المستثنون من الدعم وغياب البيانات المحدثة والدقيقة
دمشق- بشير فرزان
الدعم حديث الشارع وشاغل الناس، خاصة أن التصريحات الحكومية تؤكد أن هناك شريحة في المجتمع لن تتخلى الحكومة والدولة عن دعمها مهما حدث، وسوف يستمر الدعم للمواد الأساسية لمعيشة المواطن، خاصة لأصحاب الدخل المحدود، وبالمقابل هناك شرائح سوف يتم إخراجها من الدعم لأنها ليست بحاجة إليه، فتخفيف الدعم ضمن شرائح معينة سيُطبق مع بداية العام المقبل، وسيتم إبعاد نحو 25% من مجمل الشعب السوري إلى خارج الدعم.
طبعاً هذه التصريحات تكشف عن بدء خطوات عقلنة الدعم، كما تم تصنيفها، باتجاه إيصاله إلى مستحقيه، ويبدو أن الحكومة حسمت قرارها فيما يخص قضية الدعم والسيناريوهات المستقبلية التي كانت مطروحة، حيث تبنت دعم السلع بشكل استهدافي لنسبة معينة من المواطنين، ويقوم هذا السيناريو على الاستمرار والمحافظة على آليات وأشكال الدعم الحالية، بعد استثناء فئة معينة من الأسر يمكن اعتبار وضعها الاقتصادي والمعيشي كافياً لتأمين متطلبات المعيشة، ولديها الدخول الكافية لذلك، لذلك يمكن استثناؤها من الدعم الاجتماعي الحكومي، حسب ما بيّنه المرصد العمالي للدراسات والبحوث في تقرير وتوصيات ورشة العمل حول الدعم الاجتماعي الحكومي التي أقامها الاتحاد العام لنقابات العمال منذ فترة بحضور عدد كبير من الباحثين والأكاديميين والاقتصاديين والمسؤولين من الجهات المعنية بقضايا الدعم.
وأشار المرصد إلى أن من ميزات هذا التوجه استثناء الفئة التي لديها دخول مرتفعة من السلع والخدمات المدعومة، ما يساهم في توجيه الوفر نحو الفئات الأشد احتياجاً، أو تخفيف حجم فاتورة الدعم في الموازنة العامة للدولة، أو توجيه الوفر نحو رفع الرواتب والأجور، وهو شكل من أهم أشكال إعادة توزيع الدخول، وأكد المرصد على أن أية وفورات تتعلق بإعادة هيكلة الدعم يجب أن تعود بالنفع على أصحاب الدخل المحدود، وبالأخص فئة العاملين في القطاع العام الذين تضاءلت دخولهم إلى الحدود الدنيا، وليست لديهم أية مقدرة على تعويض الفارق بين الدخول والإنفاق، إضافة إلى تخفيف العبء عن مراكز توزيع الدعم الاجتماعي، وتحسين الأداء بالنسبة لتلك المراكز.
وبيّن المرصد في توصياته أنه يمكن في حال رغبة الحكومة المضي في هذا السيناريو الاحتكام إلى معايير أكثر موضوعية تتجلى (باستبعاد الأسر خارج القطر التي تزيد مدة إقامتها عن فترة معينة، واستبعاد المنتسبين للنقابات المهنية كالأطباء والمحامين والمهندسين والحرفيين وأعضاء غرف التجارة والصناعة والسياحة والزراعة واتحاد المقاولين..)، وكذلك الأمر للحاصلين على ترخيص صناعي وتجاري وسياحي، وغيرها من المؤشرات التي تتمتع باستقرار نسبي أكثر من تلك المعايير المتداولة (كالملكيات وفواتير الهاتف والموبايل التي يمكن اعتبارها متغيرات غير مستقرة وتتغير مع الزمن).
وفيما يخص عيوب هذا السيناريو، كما جاءت في التوصيات، فقد حددها المرصد بغياب معايير واضحة ومقبولة تسهل عملية تحديد الفئات التي سيتم استثناؤها من الدعم، كما أن أية مؤشرات أو معايير سيتم تبنيها تعتبر معايير متغيرة وبشكل متسارع (كالملكيات أو السجلات، وغيرها)، وغياب قواعد بيانات محدثة ودقيقة وشفافة يمكن الاستناد إليها.