دراساتصحيفة البعث

ديمقراطية مختلة تستقبل قمة للديمقراطيات!

ترجمة: عائدة أسعد

منذ ثمانينيات القرن الماضي أصبح وضع الديمقراطية الأمريكية محيّراً للغاية ومخيباً للآمال، بسبب شنّ الولايات المتحدة حروباً في أفغانستان والعراق تحت اسم “الحرية والديمقراطية”، وشنّ ضربات بطائرات من دون طيار على عشرات البلدان، والانسحاب من المعاهدات والمنظمات العالمية التي انتهكت القواعد الدولية وقوّضت التعددية.

ومحلياً أدّت القضايا الخطيرة -التفاوت العرقي، والتشرد، والسجن لأعداد كبيرة من السجناء من أصل إسباني وأفريقي، والعنف المسلح، والانقسام الحزبي، وأهمية المال في السياسة- إلى تدهور القيم الديمقراطية في الولايات المتحدة، وإذا كانت هناك كلمة مناسبة لوصف الديمقراطية الأمريكية اليوم فهي ديمقراطية مختلة وظيفياً.

قبل عام بالضبط حطّم الرئيس الأمريكي جو بايدن الرقم القياسي في جمع الأموال ليصبح أول مرشح رئاسي يجمع مليار دولار من المانحين، مما يدلّ على أن المال يتحدث في السباق الرئاسي والسياسة الأمريكية، ولا يخفى على أحد أن شارع “ك” القوي الذي كان باباً دواراً سيئ السمعة للعديد من القادة الذين كانوا في السلطة سابقاً، قد أثّر على المشرّعين والمسؤولين الأمريكيين لدعم أجندات مجموعات المصالح الخاصة التي يمثلونها.

كما أن وحشية الشرطة ضد الأمريكي من أصل أفريقي جورج فلويد وحركة “حياة السود مهمة” تعكس غيضاً من فيض التوترات العرقية المروعة بين البيض والأمريكيين من أصل أفريقي، حتى بعد 58 عاماً من الخطاب التاريخي “لدي حلم” الذي ألقاه الزعيم الأميركي من أصول أفريقية والناشط السياسي الإنساني مارتن لوثر كينغ.

في العام الماضي، أظهر تقرير صادر عن مركز “بيو” أن 59 في المائة من الناس في الولايات المتحدة غير راضين عن الطريقة التي تعمل بها الديمقراطية في بلادهم، بينما 39 في المائة فقط كانوا راضين، وأظهر استطلاع للرأي أجرته “مؤسسة غالوب” في تشرين الثاني الفائت أن 24 في المائة فقط من الأمريكيين راضون عن الطريقة التي تسير بها الأمور في البلاد.

ووفقاً لاستطلاع “سي إن إن” في أيلول الماضي قال 56 في المائة من المستطلعين إن الديمقراطية في الولايات المتحدة تتعرض للهجوم أو يجري اختبارها، بينما قال 37 في المائة إنها لا تتعرض للهجوم. وقال السيناتور الأمريكي بيرني ساندرز إنه في هذا العام تمّ سن 33 قانوناً يجعل من الصعب على الأمريكيين التصويت ووصف ذلك بأنه غير مقبول. ولكن الأهم من ذلك كله أنه منذ أسبوع واحد فقط تمت إضافة الولايات المتحدة إلى القائمة السنوية للديمقراطيات المتراجعة لأول مرة من قبل مؤسّسة الفكر الدولية “أي دي إي أيه” ومقرها السويد. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: لماذا استغرق وضع الولايات المتحدة على القائمة كل هذا الوقت الطويل، بينما يعرفها الكثير من الأمريكيين منذ سنوات عديدة؟.

ووفقاً لاستطلاع آخر أجرته جامعة “مونماوث” بعد أشهر من تنصيب بايدن، زعم ما يقرب من ثلث الأمريكيين أن فوزه في الانتخابات الرئاسية لعام 2020 كان نتيجة لتزوير الناخبين على نطاق واسع، كما بقيت نسبة تأييد بايدن منذ تشرين الأول عند 42 بالمائة، وذلك فيما يتعلق بالقضايا الرئيسية مثل وظيفته كرئيس، وسياسة الرعاية الصحية، والجريمة، والشؤون الخارجية، والاقتصاد والهجرة.

إن بايدن سيستضيف أكثر من 100 من القادة العالميين في القمة الافتراضية للديمقراطيات في 9-10 كانون الأول الجاري، لذلك بالتأكيد لا يمكن أن يفخر بالحالة المؤسفة التي تعيشها الديمقراطية الأمريكية.