محمد شامية: أهمية الجوائز تكمن في حجم التعب الذي بُذل
يؤكد الكاتب والمخرج السينمائي محمد شامية بعد نيل فيلمه القصير “تذكرة لجوء” جائزة أفضل سيناريو عن فئة الأفلام القصيرة في مهرجان وجدة الدولي للسينما والهجرة، والذي انعقد مؤخراً في المغرب، أن أهمية أي جائزة تكمن في حجم التعب الذي بُذل لإنجاز الفيلم في ظل غياب الميزانية والبحث عن الحلول الحرفية من أبسط الموجودات على مستوى الإضاءة والديكور وانسجامها مع الديكوباج الإخراجي والجهود الذاتية والدخول بشراكات شبه وجدانية مع بعض الأصدقاء من المختصين، سواء في مرحلة التصوير التي كان فيها صديقه المصور عبد القادر حبال خيرَ عون له وأشبه بمتطوع بأجر رمزي، أو على مستوى الممثلين الذين عملوا دون مقابل تلبية لشغفهم الفني ومؤازرة للمشروع. وخصّ بالذكر الفنان برهان كيالي الذي أبدى التزاماً وتفانياً وتضحية كبيرة في الأوقات العصيبة، وأيضاً مهندس الصوت والممثل ومقدّم البرامج الإذاعية بشار الضللي الذي سانده عن بُعد بعمليات الدوبلاج والميكساج والتسجيل لبعض المشاهد التي تعتمد على الصوت مع الفنانة ليزا ميخائيل، وأيضاً صديقه سائر داغر المقيم في الولايات المتحدة والذي تعاون من هناك لإرسال مقاطع صوتية لدعم الحوار باللكنة الأجنبية السليمة، وكذلك يحيى عنبرجي الذي سخَّر له متجره لتنفيذ الفيلم ولعب دور الإرهابي، انتهاءً بمرحلة المونتاج التي قدّم فيها محمود قشقوش دعماً كبيراً له، سواء على مستوى الأجر أو الاحترافية.
وبيّن شامية أنه وبعد شهور من التحضير والتدريب والقفز على النواقص وتحدي الصعوبات وكانت بالعشرات، يجد أن الجائزة من مهرجان وجدة الدولي أشبه بمواساة وجدانية جميلة، كونها الأولى التي ينالها الفيلم الذي أُنجز لإيضاح جانب يتغافل عنه الذين يبخسون اللاجئ قدره في الدول المستضيفة لمجرد اختلافهم معه بالميل السياسي والايديولوجي واعتباره عالة وسبب أي تدهور اقتصادي مستجد، متغافلين عن حجم المآسي التي تركتها الحرب في نفوسهم إلى جوار شعورهم بالغربة والتي يصعب في كثير من الحالات برأيه أن يدلوا بها حتى في عيادة نفسية، كما استفزته بقوة رؤية مظاهرات تندّد بوجود اللاجئين وتطالب بطردهم، وخاصة في بعض الدول الشقيقة، حيث شعر شامية بحاجة ملحة لصناعة هذا الفيلم تزامناً مع التصعيد الحاصل في هذا السياق وجعل الحكاية لأناس متفاوتين في شكل مواقفهم من الحرب وصلتهم بها وهم أبناء الأرض فقط، لنراهم جميعاً يرتادون ذات العيادة النفسية في المهجر دون أن يتجرؤوا على رواية ما يؤرقهم لشدة قسوته فيكذبون على أنفسهم وعلى الآخرين، مبيناً أن الفيلم أشبه بنافذة يطلّ منها المهتمون بقضايا اللجوء قبل أن يطلقوا أحكامهم باعتباطية وشكل غير مسؤول، مؤكداً أن السيناريو الذي يُبنى على قضية ويغوص بها بشكل مجرد بالاستناد لوجهة نظر تبتعد عن حديث الشارع لابد له أن يخلق تأثيراً حتى وإن كان في منافسة مع أفلام تفوقه قوة بالطاقة اللوجستية.
الباب الأحمر
ويشير شامية كذلك إلى مشاركة فيلمه “الباب الأحمر” في المهرجان السينمائي الدولي للفيلم عن الفن على المنصة الرقمية الخاصة للمهرجان وعلى جميع منصات التواصل الاجتماعي خلال الفترة ما بين 20 و22 تشرين الثاني، ليتنافس مع 30 فيلماً من مختلف قارات العالم ضمن مسابقة رسمية للأفلام القصيرة والوثائقية الطويلة، مبيناً أن الفيلم ديكودراما يتحدث فيه عن رحلة سياحية في مدينة حلب بحثاً عن سر جمال المدينة، منوهاً كذلك بمشاركة فيلمه “home.less” على هامش المهرجان، مع إشارته إلى أنه حالياً يقوم بالتحضير لفيلم قصير على مستوى أعلى بعد وقوف بعض الجهات إلى جانبه بالدعم اللوجستي، موجهاً الشكر لها وهو اليوم يعمل على استكمال ظروف التنفيذ النهائية له، وفي الوقت ذاته يقوم بالتحضير لتنفيذ أول فيلم روائي طويل من تأليفه وإخراجه بعنوان “عين الغراب”، والمأخوذ عن رواية جزائرية بذات الاسم وقد لاقت نجاحاً في أكثر من ثلاثين معرضاً حتى الآن في الوطن العربي وهي للروائي الجزائري حسان شكاط، موضحاً أنه راسل عدة صناديق دعم سينمائي للمساعدة بإنجازه وكذلك إقناع جهات محلية للدخول كشركاء أو متبنين للمشروع، كما في جعبة شامية أيضاً سيناريو فيلم روائي طويل بعنوان “خارج السكة” يقوم بالتنسيق مع العديد من الجهات لتنفيذه بشكل مشترك، وسيكون غالباً في مصر وسيكون العمل الأول الذي لا يتصدى لإخراجه ويكتفي بوجوده ككاتب، وذلك لاعتبارات تسويقية وقانونية وأكاديمية متعلقة ببلد التنفيذ، مبيناً وهو الذي اعتاد ككاتب أن يخرج أعماله أن سينما المؤلف شهدت دائماً قوة ورصانة بسبب ردمها سلفاً للهوة التي تحصل عادة بين أفكار المؤلف والمخرج بسبب تباين الرؤى وتضارب الاختصاصين في بعض النقاط على حساب النتيجة لتكون الغلبة للأكثر نفوذاً كتراتبية وعرف فني سائد.
أمينة عباس