الأمل بالثقافة وثقافة الأمل
انطلاقاً من شعار الحملة الانتخابية للسيد الرئيس بشار الأسد “الأمل بالعمل”، وضمن احتفالية أيام الثقافة السورية، استضافت مكتبة الأسد الوطنية ندوة ثقافية فكرية بعنوان “الأمل بالثقافة”، بالتعاون مع رابطة خريجي العلوم السياسية، أضاء فيها المحاضرون على أهمية الثقافة ودور جنود الفكر في المعركة الثقافية التي تستهدف سورية أرضاً وشعباً.
وتناول د. حسن حسن، باحث في الدراسات الاستراتيجية، ثقافة الأمل، التي يستدعيها إلى الأذهان عنوان الندوة “الأمل بالثقافة” تلقائياً، متسائلاً: “كيف يمكن أن نبني ثقافة الأمل؟ كيف يمكن الانتقال من ثقافة الأمل إلى ثقافة اليقين؟ السبيل الوحيد هو مواجهة الجانب الآخر، بمعنى مواجهة ثقافة الإحباط واليأس والقنوط والتردد”. وأضاف: “هناك من يشعر بأنه مهزوم ويريد أن يعمّم هذا الإحساس، لكن مهمة رجال الفكر هي هزيمة هذا الفكر الانهزامي، مثلما هزم رجال الجيش العربي السوري الإرهاب التكفيري، وعليهم البناء على ما أُنجز، فقد أُنجز أكثر مما قد يخطر على أذهاننا”. وتابع: “نحن نتحدث عن حرب ما فوق إقليمية ودولية، واستطاعت سورية شعباً وجيشاً الصمود والاستمرار، والمعطيات تشير إلى أننا ننتقل إلى مراكمة أوراق القوة، ولا بد من وجود جيش من رجال الفكر، فهم من يحصن المعرفة وطرائق التفكير التي ترسم طرائق السلوك”.
واستذكر خلال حديثه عن استهداف العقول واستهداف القناعات قولاً لوزير الدعاية الألماني بول يوزِف غوبلز: “اكذب اكذب حتى تصدق”، وقولاً آخر له أخطر وأهم، إذ قال: “كلما سمعت كلمة مثقف تحسّست مسدسي”. لافتاً إلى أن المقصد هنا أن غوبلز يريد أن يقضي على المثقف والثقافة، لأن “الثقافة هي التي تحدّد طرائق التفكير”، كما استذكر قول الفيلسوف الألماني فيخته في عام 1807 عندما كانت جيوش نابليون على أبواب برلين: “لقد أضعنا كل شيء وبقيت لنا الثقافة”. فالثقافة هي فن تكوين الرجال، والمثقفف هو إنسان أولاً من خلال تهذيبه الإنسانية.
من جهته، تناول د. محمد خير العكام، عضو مجلس الشعب، عنوان الندوة من منظور قانوني، معتبراً أننا نواجه الآن وقبلاً معركة مصطلحات قانونية وسياسية تمارس ومورست ضدنا في هذه الحرب، داعياً إلى تصويب هذه المصطلحات، والإضاءة على معناها الحقيقي الذي يتناسب مع القانون، موضحاً أن “الطرف الآخر الذي يهاجم سورية يريد أن يغيّر مضامين هذه المصطلحات بالمعنى السياسي والمعنى القانوني، ونريد أن نقول إننا قادرون على إنجاز هذه المعركة لإعادة هذه المصطلحات إلى مكانها الطبيعي، ولكي لا تستخدم ضدنا في المواضع الخاطئة”. وتساءل: “هل ما جرى في سورية ثورة؟ وهل ما جرى في فلسطين انتفاضة أم هبة شعبية ضد محتل؟” وأجاب: “ما جرى في سورية ليس ثورة وإنما انقلاب على مفاهيم وثوابت الهدف منه تحقيق أهداف الأعداء الذين أعدوا لما جرى”.
أما فيما يخصّ الانتفاضة، فقد عاد العكام إلى أصل هذا المصطلح، ووجد أن صحيفة “واشنطن بوست” هي أول من استخدمه للإشارة إلى “الهبة الشعبية الفلسطينية في وجه الاحتلال الصهيوني”، وبغية التمييز بين المصطلحين، قال العكام: “الانتفاضة هي حراك ضد حكومة، في حين أن الهبة الشعبية هي مقاومة شعب لاحتلال، فهناك فرق شاسع بين المصطلحين، لذا علينا ألا نستسلم لأي مصطلح كونه شاسعاً، وعلينا أن نعيد البوصلة إلى مكانها الطبيعي، وأن ندير هذه المعركة الثقافية”.
وأشار د. خالد المطرود في كلمته إلى الحاجة لإعادة تصويب “المصطلحات المستوردة التي حوربنا بها وأدّت إلى هذه الحرب، ضمن استراتيجية حروب الجيل الرابع، الحروب بالوكالة. لذلك علينا أن ننتصر بالمجتمع الثقافي، من خلال تعزيز الوحدة الوطنية والتلاحم الوطني وثقافة الهوية الجامعة وثقافة المواطنة، هذه الثقافات التي يجب أن نتمسّك بها لتكون مركب الخلاص في المرحلة القادمة لنعلن أننا انتصرنا ثقافياً كما انتصر جيشنا العربي السوري عسكرياً”.
علاء العطار