهم لإعادة الارتباط ما بين الحرفي والجمعيات الحرفية والاتحاد.
اهتمام ملحوظ
وأكد رئيس الاتحاد على ضرورة إحداث مناطق حرفية في الوحدات الإدارية الملحوظة على المخططات التنظيمية أسوة بمدينة التل الملحوظ فيها منطقتين حرفيتين وتأمين مواد المحروقات وتخفيض سعرها أسوة بالقطاع الزراعي وأيضا تخفيض مادة الأسمنت للحرفيين بسعر تشجيعي أرخص من السوق السوداء، مع وجوب حضور مندوب المهنة في التصنيف المالي وضرورة مشاركة اتحاد الحرفيين بجميع الفعاليات في المحافظة وما يهم الحرفيين وإعادة النظر برسم البناء في المنطقة الصناعية بالسليمة, وأشار الخطيب إلى وجود اهتمام جدي من الحكومة لتحسين هذا القطاع وخاصة مهن الشرقيات والحرف القابلة للانقراض، ونسعى حالياً لإحداث حواضن لهذه الحرف, ولتشجيع هذا القطاع يتم المشاركة في المعارض الدولية لتأمين عمل للحرفيين وخاصة الشرقيات التي شهدت تراجعاً كبيراً خلال أزمة الحرب, نظراً لتأثر الأسواق في المناطق الساخنة وانخفاض الإنتاج.
ورأى الخطيب أنه لإعادة تلك المهن وتطويرها لابد من تأمين المواد الأولية لأصحاب هذه المهن وإقامة معارض للمهن القديمة لاستمرار التراث والتعرف عليها وتخفيض ضريبة الدخل على أصحاب المهن الصغيرة التراثية.