أفق مسدود..!
علي عبود
كلّ المؤشرات تؤكد أن ما من حلول قريبة ولا بعيدة للأزمة التي يعيشها قطاع الدواجن منذ عدة سنوات، فالأفق مسدود مع غياب أي خطط أو رؤى تعيد الفروج والبيض إلى موائد ملايين الأسر السورية.
جميع الجهات تنصّلت من مسؤولياتها بتقديم الحلول، بل إن قراراتها المتدحرجة تؤكد يوماً بعد يوم أن الأفق مسدود، ولن تتبنى أي مقترحات لحلّ أزمة الدواجن، وبالتالي فحال هذا القطاع لن يختلف عن قطاعات أخرى أدى إهمالها ورفع أسعارها إلى حرمان ملايين السوريين من منتجاتها وخدماتها!.
لقد كشف بعض مديري مؤسسة الأعلاف أن “المقنن العلفي ضمن المؤسّسة هو مساعدة فقط وليس لتلبية الحاجة الفعلية لكل رأس”. وهذا الأمر يشير إلى احتمالية خفض المساعدة تدريجياً تمهيداً لإلغائها، أليس هذا ماحصل وما سيحصل مع المواد المدعومة كالمحروقات والسكر والرز؟.
والحل برأيهم (في ظل الظروف التي تمرّ في البلاد هو اعتماد المربين على زراعة المحاصيل العلفية والبقوليات بشكل ذاتي، سواء من شعير ونخالة أو ذرة للحيلولة دون تحكم القطاع الخاص بأسعارها).
هذا الحل يعني تحويل المربين إلى مزارعين، وربما تعلن وزارة الزراعة عن تنظيم دورات تدريبية لهم كي يتقنوا زراعة الذرة والشعير وغيرها، كي تقوم الوزارة بالتخطيط للتوسع بزراعة الأعلاف لتحقيق الاكتفاء الذاتي منها بدلاً من استيرادها، إلا إذا كانت الحكومة تخلّت عن نهج “الأولوية للزراعة” وتصنيع بدائل المستوردات.
وعندما تكشف لجنة مربي الدواجن أن المقنّن العلفي بالكاد يغطي ربع حاجة الفروج، فهذا يعني أن على المربي إما أن يزرع الأعلاف أو يشتريها من التّجار بأسعار باهظة!.
ترى هل هذا تواطؤ مع محتكري الأعلاف، أم أن وزارة الزراعة عاجزة فعلاً عن تأمين حاجة سورية من الأعلاف؟.
يمكن القول إن الخروج من النفق المسدود متاح من خلال رفع القدرة الإنتاجية للمؤسّسة العامة للدواجن وتوسيع مداجنها، وتنفيذ مقترحات بعض مديريها، أي بزراعة الأعلاف بدلاً من استيرادها، وبيع الفائض منها لقطاع الدواجن الخاص.. ترى لماذا لم تُقدّم وزارة الزراعة مذكرة تتضمن تطوير المداجن العامة إلى رئاسة مجلس الوزراء؟
قد تكون الحكومة غير مستعدة لتطوير أي شيء اسمه عام، والمثال القطاع العام الصناعي، وبالتالي هذا يعيدنا إلى الأفق المسدود مجدداً!.
الملفت أن وزير الزراعة طالب في 23/ 4/ 2021 بزيادة الطاقة الإنتاجية للمؤسّسة العامة للدواجن، وتحقيق التكامل بينها وبين مؤسّسة الأعلاف بما ينعكس إيجاباً على الإنتاج. والأهم أنه طلب من مجلس إدارة المؤسّسة “وضع رؤية لتطوير قطاع الدواجن والمساهمة في تنظيمه، بما يساهم في تحسين الإنتاج والإنتاجية ويحقق توازناً في السوق بالنسبة للأسعار وتوافر المنتجات، وتقديم المقترحات اللازمة لإعادة المداجن المتوقفة في القطاع الخاص إلى العملية الإنتاجية”.
هذا الكلام الجميل لم يُترجم حتى الآن، فهو يحتاج إلى موافقة مجلس الوزراء وإلى اعتمادات من وزارة المالية، وهنا المعضلة الكبرى، وبالتالي عدنا إلى الأفق المسدود!.
وعندما يعترف مدير عام مؤسّسة الدواجن أن موضوع الأسعار مرتبط بالتكلفة، فهذا يعني أن ليس لدى وزارة الزراعة أي خطط لتخفيض التكلفة بالتنسيق مع وزارتي النفط والكهرباء، وهذا يؤكد أن الأفق لا يزال مسدوداً إلى أمد غير منظور!!