سوسن الزعبي في صالة عشتار.. الأنثى ترسم المدينة السيدة
تُعرض حالياً في صالة عشتار للفنون الجميلة في العدوي أعمال الفنانة التشكيلية سوسن الزعبي التي قدّمت مجموعة من اللوحات المنفذة بتقنية الكولاج والرسم بألوان الأكريليك، تناولت موضوعاً لا يخرج عن نطاق رسم مشاهد من دمشق القديمة في صياغة وتأليف خاص تتبناه الفنانة بأسلوبها التصويري، إضافة إلى بعض البورتريهات التي نعرف بعض أصحابها، وخاصة أولئك الذين ينتمون لمحيط الفنانة الإنساني والاجتماعي من أصدقاء وأقارب.
ربما بدأ العرض قبل الافتتاح بأيام بما نُشر عبر صفحات التواصل، حيث كتبت الفنانة مقدمة ربطت فيها بين عدد اللوحات وعدد سنوات عمرها، مكللة بالفن والجمال ومواجهة الحياة بجدارة عاشق، ولابد في هذا المقام من تسجيل الإعجاب ببوستر المعرض الأحمر الذي صمّمه الفنان الدكتور عبد الناصر ونوس أستاذ الاتصالات البصرية في جامعة دمشق الذي اعتمد لغة بصرية كثيفة وذكية في صناعة هذا الإعلان الذي نفتقد بعض ملامحه في ملصقات المعارض الأخرى التي تزدحم بها مواقع التواصل، حيث نجد السطحية عند أغلب التشكيليين الذين يتبنون صورهم الشخصية بوستراً للمعرض أو يتخذون من العنوان الملفق مبرراً ترويجياً خادعاً لتجربة لا تتعدى أن تكون متواضعة بالأساس!.
قد تنتمي لوحة سوسن الزعبي لوهلة إلى تلك الأعمال الرائجة على المستوى التسويقي، وخاصة تلك التي تصوّر معالم دمشق القديمة وحاراتها الحميمة بأنفاس أهلها، هذه الصور التي استُنسخ منها الكثير، وقد تتوفر في أي مكان قريب من الرصيف وفي بعض المحال التي يرتادها السياح والمتعلقون بالماضي.. لكن لوحة سوسن تنجو من هذه النمطية بتلك الفرادة التقنية التي تحسب بحدين “مع وضد” في آن معاً، وحسبي متعة أن السيدة ترسم القيمة بحدّ ذاتها في مواجهة البحث عن خصوصية إبداعية تنتمي لرسامة تؤثث اللوحة بأكثر مما هي رسم للواقع المباشر، بل تعزز هذا التأثيث بروحية المرأة التي تعلق زينتها على شبابيك البيت وتزخرف ستائرها بورد حديقتها أو تترك بعض أساورها وعطرها على مقابض أبواب البيوت أو حديد الشرفات.. إنها الأنثى المدينة المفتونة بدمشق المدينة الأنثى، حيث تستولدها لوحات وقصائد ملونة ترسمها بنزق حيناً وبكثافة عالية من الألوان التي تحذف أو تضيف لما هو مرسوم على القماش، أو أنها تتموضع كسطح مجاور يؤاخي بين ورق “الكولاج” الملوّن ومحيطه، هي ليست براعة وحرفية فقط بقدر ما هي إحساس بفضاء يتطلب مزيداً من المفردات أو النغمات، حتى يكتمل المشهد وتستسلم الفكرة للصانع.
أكسم طلاع