ثقافةصحيفة البعث

عطية مسوح يقارب بعض مشكلات الفكر العربي الحديث

تتعدّد مشكلات الفكر العربي الحديث والمعاصر والتي حدّدها وأشار إليها الكثير من الباحثين والمفكرين العرب في مؤلفاتهم ومحاضراتهم، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر الدكتور محمد شحرور في بحثه “إشكاليات العقل العربي”، والمفكر محمد عابد الجابري في كتاب “إشكاليات الفكر العربي المعاصر”، وغيرهم الكثير ممن أجمعوا على إشكالية عيش العرب في ماضيهم قبل حاضرهم، وتمترسهم في ذاكرة الماضي دون تطلعهم لبناء مستقبلهم وتقدّم أجيالهم، وكذلك على مشكلة الشعاراتية المتناقضة مع الواقع الراهن، والبعيدة عن الخصوصية العربية، وغيرها من مشكلات حاول الباحث عطية مسوح الإضاءة عليها في محاضرته التي ألقاها في رابطة الخريجين الجامعيين تحت عنوان “مقاربة لبعض مشكلات الفكر العربي الحديث” حاول من خلالها البحث في مقاربات جديدة رأى فيها أثراً سلبياً ليس فقط على واقع ومستقبل الفكر العربي الحديث وحسب بل تشمل ثقافات شعوب أخرى، ومن أبرز هذه المقاربات مشكلة اليقينية والتي يعتقد من خلالها كل مفكر أو جماعة أو مؤسّسة أو حزب أنهم على صواب وأقرب إلى الحقيقة من غيرهم، وهذه المشكلة ينتج عنها أضرار كثيرة من أبرزها التنزيه، أي أفكارهم منزهة عن النقد، وبعيدة عن فضائل الحوار.

الفكر لا يتطور إلا بالحوار سواء مع الآخر، أو مع الذات، لذلك يجد مسوح أن اليقينية والتنزيه تجعل الفكر خاسراً دائماً، ويذكر مثالاً على إشكالية اليقينية المفكر المصري عباس محمود العقاد الذي يكثر من قول “الحقيقة التي لا تقبل النقد”.

والضرر الآخر لليقينية هو التخندق والتقابل الذي كان كثيراً ما يضيّع الفرص في معارك جانبية، تؤدي للوقوع في الثنائية وتعدّد الوجوه للمسألة الواحدة، الأمر الذي أعاق التقدم الفكري، وخلق نوعاً من الضبابية والاحتمالات المفتوحة لكل قضية.

بالإضافة إلى وجود مشكلة أخرى هي الأدلجة، وينطلق فيها من مقارنتين الأولى مقارنة بين الفكر والأيديولوجيا، والثانية بين ما وصلت إليه المدارس الفكرية الحديثة في البلدان المتطورة وبين ما نحن ندور في فلكه من شعارات، حيث حوّل السياسيون، برأي مسوح، الفكر والفلسفة إلى أيديولوجيا بدايتها هي نهايتها أي تدور ضمن دائرة مغلقة، فقد حولت الأيديولوجيا القومية لدينا من شعور وانتماء إلى أيديولوجيا ليصل بنا إلى نتيجة تقول إن اليقينية التي انبثق عنها التقابل والشعاراتية وأمور أخرى أدّت إلى رفض الآخر.

وختم مسوح مقاربته بمشكلة المرجعية، فمرجعية الفكر العربي إما ماضوية، أو مرجعية غربية غير واقعية.

آصف إبراهيم