غابت “النقابة” وحضر “المحتجون”.. فرض رسم على الأدوية البيطرية يزيد من هواجس تدهور الثروة الحيوانية
دمشق – بشار محي الدين المحمد
شهد اجتماع صناعيي الأسمدة والأدوية البيطرية والمبيدات الحشرية المتمحور حول تعديل القانون رقم 18 لعام 2004 وتأثيره على هذه الصناعة، تحفظات شديدة لجهة فرض القانون رسوماً تتراوح ما بين 200 – 400 ليرة لكل عبوات الأدوية البيطرية، ما حدا بأحد الصناعيين لدق ناقوس خطر انهيار القطاع الزراعي الحيواني، والذي لا تتواءم أسعار منتجاته مع القوة الشرائية للمواطن، متسائلاً: هل السوق قادرة على تحمّل مزيد من الرسوم التي ستضاعف مبلغ الربح المخصص للتاجر والصناعي والبيطري؟ ولاسيما أن القطاع الحيواني يحتاج إلى كثير من الأدوية.. فالفوج الواحد من الدواجن يحتاج من 20 – 30 عبوة من الدواء الواحد، وبالتالي فإن زيادة أسعار تلك العبوات يعني إغراق القطاع أكثر فأكثر، وتحميل المربي المزيد من الخسائر، والنتيجة الإستراتيجية ستكون خروج المزيد من المنتجين من هذا القطاع.
المهندس الزراعي محمود الصفدي بين أن الصناعي يتحمل الفروقات الكبيرة للأسعار المتقلبة، وهذا بحد ذاته يسبب خسارة كبيرة له، وللأسف – حسب تعبيره – لا يؤخذ هذا الأمر بعين الاعتبار عند وضع القوانين أو التسعيرة، مشيراً إلى أنه في حال تكليف المستورد بدفع مبلغ ثابت على كل قطعة -وليكن 300 ليرة- فهذا يعني أن المستورد الذي سيستورد مليون قطعة سيدفع 300 مليون ليرة لنقابة الأطباء البيطريين، ما يحتم بالنتيجة اعتماد معايير أخرى عند فرض الرسوم كالحجم أو الوزن.
واعترض ممثل شركة المتحدة للأدوية البيطرية على طرح سابقه لجهة اعتماد حجم العبوة في الرسم، مبيناً أن هناك أدوية حجمها واحد ليتر بسعر 4000 ليرة، وبالمقابل هناك أدوية حجمها نصف ليتر بسعر 400 ألف ليرة، وبالتالي سنكون أمام تعقيد كبير عند اعتماد اللصاقة الموحدة.
صفوان نويلاتي من شركة الفارابي للأدوية البيطرية طالب إما باعتماد سعر العموم المسجل على عبوة المنتج كمعيار لفرض الرسوم لكون المنتج يصرح بهذا السعر للعموم بكل شفافية، أو توحيد اللصاقة، متسائلاً عن سبب عدم تمثيل النقابة في هذا الاجتماع رغم قيامها بفرض الرسم، مشيراً إلى عدم وجود أي دور لها حتى في تحليل الأدوية البيطرية والذي يقع على عاتق وزارة الزراعة..!
المهندس عبد الرحمن مارديني العامل بمجال المبيدات قال: أصبح المواطن عاجز عن قتل صرصار أو جرذ بسبب ما يعانيه من رفع غير مدروس للأسعار فليس من المعقول أن يدفع المواطن 3000 ليرة لشراء ماسورة دواء للصراصير، أو 25 ألف ليرة مبيد للجرذان، وبالتالي الأضرار لا تقتصر على المربي أو الفلاح أو الصناعي بل ستشمل الجميع..!.
