الغرب يواصل الهيستيريا حول أوكرانيا .. وكييف تدعو إلى عدم التهويل
في الوقت الذي تستمر فيه الولايات المتحدة الأمريكية ببث المزاعم والأكاذيب حول غزو روسي وشيك لأوكرانيا، محاولة نشر حالة من الخوف والرعب في العالم من احتمال اندلاع شرارة حرب عالمية ثالثة انطلاقاً من هذا البلد، تتواصل الإشارات من أوكرانيا ذاتها بأن هذا الحديث فيه الكثير من التهويل وأن الوضع في البلاد لا يزال تحت السيطرة وليس هناك ما يدعو إلى عسكرة الوضع في البلاد، والوصول إلى حالة من تعطيل الحياة العامة للناس، وهذا الأمر ربما مثّل أكبر صدمة للإدارة الأمريكية التي تتعمّد تسويق الأكاذيب حول الوضع في أوكرانيا لإشعال حرب في المنطقة تعتقد أنها ستكون في منأى عن تداعياتها.
وفي هذا السياق، أعلن الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي أنه بحث مع رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، خلال اتصال هاتفي تفعيل عملية السلام ضمن “صيغة النورماندي” الخاصة بالتسوية في منطقة دونباس.
وكتب زيلينسكي على صفحته في “تويتر” أنه أجرى “اتصالاً مهمّاً مع شارل ميشيل”، موضحاً أن المكالمة ركّزت على “التصدي للتحديات الأمنية والعقوبات”.
وأضاف: إنه ناقش مع ميشيل “المحادثات الدولية الأخيرة وتفعيل عملية السلام ضمن إطار رباعية النورماندي”.
وجدّد زيلينسكي تمسّك كييف بحل النزاع في منطقة دونباس (جنوب شرقي أوكرانيا) دبلوماسياً، معرباً عن امتنان بلاده للاتحاد الأوروبي على دعمه المقدم للاقتصاد الأوكراني.
وفي تعليقه على الاجتماع قال نائب رئيس الإدارة الرئاسية الروسية ديمتري كوزاك: إن “النتيجة السلبية هي أيضاً نتيجة. لدينا الآن وضوح كامل حول ما تستحقه كل تصريحات مختلف السياسيين والشركاء”.
وأضاف: إن الجانب الأوكراني صرّح خلال الاجتماع بأنه مستعدّ للتفاوض مع ممثلي جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين (المعلنتين من طرف واحد في دونباس) فقط من خلال منظمة الأمن والتعاون في أوروبا.
وفي خبر أكثر دلالة على حجم التضليل الذي تمارسه وسائل الإعلام الغربية حول الوضع الراهن في أوكرانيا، نفت حكومة أوكرانيا صحة الأنباء عن إغلاق مجالها الجوي أمام حركة الطيران المدني وسط مخاوف من تعرّضها لـ”غزو روسي”.
وشدّدت وزارة البنى التحتية الأوكرانية في بيان أصدرته اليوم الأحد، أن سماء البلاد لا تزال مفتوحة، مشيرة إلى أن الأنباء عن إغلاقها “لا تتوافق مع الواقع”.
وذكرت الوزارة أن إغلاق أجواء البلاد أمام حركة الطيران يمثل حقاً سيادياً للدولة الأوكرانية، ولم يتم تبني مثل هذا القرار.
وأكدت الوزارة أنها عقدت اليوم اجتماعاً مع ممثلين عن مكتب الرئيس فلاديمير زيلينسكي وخدمة الطيران المدني والهيئة الحكومية المعنية بصيانة الطيران المدني وإدارة مطار بوريسبول قرب كييف وشركات الطيران الأوكرانية بشأن المستجدات في سوق الطيران المدني.
ولفتت الوزارة إلى أن هذه المشاورات توّجت بتبني قرار بمنع استمرار تفاقم الوضع، موضحة أن معظم شركات الطيران ستواصل عملها دون أي قيود في أوكرانيا.
وأعربت الحكومة الأوكرانية عن استعدادها لتقديم ضمانات مالية إضافية لدعم شركات الطيران التي تواجه صعوبات متعلقة باضطرابات في أسواق التأمين.
بدوره، صرّح مستشار كبير الموظفين في الرئاسة الأوكرانية، ميخائيل بودولياك، في حديث إلى وكالة “رويترز” بأن حكومة كييف لا ترى أي مغزى في إغلاق أجواء البلاد، واصفاً هذا الأمر بأنه “هراء ويشبه حصاراً جزئياً”.
