الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني لمرتفعات الجولان عقبة أمام السلام
“البعث الأسبوعية” سمر سامي السمارة
تبعت حكومة حزب العمال الاسترالي الأخيرة التي استمرت في السلطة لمدة ست أعوام- أي منذ عام 2008 لغاية العام 2014- سياسة عامة تمثلت بالامتناع عن التصويت في الأمم المتحدة ضد الانتهاكات التي يقوم بها الكيان الصهيوني بحق واليوم يعيد التاريخ نفسه مع الحكومة الليبرالية الموجودة في السلطة منذ عام 2014 حيث تستمر بالتصويت بشكل دائم ضد أي اقتراح ينتقد تصرفات الحكومة “الإسرائيلية”.
جدير بالذكر، تدين الجمعية العامة بانتظام استمرار احتلال إسرائيل لمرتفعات الجولان، فبحسب المبادئ الأساسية للقانون الدولي لا يجوز لأي دولة الاحتفاظ بأرض دولة أخرى تم الاستيلاء عليها أثناء الحرب. ومع ذلك، هذا بالضبط ما تفعله حكومة الكيان الصهيوني.
و لم يقتصر الأمر على استمرارها باحتلال الأرضي السورية، بل تجاهلت قرارات الأمم المتحدة المتعاقبة التي تقضي بضرورة إخلاء الأرض وإعادتها إلى أصحابها الشرعيين، وفي هذه الحالة إعادتها إلى السيادة السورية.
لم تكتف اسرائيل باحتلال الأراضي التي تم الاستيلاء عليها، فعلى مر السنيين، دأبت على بناء آلاف المنازل للمستوطنين الإسرائيليين على الأراضي المحتلة، كما يستمر بناء المستوطنات على الأرض المحتلة حتى يومنا هذا، حيث أعلنت الحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة نفتالي بينيت مؤخراً عن برنامج آخر لبناء وحدات استيطانية جديدة.
من المؤكد، أن السبب الرئيسي الذي يجعل “إسرائيل” تتجاهل تصويت الأمم المتحدة هو أنها تحظى بدعم الولايات المتحدة واستراليا اللتان تصوتان باستمرار ضد جميع القرارات التي تنتقد السلوك الإسرائيلي، بما في ذلك استمرار الاحتلال غير الشرعي للأراضي السورية.
قبل عام، في 2 كانون الأول عام 2020، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بأغلبية أعضائها، عدة قرارات منها أربعة تتعلق بالقضية الفلسطينية، وقرار بشأن الجولان السوري المحتل تتعلق جميعها بموضوع تحدي إسرائيل المستمر للقانون الدولي. إذ اعتمد القرار المعنون بـ “تسوية قضية فلسطين بالوسائل السلمية” بتصويت “145” دولة لصالح القرار، ومعارضة “7” وامتناع “9” دول عن التصويت.
على الرغم من أنه يجب على المرء أن يتساءل عن عقلية أولئك الذين سيصوتون ضد مثل هذا القرار المصاغ بدون ضرر، حيث اتبعت أصوات “لا” السبعة وهي أستراليا، كندا، إسرائيل، جزر مارشال، ولايات ميكرونيزيا الموحدة، ناورو والولايات المتحدة نمطاً متشابهاً للغاية.
هذه الدول السبع هي جزء من أقلية صغيرة تصوت بانتظام ضد قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تنتقد “إسرائيل”، ثلاث من الجزر السبع غير مهمة وتعتمد على الولايات المتحدة أو أستراليا لاستمرار وجودها، والدول الأربعة المتبقية، هي الولايات المتحدة و”إسرائيل” وأستراليا وكندا، والدولتان الأخيرتان اللتان تعملان في الأمم المتحدة كمستعمرات للولايات المتحدة.
تعترض هذه المجموعة الصغيرة بانتظام على القرارات التي تنتقد سلوك إسرائيل.
لكن ما يثير اهتمام القارئ الأسترالي بشكل خاص هو أن وسائل الإعلام السائدة تتجاهل نمط التصويت هذا باستمرار، حيث تصمت كافة وسائل الإعلام بشأن تصويت الدولة التي يُزعم بأنها تمثل آرائهم.