المهندس طارق نابلسي من شركة العامرة للتنمية الزراعية المختصة باستيراد وتصنيع الأسمدة تساءل عن سبب تكرار معاناة عدم إشراك القطاع الخاص كتاجر، أو صناعي، أو منتج عند اتخاذ أي قرار، فالقرارات تولد مشوهة دائماً أو ناقصة أو مغلوطة، وعلى الصناعي أو التاجر أن “يقبل الأيادي” – حسب تعبيره- لإنصافه ومساعدته، متسائلاً عن سبب إصرار النقابة على فرض الرسم رغم رفضه من قبل وزير الزراعة والاستصلاح الزراعي..؟
وأضاف نابلسي “سنتعرض لمشكلة جديدة عند وضع باركود على منتجاتنا تتعلق بدفع كلفة إضافية لحماية الملكية، في حين أننا ندفع رسوم تسجيل المنتج سواء كان دواء، أو سماد لدى وزارة الزراعة وبالتالي سنتحمل نفقات بشكل مزدوج على منتجاتنا ودون مبرر، إضافة للبطء في العملية الإنتاجية”.
وأشار نابلسي إلى أن معظم الشركات تدعم الفلاح والمربي من خلال إقراضه عوضاً عن المؤسسات العامة والمصارف الزراعية، وإن إضعاف أرباح المنتج من خلال تلك الرسوم سينجم عنه بالضرورة إضعاف دوره التمويلي لبقية حلقات الإنتاج الزراعي.
أحد المهندسين الزراعيين اشتكى من ضعف دور النقابة، فخدمته تبلغ 43 سنة وهو غير قادر على إغلاق مستودعه أو عيادته للحصول على راتب ضعيف جداً، وبذات الوقت يستغرب كيف ستحصل النقابة على مئات الملايين من التجار والصناعيين وعلى ماذا ستنفق أموالها؟!.
رئيس غرفة صناعة دمشق وريفها سامر الدبس اعتبر أن هذا القانون فيه ظلم كبير للمنتج والصناعي والفلاح ولا يمكن السكوت عنه، وأكد أنه لا يوجد في مجلس الشعب مختصين بالأمور البيطرية وإلا لما كان قد صدر القانون، متسائلاً عن الخدمات التي تقدمها النقابة لأعضائها للحصول على تلك الرسوم الهائلة التي ستجبى من عبوات الأدوية البيطرية، مع العلم ليست لها حتى نشاطات خيرية لدعم أسر الجرحى أو الشهداء؟!.
ووعد الدبس بإعداد مذكرة وإرسالها إلى اللجنة الاقتصادية في مجلس الوزراء وإحالتها إلى مجلس الشعب قائلاً: “القانون صدر، ولكن تعليماته التنفيذية ليست كلاماً منزلاً”.
تواصلنا مع مصدر في نقابة الأطباء البيطريين –فضل عدم الكشف عن اسمه لأسباب نقابية- فبين أن رسم اللصاقة تم إقراره بموجب قانون صادر عن مجلس الشعب، وسينعكس بشكل إيجابي على خزانة الأطباء البيطريين التي تعاني العجز، وتابع: عند تفعيل هذا الرسم سنتوقف حتى عن اقتطاع رسم شهري من راتب الأطباء، مبيناً أنه تم تهويل الموضوع من قبل الصناعيين والمستوردين فالحصول على مبلغ 400 ليرة على عبوة الدواء التي سعرها يفوق الـ25 ألف ليرة، أو نصف هذا الرسم على التي سعرها دون الـ25 ألف ليرة سيتم حسمها من أرباح الصناعي والمستورد، ولن يضاف على سعر العبوة، ولن يؤثر سوى بنسبة محدودة على الأرباح المخصصة للمستورد أو الصناعي.
وأكد المصدر أن هذا الرسم سيكون له أثر إيجابي في غضون سنة من تطبيقه على كافة أعضاء النقابة، وأنهى حديثه معتبراً أن الموضوع أخذ تم تهويله بشكل كبير جداً بسبب رغبة الصناعي والمستورد بالحصول على كامل مرابحه دون المساهمة بأي دور..!.