الأولوية للغاز “الأسود”!
لولا قلة من الحياء لوجّهت قيادات مافيا المحروقات برقية شكر لوزارة النفط لتوقفها عن تزويد الأسر السورية بالغاز لمدة تجاوزت حتى الآن ثلاثة أسابيع!.
نعم، يكاد يمر شهر دون أن تصل رسائل الغاز لملايين الأسر السورية، ما يعني تمديد زمن حصول الأسرة على قارورة الغاز لأكثر من 100 يوم، هذا التمديد يخالف تماماً توجيه رئيس الحكومة لوزير النفط في اجتماع لمجلس الوزراء منذ شهرين تقريباً، فقد طلب منه مباشرة تقصير مدة رسائل الغاز!.
ونرى أن لا وزارة النفط ولا شركة محروقات مستعدتان لتنفيذ توجيه رئيس الحكومة، لأن تقصير مدة رسائل الغاز يعني استغناء الناس عن سوق الغاز الأسود، أي أن الخسائر ستلحق بمافيا المحروقات، وهذا الأمر مرفوض قطعاً!.
المواطن بات مقتنعاً بأن الأولوية لدى وزارة النفط هي تزويد السوق السوداء بحاجتها من المازوت والغاز، ولو لم تكن كذلك لانشغلت بالقضاء على مافيا المحروقات بدلاً من تجاهلها وكأنها غير موجودة!.
تجار السوق السوداء أكثر من مسرورين، فمافيا المحروقات جاهزة لتزويدهم بالكميات التي يطلبونها من جهة، ولأن سعر الأسطوانة لزبائنهم لن تقل عن 100 ألف ليرة طالما أن الأولوية لدى شركة محروقات مد السوق السوداء بما يفيض عن حاجتها بكثير!.
منذ أكثر من خمس سنوات ونحن نتحدث عن مافيا المحروقات التي أكد وجودها رئيس نقابة عمال النفط، وطالب باجتثاثها، ولكن دون جدوى!.
لقد انشغل وزراء النفط السابقون دون أي استثناء بتكرار معزوفة “نقص الموارد”، أو “إدارة النقص”، في الوقت الذي كان هناك ما يكفي من فاسدين لإدارة سوق الغاز الأسود!.
ما من وزير للنفط حتى الآن أعلن، مجرد إعلان دون فعل، أنه سيجتث مافيا المحروقات التي نبتت وتجذرت بفعل فاسدين في المفاصل الأساسية المسؤولة عن توزيع المحروقات!.
وبما أن وزارة النفط المسؤول الحصري الوحيد عن توزيع المحروقات فإنها مقصرة عمداً أو استهتاراً في وضع آليات فعالة تمنع تسرب أية أسطوانة غاز، وأية كمية مازوت أو بنزين إلى السوق السوداء!.
ترى، هل من الصعب على مسؤولي الوزارة ومديرياتها الوصول إلى تجار الغاز والمازوت، في حين لدى الآلاف من المواطنين أرقام هؤلاء التجار الجاهزين دائماً لتلبية طلبات الزبائن خلال ساعات دون خوف من ضبطهم بالجرم المشهود؟!.
وبما أن كميات الغاز معروفة مسبقاً، وآلية التوزيع “محصورة” بالبطاقة الذكية، فمن يزوّد السوق السوداء بما يفيض عن حاجة زبائنها؟!.
لن يصدق أي مواطن أن المادة شحيحة طالما هي متوفرة في السوق السوداء، ولن يصدق أن شركة محروقات غير قادرة على ضبط توزيع أسطوانات الغاز، بل من حق المواطن أن يوجّه لها الاتهامات المباشرة طالما لن تصله رسالة الغاز قبل 100 يوم!.
الخلاصة: لم يكشف أي مسؤول في وزارة النفط عن أسباب توقف رسائل الغاز منذ ثلاثة أسابيع، ولم يفسر أسباب توفر المادة لدى مافيا المحروقات وبسعر 100 ألف ليرة للأسطوانة، ما يجعل كل أسرة تسأل وزارة النفط: هل الأولوية بالتوزيع للسوق السوداء، أم ماذا؟!.
علي عبود