على الرغم من أن حزب العمال كان يتمتع بموقف أكثر احتراماً إلى حد ما عندما كان في السلطة، من خلال الامتناع عن التصويت على القرار الذي يدين تجاهل إسرائيل الصارخ للقانون الدولي، إلا أنه لا يزال بعيداً عن إدانة السلوك الإسرائيلي، وهو ما يرمز إليه التصويت بـ “لا” . إذا فاز حزب العمال في الانتخابات القادمة، كما هو متوقع ، فمن غير المرجح أن يكون هناك أي تغيير في هذا النمط. التزمت المتحدثة باسم الشؤون الخارجية لهذا الحزب” بيني وونغ” الصمت بشكل مريب بشأن موقف حزب العمال من السلوك غير القانوني المستمر لإسرائيل.
في بداية شهر كانون الأول، تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً آخر حول هذا الموضوع، في أحد أقوى بياناتها على الإطلاق، وأعلنت أن استمرار فرض الولاية الإسرائيلية على الأراضي المحتلة يعتبر “لاغياً وباطلاً”.
وفي القرار الذي تبنته الأسبوع الماضي بعنوان “الجولان سوري”، سجل التصويت 94 صوتاً مؤيداً و 8 ضده، وامتناع 69 عضواً عن التصويت، وقد تم تغيير عضوية الناخبين الثمانية المعارضين للقرار بشكل طفيف من مجموعة صغيرة مماثلة قبل عام. في هذه المناسبة، جاءت أصوات “لا” الثمانية من أستراليا وكندا وإسرائيل وجزر مارشال وولايات ميكرونيزيا الموحدة وبالاو والمملكة المتحدة والولايات المتحدة. وأعاد القرار التأكيد على أن بناء المستوطنات والأنشطة الإسرائيلية الأخرى تشكل تغييراً في التركيبة الديمغرافية لمرتفعات الجولان السورية المحتلة. وطالب القرار إسرائيل باستئناف محادثات السلام والانسحاب من مرتفعات الجولان السورية المحتلة وفق الخطوط الحدودية التي كانت قائمة في 4 حزيران 1967.
جاء في هذا القرار، أن القرار الإسرائيلي بفرض قوانينها وولايتها وإدارتها على مرتفعات الجولان السورية المحتلة كان باطلاً ولاغياً ويجب وقفه. وقال النائب المصري أسامة محمود، في معرض تقديمه للقرار “على المجتمع الدولي أن يتخذ موقفاً حاسماً تجاه احترام القانون الدولي والقرارات الدولية، وأهمها قرارات الأمم المتحدة التي تعيد التأكيد على عدم جواز ضم الأراضي بالقوة، ورفض أي إجراءات أحادية الجانب أو تغييرات ديموغرافية في الأراضي الواقعة تحت الاحتلال خاصة أن استمرار احتلال إسرائيل للجولان السوري يمثل عائقاً أمام تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة”.
كما أعرب المتحدث باسم دولة الكويت عن أسفه بأن العالم يختتم العام كما بدأه “حيث تواصل إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، عدم انصياعها للقرارات الدولية، وتمنح المزيد من الموافقات على بناء وإقامة الآلاف من الوحدات السكنية في المستوطنات غير القانونية.”
وأكد على أن دولة الكويت تضم صوتها للمجتمع الدولي في إدانة تلك المخططات وتؤكد على ضرورة وضع حد للممارسات الإسرائيلية غير الشرعية ومطالبتها بتنفيذ كافة قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
وفي حديثه عن القرار، قال مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة “بسام صباغ” أن سورية تطالب الأمم المتحدة باتخاذ إجراءات حازمة وفورية لوضع قراراتها ذات الصلة موضع التطبيق بما يضمن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للجولان السوري المحتل وغيره من الأراضي العربية المحتلة.
وأضاف: “تعيد الجمهورية العربية السورية التأكيد على تمسكها الراسخ بحقها باستعادة كامل الجولان السوري المحتل حتى خط الرابع من حزيران 1967، وهو حق لا يخضع للتفاوض أو التنازل ولا يمكن أبدا أن يسقط بالتقادم.”
وأكد أن كافة القرارات التي اتخذتها إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، لتغيير المعالم الطبيعية والديمغرافية للجولان السوري أو فرض قوانينها وسلطاتها وإدارتها عليه، باطلة ولاغية وليس لها أي أثر قانوني بموجب القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
مما لا شك فيه شجعت الولايات المتحدة، الإسرائيليين على القيام بأنشطتهم غير القانونية، ففي عام 2019، وقع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مرسوماً يعترف بـ “السيادة” الإسرائيلية على الجولان. وعلى الرغم من أن المرسوم تمت إدانته على نطاق واسع ولم يحظ بأي دعم دولي، تواصل اسرائيل احتلالها غير الشرعي لهضبة الجولان في ظل حماية ودعم الولايات المتحدة.