مجلة البعث الأسبوعية

أمينة الزعبي: الطموح يبقى عالياً في مجال أدب الأطفال

البعث الأسبوعية- جُمان بركات

الكتابة الإبداعية للطفل تحتاج مهارة قد تقف عند حد الخيال بأبسط أشكاله ولكن أن يكون العمل المقدم للطفل عملاً بصرياً لا ورقياً فإن الدائرة الخاصة بالخيال لابد أن تتوسع أكثر فالمطلوب حينها الرسم بالكلمات والوصف المتقن للحركة والخيال الخصب فيما يتعلق بالرؤية والمشهدية الخاصة باللقطات.

الكتابة الإبداعية للطفل بين الورقي والمرئي تحتاج تضافر كل تلك المعطيات، فكان لمجلة البعث الأسبوعية هذا الحوار مع الكاتبة أمينة الزعبي التي مارست الكتابة للطفل بكل مشاربها.

الوعي

*بداية التلاقي بين الموهبة والوعي بأن هذا الطريق هو الملائم لأمينة الزعبي؟

من الوعي أن تعرف الطريق الملائم لك وتحاول جاهداً أن تستثمر جميع ملكاتك الأخرى في سبيل هذا الطريق الذي اخترته، وهذا ما حصل في مسيرتي العلمية والمهنية فعلاً، إذ شققت هذا الطريق منذ دراستي في جامعة دمشق- في كلية الإعلام- قسم الصحافة والنشر وتخصصت في مجال مجلات الأطفال، فكان مشروع التخرج الخاص بي مجلة أطفال بعنوان” طفولتي” وكانت من تأليفي ورسومي بشكل كامل، ثم انتقلت بعدها إلى إعداد رسالة الماجيستير الخاصة بدور مجلات الأطفال في تنمية مهارات الاتصال لدى الطفل السوري، وبعدها بدأت مسيرتي المهنية في عدة مجالات منها الكتابة المطبوعة والمرئية والمسموعة وفي عدة قنوات خاصة وحكومية، ولا زلت في الطريق ذاته وفي جميع اختياراتي أشعر أن الموهبة تصب في الطريق وتسير معه جنباً إلى جنب، وهذا يدل على عمق رغبتي واهتمامي الحقيقي بمجال الكتابة للأطفال والتوجه إليهم بشتى المضامين.

بين الواقع والطموح

*أدب الطفل ومعاناته اللذيذة بين الواقع والطموح كيف تراه أمينة في سورية؟

في مجال أدب الأطفال، أكثر ما يجعلك متلذذاً هو أن مجهودك لا يضيع فهو إن لم يظهر لك منشوراً أو منتجاً، فهو حتماً قد أمتعك وجعلك تتلذذ بعالمه الملون وتفاصيله المرحة، وهو ما يتفق عليه معظم أدباء الأطفال، ولكن طبعاً المجال لا يخلو من بعض الصعوبات المتعلقة بالأجور المالية القليلة، وقلة مجلات الأطفال المتوفرة، منافسة وسائل الإعلام الأخرى للمجلات والقصص وأثر ذلك في تراجع دور المطبوعات المتوجهة للأطفال، تكلفة النشر والطباعة العالية الثمن، إلا أن الطموح يبقى عالياً بالدور الذي تبذله وزارة الثقافة ومديرية منشورات الطفل في تعزيز دور أدب الأطفال في سورية، من خلال الورشات ومعارض الكتاب المحلية والعالمية، والمسابقات وحركة الترجمة والتعريب، وأملنا بالقيام بالمزيد من النشاطات التفاعلية التي تزيد من دور أدب الأطفال وتعزز من أهميته.

