بعد اصطدامها بحقيقة قدراتها.. الأصوات النشاز بدأت تخفت في الغرب
تقرير إخباري
على وقع الخوف المتزايد في الغرب من إمكانية وصول الوضع بينه وبين روسيا إلى نقطة اللاعودة، بدأ هذا الغرب الكرتوني تدريجياً يراجع تصريحاته التي أطلقها منذ بداية العملية العسكرية في أوكرانيا حول المكان الذي يمكن أن تصل إليه عقوباته ضدّ روسيا.
فبعد أن أوهم هذا الغرب الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلنسكي أنه سيسير معه إلى النهاية في صراعه مع موسكو، يبدو أنه هو الآخر قد استفاق من غفوته وبدأ يراجع مواقفه التصعيدية إزاء موسكو خشية انزلاق الأمور إلى صراع كبير معها ربما تشمل تداعياته العالم أجمع وليس فقط أطراف الصراع.
وها هو الأمين العام لـ”ناتو” ينس ستولتنبرغ بعد أن رفع سقف التهديد بخصوص معاقبة روسيا بكل الوسائل المتاحة وإجبارها على الانكفاء عن العملية يجد نفسه مضطراً إلى الاعتراف بأن حلفه عاجز عن إرسال طائراته إلى المجال الجوي الأوكراني، مستبعداً أن تكون منظومة الحلف جزءاً من النزاع الحاصل في أوكرانيا، ومؤكداً أن حلفه سيقدّم فقط الدعم العسكري والمساعدات المالية والإنسانية.
هذا الرأي شاطره إياه رئيس بولندا أندجي دودا الذي أعلن أن طائرات الحلف لا يمكن أن تطير إلى أوكرانيا.
ولم تقف التراجعات الغربية عن الحماس في الصراع مع موسكو عند هذين المسؤولين، بل تجاوزتهما إلى أشدّ المسؤولين الغربيين عداء لروسيا، وهو رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الذي أكد أن القوات البريطانية لن تقاتل القوات الروسية في أوكرانيا، ولا يمكن فرض حظر جوي فوقها، لأن الحرب مع موسكو “شيء لا يمكن فعله أو تخيّله”، مدّعياً من أستونيا حيث نشرت بريطانيا المزيد من القوات، أن “هذه ليست أكثر من إجراءات دفاعية كانت جوهر الناتو لأكثر من 70 عاماً”، ومؤكداً أن بلاده لا يمكن “أن تشارك في قتال مباشر مع روسيا”.
ويبدو أن التراجعات الغربية لن تقف عند التحذير من الاصطدام العسكري المباشر مع موسكو، بل إن العقوبات الاقتصادية أيضاً ستكون موجعة لأوروبا أيضاً، حيث أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن عقوبات الاتحاد الأوروبي، على خلفية الوضع في أوكرانيا، ضد روسيا ستضرّ أيضاً بالاقتصاد الأوروبي.
وتحدّثت في جلسة عامة استثنائية للبرلمان الأوروبي حول الوضع في أوكرانيا عن الثمن الذي ينبغي على أوروبا أن تدفعه نتيجة هذه العقوبات، مشيرة إلى أنه على أوروبا أن تبحث عن موارد جديدة للطاقة حتى تحافظ على استقلاليتها، إلى أن يتم الانتقال إلى الموارد المتجدّدة.
وعلى مستوى أقل، أعلنت البرلمانية الإيطالية دوريانا سارلا عن حزب “مانيفيستا” معارضة كتلتها التامة لإرسال الأسلحة والجنود إلى أوكرانيا، لأن الحرب لن تجلب السلام.
وبالمحصلة بدأت التقارير الصحفية الغربية ذاتها تنفي صحة الادّعاءات الغربية حول قيام الجيش الروسي باستهداف المدنيين، فقد أكدت الصحفية والمراسلة الحربية آن لور بونيل الموجودة في منطقة دونباس خلال مداخلة على قناة “سي نيوز” الفرنسية، أن القوات الأوكرانية هي من تشنّ قصفاً عنيفاً على دونباس.
وأضافت: “سأتوجه إلى دونيتسك والقصف هناك ينفذ من السلطات الأوكرانية.. أنا آسفة أن أصدم المتابعين والجميع لكنها الحقيقة”.
وتابعت قائلة: “أنا لست طرفاً ولا أدافع عن بوتين لكنها الحقيقة، أنا قريبة من المدنيين.. أنا لا أتخذ موقفاً.. ببساطة ما أقوله هو الحقيقة والواقع أن الجيش الأوكراني يقصف شعبه والأطفال من أشهر يعيشون في الملاجئ تحت الأرض”.
وصرّحت الصحفية والمراسلة الحربية بأن عام 2015 دليل على جرائم ضد الإنسانية وأتحمّل مسؤولية ما أقول وأدعوكم أن تنظروا إليها.
وفي ختام مداخلتها قالت المراسلة: نعم، ردّاً على سؤال المذيع: “هل السلطات المركزية الأوكرانية هي من تقصف المنطقة؟”.
إذن، بعد أن تم الاحتواء الأولي للحرب الاقتصادية والإعلامية التي شنّها الغرب على روسيا في بداية الحملة العسكرية في أوكرانيا، بدأت الرؤوس الساخنة في الغرب تستفيق من الغفوة وتفكّر جدّياً في حقيقة المآل الذي يمكن أن تصل إليه الأمور إذا ما استمر الغرب بالتفكير بطريقة استعلائية، وخاصة أنه يقف أمام قوة نووية واقتصادية عظمى، ولا تجدي معها الحروب الدعائية.
طلال ياسر الزعبي