اقتصادصحيفة البعث

   مسابقة المئة ألف ..!!

قسيم دحدل

سمعنا كما سمع أغلبنا عن المسابقة المركزية لتوظيف مئة ألف..، وأن الامتحان فيها سيكون مؤتمتاً لجميع الفئات ولا يوجد مقابلة شفهية…

ووفقاً للخبر المعلن حول ماهية ما سبق، تقوم المسابقة على إجراء الامتحان التحريري المؤتمت للفئتين الأولى والثانية الذي يحقق المساواة بين جميع المتقدمين واختيار الأنسب لشغل الوظائف، وإجراء الاختبار العملي المؤتمت أيضاً للفئات الثالثة والرابعة والخامسة، القائم على القياس الموحد للمهارة الذاتية والمعرفة المهنية من المتقدمين، شريطة حصول المتقدم على وثيقة صحية تثبت سلامته لتنفيذ المهام الموكلة لمركز العمل المتقدم إليه، ولن تتضمن المسابقة مقابلات شفهية، وهذا يحقق موضوعية وحياداً كاملاً في الوصول إلى النتائج.

من قراءة متأنية للخبر المنشور نقول: إذا كنا نريد دولة حديثة تسعى لتعزيز قدراتها من أنواع رأس المال الستة كلها وهي : (رأس المال البشري- الطبيعي- الاجتماعي والعلاقات- الفكري- ورأس المال الصناعي- إضافة إلى رأس المال المالي التقليدي)، فيجب أن نركز على المتميزين والمبدعين وأصحاب الكفاءات والخبرات، ممن يستطيعون تنمية تلك الأنواع من الرأسمال، ذلك أن الاتجاهات الحديثة في بناء الأمم واقتصادياتها لم تعد ترتكز على مفهوم جذب وتنمية رأس المال المالي فقط، بل إن الاستدامة وآليات التنافسية العالمية والتحديات التي تواجه البشرية تتطلب من أي دولة قوية أن تهتم بهذه الركائز والأركان.

في هذا الإطار، تؤكد الدراسات والأبحاث التي أجرتها مؤسسات دولية مثل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، أن هذه الأنواع تتعاضد فيما بينها من أجل إيجاد الثروة والقيم للأمم، وأن إهمال أي مكون منها قد يضعف النمو الإنتاجي على المدى المتوسط والطويل. وبالتالي النمو الاقتصادي.

وعليه أن مئة ألف فرصة عمل، من المفترض أن يشغلها وخاصة في فئتيها الأولى والثانية، كوادر مؤهلة وكفوءة قادرة على الإتيان بمبادرات وأفكار وآليات تنموية مبدعة تساهم في تفعيل ما ذكرنا من أنواع رأس المال، سواء على صعيد تنمية رأس المال الطبيعي عير مشاريعه التطويرية المناطقية الكبرى، أو عبر تنمية رأس المال الفكري عن طريق المشاريع التي تستثمر في الابتكار والطاقات المتجددة وتعزيز العلامات التجارية والسمعة والثقة، بينما يتم تنمية رأس المال المُصنِّع من خلال مشاريع استراتيجيات النقل والصناعة والخدمات اللوجستية والتعدين، ليأتي رأس المال  الاجتماعي والعلاقات في المشاريع كافة التي تسعى إلى تعزيز جودة الحياة والترفيه وتنمية الروابط الاجتماعية.

وكي تتناغم الإنجازات وتتكامل مع أنواع رأس المال كافة، تتطلب التنمية المستدامة اليوم تنمية رقمية، وهذا يتطلب مفكرين بارزين لحل المشكلات الآنية، كما أن العمل على تنامي القدرات الاستثمارية في مشاريع شتى، يتطلب عقولاً استثمارية مواكبة للحدث، لهذا فإن استقطاب الكفاءات قضية ضرورية لتنوع الأفكار والتجارب وتلاقحها، كونها ستشكل قيمة اقتصادية مهمة وجذابة في تخصصات وتطورات تمثل عصب الاقتصاد اليوم وخاصة التحول الرقمي ومتغيراته المتسارعة.

لتحقيق هذه المتطلبات فإن عملية اختيار الكفاءات يجب أن تكون بقواعد ومعايير صارمة، تتمكن من استقطاب المتميزين والمبدعين القادرين على استشراف مجالات التركيز والاستحقاقات التنموية التي نسعى إليها ووفقاً المصلحة العامة حصراً.

Qassim1965@gmail.com