ويأتي ذلك على خلفية تعليق شركة الطيران الهولندية KLM أمس جميع رحلاتها من وإلى أوكرانيا حتى إشعار آخر، بسبب المخاوف من تعرّض هذا البلد لـ”غزو روسي”.
من جانبها، أكدت شركة SkyUp الأوكرانية اليوم أن رحلة تابعة لها متوجهة إلى كييف من البرتغال اضطرت أمس إلى الهبوط في عاصمة مولدوفا، كيشينيوف، بعد أن منعها مؤجر إيرلندي من دخول مجال أوكرانيا الجوي.
وطالب الرئيس الأوكراني زيلينسكي أمس الغرب بتقديم أدلة تثبت صحّة مزاعمه عن “الغزو الروسي الوشيك”.
إلى ذلك، أعربت روسيا عن قلقها إزاء قرار بعض الدول سحب موظفيها العاملين في جنوب شرق أوكرانيا ضمن بعثة المراقبة الخاصة التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا.
وأكدت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا اليوم الأحد، أن الرئاسة الحالية والأمين العام لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا أبلغا الدول الأعضاء بأن “بعض الدول” قرّرت سحب مواطنيها الموظفين في بعثة الرقابة الخاصة للمنظمة في أوكرانيا، بدعوى “تفاقم الظروف الأمنية”.
ولفتت زاخاروفا إلى أن هذه القرارات تثير بالغ قلق موسكو، محذرة من “جرّ البعثة عمدة إلى الهستيريا العسكرية التي تؤجّجها واشنطن واستغلالها كأداة لاستفزاز محتمل”.
وتابعت: “ندعو إدارة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا إلى التصدي بحزم لمحاولات العبث بالبعثة ومنع جرّ المنظمة إلى التلاعبات السياسية العديمة الذمة الجارية حولها”.
وأعربت المتحدّثة عن قناعة روسيا بأن “أداء البعثة لأنشطة المراقبة وفقاً لتفويضها مطلوب أكثر من أي وقت مضى في ظل تأجيج التوترات بشكل مفتعل”.
ويأتي ذلك على خلفية أنباء عن بدء الولايات المتحدة اليوم بسحب مراقبيها من بعثة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا من جمهورية دونيتسك الشعبية المعلنة ذاتياً في جنوب شرقي أوكرانيا.
وأعلن فلاديسلاف بيرديتشيفسكي، رئيس لجنة السياسات الخارجية والعلاقات الدولية والسياسات الإعلامية وتكنولوجيا المعلومات التابعة لمجلس الشعب في جمهورية دونيتسك، أن المراقبين الأمريكيين والبريطانيين ضمن البعثة تلقوا تعليمات بمغادرة منطقة دونباس.
في الوقت نفسه، أكد مراسل RT في دونيتسك رومان كوساريف أن مجموعة أخرى من موظفي منظمة الأمن والتعاون في أوروبا وصلت إلى المدينة، ويرتدي الكثيرون منهم سترات واقية، مشيراً إلى أنهم رفضوا الإجابة عن أسئلة الصحفيين
إلى ذلك، حذر مسؤولون كبار في ألمانيا من أن التصعيد العسكري الحالي حول أوكرانيا قد يتحوّل إلى حرب واسعة النطاق تشمل أوروبا برمّتها. وقال وزير الاقتصاد وحماية المناخ ونائب المستشار الألماني، روبرت هابيك، في حوار مع شبكة RTL/ntv اليوم الأحد: “ربما نقف على وشك حرب في أوروبا، مع جيوش ودبابات يواجه بعضها بعضاً. إنه أمر مزعج وخطير تماماً”.
وفي ردّ على محاولات الإدارة الأمريكية الوصول من خلال التصعيد الحالي إلى إلغاء الاتفاقات الأوروبية مع الجانب الروسي، قالت مارغريت شرامبوك وزيرة الاقتصاد والسياسة الرقمية في النمسا: إن بعض الدول تريد أن تتخلى فيينا عن المشاركة في خط “السيل الشمالي- 2″، لكن بلادها لن تخضع لرغبات الآخرين.
وشدّدت الوزيرة على ضرورة تشغيل الخط، الذي تعدّ النمسا المستثمر الرئيسي الثاني فيه بعد ألمانيا، . وأضافت الوزيرة: “أعلم أن بعض الدول ترغب في أن تتخلى النمسا عن خط السيل الشمالي- 2، لكن ذلك لن يحدث من جانبي ولا من جانب وزير الخارجية، لأننا كدولة استثمرنا كثيراً عبر شركة النفط والغاز النمساوية OMV”.