تراجم الحمصيين في كتب التراث
مرَّ على مدينة حمص حوادث تاريخية هامة منها السياسي والاجتماعي ومنها الطبيعي، وقد زار حمص الكثير من الرحالة العرب وكتبوا عنها في كتب التراث مقالات وانطباعات مختلفة، حول هذا الموضوع أسهبت الدكتورة أمية الغزي الأستاذة الجامعية خلال محاضرتها التي قدمتها في مقر الجمعية التاريخية السورية وسط مدينة حمص، بدأتها بتقديم لمحة تاريخية وجغرافية عن المدينة التي شملت حدودها في فترة الحكم الإسلامي من قلسرين شمالاً إلى قارة جنوباً، ومن البحر وطرطوس غرباً إلى عمق البادية جنوباً، وقد سميت بهذا الاسم نسبة إلى حمص بن المهر بن جاف بن مكنف أحد رجالات العماليق، مرت عليها مراحل متباينة في الحكم والسيادة عاشت فيها أحياناً تحت كنف طرابلس وأحياناً أخرى في كنف حماة.
تطرقت الدكتورة أمية بعدها إلى نظرة الرحالة العرب والأجانب إلى المدينة في مراحل مختلفة قدموا فيها وصفاً للمدينة منهم ابن قتادة ٨٩0م الذي تحدث عن اتساع حمص لتشمل أقاليم حمص وشيزر، ومعرة النعمان، وجوسية، وسلمية، وطرسوس، وجبلة، واللاذقية.
وذكر اليعقوبي أحمد بن إسحاق المتوفى سنة ٢٩٢هـ إن جميع أهل حمص ينتسبون إلى قبائل طي، وكندة، وحمير، وعمدان، وكلب، كما مدح ابن حوقل هواء حمص وتربتها وهو أول من وصف أهلها بالهبل.
ومدح الشريف الإدريسي المدينة بقوله: “مدينة حسنة عامرة بالناس والمسافرون يقصدونها بالأمتعة والبضائع والمسرات، وفي نسائها جمال وحسن بشرة، وشرب مائها يأتيهم من قناة قرب جوسية، ووصف ياقوت الحموي أهلها بالحمقى، أما الرحالة ابن جبير فقال عنها في كتابه “رحلة ابن جبير”: “هي فسيحة الساحة، ومستطيلة المساحة، نزهة لعين مبصرها من النظافة والملاحة، موضوعة في بسيط من الأرض عريض مداه، لا يخترقه النسيم بمسراه، يكاد البصر يقف دون منتهاه، أفيح أغبر، لا ماء ولا شجر، ولا ظل ولا ثمر، فهي تشتكي ظمأها، وتستقي على البعد ماءها، فيجلب لها من نهيرها العاصي، وهو منها بنحو مسافة الميل، وعليه طرة بساتين تجتلي العين خضرتها، وتستغرب نضرتها، ومنبعه في مغارة يصفح جبل فوقها بمرحلة بموضع يقابل بعلبك، أعادها الله، وهي عن يمين الطريق إلى دمشق.
وأهل هذه البلدة موصوفون بالنجدة والتمرس بالعدو لمجاورتهم إياه، وبعدهم في ذلك أهل حلب، فأحمد خلال هذه البلدة هواؤها الرطب، ونسيمها الميمون تخفيفه وتجسيمه، فكأن الهواء النجدي في الصحة شقيقه وقسيمه، وبقبلي هذه المدينة قلعة حصينة منيعة، عاصية غير مطيعة، قد تميّزت انحازت بموضوعها عنها، وأسوار هذه المدينة غاية في العتاقة والوثاقة، مرصوص بناؤها بالحجارة الصم السود، وأبوابها أبواب حديد، سامية الإشراف، هائلة المنظر، رائعة الأطلال والأناقة تكتنفها الأبراج المشيدة الحصينة.
وسألنا أحد الأشياخ بهذه البلدة: هل فيها مارستان على رسم مدن هذه الجهات؟ فقال، وقد أنكر ذلك: حمص كلها مارستان! وكفاك تبيينا شهادة أهلها فيها! وبها مدرسة واحدة، وتجد في هذه البلدة عند إطلالك عليها من بعد في بسيطها ومنظرها وهيئة موضوعها، بعض شبه بمدينة إشبيلية من بلاد الأندلس، يقع للحين في نفسك خياله، وبهذا الاسم سميت في القديم، وهي العلة التي أوجبت نزول الأعراب أهل حمص فيها، حسبما يذكر، وهذا التشبيه وان لم يكن بذاته، فله لمحة من إحدى جهاته.
وترى المحاضرة أن من هؤلاء الرحالة من كتب عن حمص نقلاً عما سبقه ولم يأت بجديد ومنهم من لم يزرها واكتفى بالنقل عن كتب التراث. وتتابع الدكتورة أمية محاضرتها لتتناول الأحداث السياسية التي شهدتها حمص عبر التاريخ ، والكوارث الطبيعية والأمراض والأوبئة التي شهدتها مرتبة ترتيباً زمنياً.
آصف إبراهيم