الموهبة

أهم المحطات الأدبية في مسيرتك والأعمال التي تركت الأثر في تطور الموهبة؟

عطفاً على ما ذكرت في البداية، فإن توجهي نحو الأطفال كان منذ وجودي في مدارج جامعة دمشق في كلية الإعلام في مرحلة التخرج والماجيستير عام 2015، ثم بدأت بعدها العمل في قناة سبيستون الخاصة بالأطفال بصفة مؤلفة ومعدة لبرامج الأطفال المرئية، ثم بدأت العمل مع عدة مجلات سورية وعربية وأخرى أجنبية تكتب باللغة العربية، منها مجلة نيلوفر وفارس الغد وحكايتي والمهندس الرقمي الصغير وأسامة وحديثاً مجلة شامة، وغيرها من المجلات الموجهة للأطفال في مختلف أعمارهم، توجهت إليهم بالقصص السردية وبالمواد العلمية المبسطة، وبمواد ثقافية متنوعة، بالإضافة إلى عملي في مجال تأليف كتب للأطفال كالكتب التعليمية والدينية والتربوية.

ولتطوير موهبتي أحرص دوماً على الاطلاع على آخر منشورات كتب الأطفال، وأسعى إلى مواكبة الجديد منها، مع الاهتمام بمجال اللغة العربية السليمة وتنمية الخيال والقراءة الواسعة فهي صلة الوصل بين الكاتب والطفل وبالتالي يجب إعطاءها الأولوية إلى جانب الموهبة والاهتمام بالنوعية.

محطات وتجارب

هل من محطات وتجارب معينة خضتيها يمكن أن تكون شكلت صدمات وعي لك؟

جميع التجارب تضيف لنا بلا استثناء، منها ما يعلمنا ومنها ما يطورنا، ولعل في مسيرتي كانت التجارب السلبية بما يتعلق بقلة عدد النقاد لعالم أدب الطفل في سورية وبالتالي عدم الدفع بهذا النوع من الكتابة قدماً نحو الأمام، الأزمات المالية التي تعرضت لها دور النشر وتراجع الطباعة، وبالتالي الانتشار محدود بالنسبة للكاتب، وعدم وجود صالونات لاكتشاف مواهب جديدة في عالم الكتابة للطفل، عزوف الأطفال عن القراءة بسبب انتشار التكنولوجيا وغيرها من الصعوبات التي تحد من عمل الكاتب.

 

*الفروق بين الأدب المكتوب والمطبوع والأدب المتلفز وهل لهذه الفروق قواعد؟

من المؤكد أن لكل نوع من هذه الأنواع خصائص تختلف فيما بينها من حيث طبيعة التوجه والتأليف، فالأدب المكتوب يحتاج إلى وصفٍ أكثر وإلى لغة سليمة ودقيقة، مع ضرورة مراعاة حجم النص وعدد الكلمات التي لا تطيل النص أو تكثر من حشوه، بالإضافة إلى الرسومات التوضيحية، أما الأدب المتلفز فهو يركز على الكلام المسموع والمنطوق بلغة سليمة أيضاً، مع موائمة الصور للقيم العربية والمجتمعية، وبالطبع فإن أي أدب موجه للطفل ينبغي أن يكون سليماً ومفهوماً وإبداعياً ومحترماً لذكاء الطفل وذائقته اللغوية والجمالية، ويحتاج إلى جهد كبير من الكاتب لشحذ خياله وإبداعه، مع القراءة النهمة لكل جديد والتقرب من الأطفال والانفتاح على عالمهم والتواصل معهم والاستماع إليهم.

المستقبل

وفي الختام ما هي الرؤى المستقبلية والأحلام والطموحات التي تطمح إليها أمينة الزعبي؟

من يسير على درب أدب الأطفال لا يعرف التوقف، ولا يطيل الوقوف في محطته، بل كثيراً ما تراه متنقلاً مابين الحسن والأحسن، مواكباً لجديد هذا الأدب الذي يتطور مع تطور الأجيال عاماً بعد عام، لذا فالطموحات نحو إثراء مكتبات الأطفال بمحتوى ثري وثمين وبعيد عن السطحية وموائم لمتغيرات العصر المتلاحقة هو حلم كل أديب وطموح أمام كل منهم سواء في الوقت الراهن أو في المستقبل، فدوماً ميدان التنافس بحاجة إلى صقل خيال ونهم للمعارف على اختلاف أنواعها، مع التوسع في دراسة الأطفال النفسية والاجتماعية والتوغل في عالمهم.