دراساتصحيفة البعث

نحو تونس جديدة متجدّدة

ريا خوري

كانت الخطوة التي قام بها الرئيس  التونسي قيس سعيّد في الخامس والعشرين من تموز الماضي بحلّ الحكومة، وتجميد عمل البرلمان “ضربة معلم”، وجاءت في الزمان والمكان الصحيحين، لأنها أنقذت تونس من براثن “الإخوان المسلمين”، ووضعتها على طريق الخلاص، وجعلت من الإنقاذ أمراً ممكناً ومتاحاً على الرغم من صعوبته.

كانت تلك الخطوة قد شكّلت الملامح الجديدة لقيام تونس جديدة، غير تلك التي انطلقت منذ ما يُسمّى “ثورة الياسمين” عام 2011 التي ركب “الإخوان المسلمون” موجتها، وتسلطوا من خلال “حركة النهضة” وزعيمها راشد الغنوشي على البلاد، وأغرقوها بالفوضى والفساد السياسي، وأنعشوا دور الفاسدين والمفسدين، وأوجدوا الأزمات المعيشية والاقتصادية والمالية وحتى الأمنية في بعض مفاصلها، وأحكموا سلطتهم على مفاصل الدولة، وكادوا يذهبون بتونس إلى كهوف المجهول. كما حاول الغنوشي زعيم الحركة  استخدام كافة الوسائل لقطع الطريق على إصلاح ما اقترف من تخريب وتدمير لمقومات تونس وشعبها، لكنه فشل فشلاً ذريعاً وجنَّ جنونه لهذا التحوّل الذي لم يكن يتوقعه.

إن الخطوة التي قام بها الرئيس التونسي كسرت كل القيود التي فرضتها “حركة النهضة” من سطوة سياسية، وبات الرئيس طليق اليدين في اتخاذ ما يلزم من قرارات وقوانين وتشريعات لإنقاذ تونس في المرحلة الانتقالية الحالية، وفق النصوص الدستورية. وكان قرار تكليف السيدة نجلاء بودن رمضان بتشكيل الحكومة التونسية الجديدة، لأول مرة تتولى فيها سيدة هذا المنصب، بمثابة تشريف لتونس وللمرأة التونسية، كما أكد الرئيس سعيّد إيمانه بنجاحها في المهمة التي قبلت بها، مؤكداً أنَّ الاختيار هدفه طريق آخر لصناعة تاريخ جديد لتونس وللشعب التونسي.

لقد تابعت جميع وسائل الإعلام رئيسة الحكومة المكلفة بدء مشاوراتها لاستكمال عملية التشكيل، وتعهدت بأن تكون حكومتها متجانسة وقوية لمواجهة الصعوبات والتحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد، ومحاربة الفساد والمفسدين، والاستجابة لمطالب الشعب التونسي المتعلقة بحقوقهم الطبيعية في التعلم والصحة والنقل والعمل.

ويبدو أن الحكومة الجديدة لن تكون على غرار الحكومات السابقة التي منيت بفشلٍ ذريع، ولم تتمكّن من تلبية الحدّ الأدنى من الاستحقاقات الشعبية، إذ تشير معظم التوقعات إلى أن نصف أعضاء الحكومة الحالية أو أكثر سوف يكون من السيدات، في استمرار لعملية التحول التي يقودها الرئيس سعيّد، كما سيكون معيار المشاركة فيها الكفاءة والقدرة العالية على العطاء ونظافة اليد والقدرة على العمل والإنجاز الجيد، وعدم الخضوع للتدخلات الداخلية والخارجية والابتزاز السياسي أو المساومة، والإصرار على مقاومة الفساد والفاسدين والمفسدين وبدء محاسبة عاجلة لهم.

لقد تعهد الرئيس قيس سعيّد بإجراء حوار وطني شامل مع جميع الأطراف باستثناء “الإخوان المسلمين” بعد تشكيل الحكومة، لإيجاد حلّ للأزمة السياسية التي تمرّ بها البلاد، وذلك تلبية لمطالب بعض الأحزاب الوطنية والاتحاد الوطني للشغل، كما أكد عزمه على تشكيل لجنة لتعديل الدستور بما يجعل من تونس دولة عصرية متكاملة الأركان.