أين منكم ” النمو.. والتنمية..” ؟!
قسيم دحدل
ما الفرق بين النمو الاقتصادي والتنمية الاقتصادية ؟
النمو الاقتصادي يركز على التغيير في الكم الذي يحصل علية الفرد من السلع والخدمات في المتوسط، دون النظر إلى كيفية توزيع الدخل الحقيقي بين أفراد المجتمع أو بنوعية وجودة السلع والخدمات، أي أن النمو الاقتصادي هو تغيير إيجابي ذو طابع كمي في كمية السلع والخدمات التي تنتجها الدولة في فترة زمنية معينة.
بينما التنمية الاقتصادية تركز على التغيير الهيكلي في توزيع الدخل ونوعية وجودة السلع وتهتم بالخدمات المقدمة لأفراد المجتمع، فهي العملية التي يتم من خلالها زيادة الإنتاج والخدمات وزيادة متوسط الدخل الحقيقي وتحسين الظروف المعيشية للطبقات الفقيرة، أي أن التنمية الاقتصادية هي تغيير إيجابي ذو طابع كيفي مرتبط بإحداث تغييرات في مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع.
ما تقدم هو ما يقوله أهل الاختصاص، الذين لو سألناهم أنفسهم “وهل ما نشهده من قرارات حكومية عبر الوزارات، وخاصة قرارات زيادة الأسعار والضرائب والرسوم المتوالية في أنواعها ونسبها المضطرة الارتفاع، يندرج في خانتي النمو الاقتصادي والتنمية الاقتصادية؟”، لجزمنا بشبه إجماع على أن ما يتم غير مفهوم، لاسيما في ظل عدم تلمس شيئ مما يندرج تحت مفهومي ومصطلحي النمو والتنمية..!
إن كان هناك من يرى غير ذلك، فعليه أن يمتلك الدليل المُفحم، المقرون بالشواهد والأرقام والإحصائيات؛ أما أن يلجأ منهم لسين المستقبل (سوف وسيكون وسنعمل وسينتج..)، فهذا أمر تحكمه الاحتمالية والتوقعية المتنافيتين مع الجزم والتأكيد في النتائج، التي يقوم عليها علم الحساب الاقتصاد الحقيقي (النمو والتنمية).
على سبيل المثال لا الحصر: أين النمو والتنمية في الموافقة على إدراج الموبايلات، واكسسوارتها وكافة بنودها، ضمن المواد الـ 7 الجديدة التي شملتها تمويلات “المركزي” والبنوك وشركات الصرافة، وفقا للقرار 1070 لعام 2021..؟!.
وعلى سبيل المثال أيضاً: هل ما تم فرضه من زيادات سعرية مؤخراً على مادتي الغاز والكهرباء، وبتلك النسب الكبيرة، في ظل الظروف الحالية: الصناعية والزراعية والإنتاجية والمعيشية، هدفه النمو والتنمية..؟!.
هل يعقل أن يُؤخذ من جيب المواطن الذي بالأصل يعيش ضائقة مالية صعبة، ليُحقق له النمو والتنمية..؟!. فالصحيح أن الاقتطاع من راتب الموظف يكون في حال كان هذا الراتب مستثمرا ويدر دخلا جديدا، لا بدل خدمة يؤديها.! وحتى الصناعي والتاجر ومقدم الخدمات، الصحيح ألا نكتفي بالتعاطي معهم بعكس مبدأ الرعاية أولا ثم الجباية.
ولو افترضنا جدلاً أن تلك التحصيلات من الزيادات والضرائب هي لغاية إحداث التنمية وبالتالي قطف ثمار النمو المطلوب، فهل تم فعلاً إنفاق تلك المبالغ المُجباة على مشاريع أبار الغاز التي سمعنا ونسمع بها، دون أن نتلمس منعكساتها الإيجابية، ومثلها مشاريع الطاقة الكهرباء؟ أم أن جلَّها تذهب لإجراء الصيانات والإصلاحات والعمرة لتجهيزات تجاوزت عمرها الاستثماري وجدواها الاقتصادية بأعوام طويلة..؟!
بالمختصر المفيد: إن ما يحدث لا صلة له بأبسط أبجديات علم الاقتصاد وتطبيقاته المتعارف عليها علمياً وعالمياً، فهل نمتلك الجرأة للاعتراف بذلك، أم سنظل ندور في “دالوب” الأخذ باليد اليسرى ما نعطيه باليُمنى ؟!
Qassim1965@gmail.com