آلام الجوع.. ارتفاع أسعار الغذاء العالمي
عناية ناصر
قد يخرج تضخم الغذاء عن نطاق السيطرة، حيث يؤدي ارتفاع أسعار الطاقة والحرب الروسية الأوكرانية، وأزمة سلسلة التوريد العالمية إلى تفاقم الوضع الاقتصادي الهش بالأساس. ولكن في حين أن أمريكا قد تمتلئ بالمنتجات الغذائية، يحذّر المحلّلون من أن انعدام الأمن الغذائي قد يكون مشكلة حسّاسة في جميع أنحاء العالم، مما قد يؤدي إلى اضطرابات سياسية واجتماعية.
ارتفعت أسعار المنتجات الغذائية إلى مستويات لم تشهدها منذ سنوات، فحتى أسعار زيت النخيل وزيت عباد الشمس آخذة في الارتفاع. وفي حين أنه من الواضح أن الصراع العسكري بين أوكرانيا وروسيا أدى إلى ارتفاع أسعار السلع، من الغذاء إلى الطاقة إلى المعادن، إلا أن الحرب أدّت إلى تفاقم المشكلات التي تسرّبت إلى السوق، وهذا له تأثير على الميزانيات المنزلية. وقد ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) أن مؤشر أسعار الغذاء قفز إلى مستوى قياسي بلغ 140.7 نقطة في شباط الماضي بزيادة 3.9٪ عن كانون الثاني الماضي، و20.7٪ عن الفترة نفسها من العام الماضي. بالإضافة إلى ذلك، شهد المؤشر زيادات لكل مؤشر فرعي تقريباً، بما في ذلك منتجات الألبان والحبوب واللحوم والخضراوات. ويتوقع الاقتصاديون قفزة أخرى في أسعار المواد الغذائية، مما يترك العديد من الأشخاص يكافحون لمواكبة التكاليف المتزايدة في سبيل تأمين غذائهم، وتتوقع وزارة الزراعة الأمريكية أن التكلفة الإجمالية للغذاء سترتفع بنسبة 3.5٪ هذا العام.
يطلق على كلّ من أوكرانيا وروسيا اسم “سلة الخبز العالمية”، ولذا من المرجّح أن ترتفع أسعار المواد الغذائية. وفي الوقت نفسه، يساهم الصراع في الارتفاع الهائل في أسعار النفط الخام والغاز الطبيعي، وهذا يضاعف تكلفة إنتاج ونقل اللحوم والفواكه والخضراوات، إضافة إلى الزيادة الهائلة في أسعار الأسمدة، وهو اتجاه تصاعدي يكلف المزارعين مبلغاً هائلاً من المال لزراعة الذرة والقمح وفول الصويا، في ظل تأثير ارتفاع الأسمدة النيتروجينية بنسبة 29٪ في أسبوع واحد على مؤشر الأسواق الخضراء في أعقاب الحرب. أما بالنسبة للسوق الدولية التي شهدت نقصاً في الإمدادات قبل الحرب، فهذه أخبار سيئة للجميع، وستزداد سوءاً مع توقف التدفقات التجارية. وهنا تستهدف الحكومة الأمريكية مجدداً منتجي الأسمدة والإمدادات الزراعية، محذّرة من التلاعب في الأسعار، الأمر الذي قد يدفع واشنطن إلى محاولة العثور على كبش فداء لقضية كانت تتفاقم العام الماضي.
لذلك إلى أي مدى يمكن أن ترتفع أسعار المواد الغذائية؟ قد يكون من الصعب التكهن بذلك، لكن خبراء السوق يوصون بالاستعداد لهذه الارتفاعات. لقد أدّت الأزمة إلى ارتفاع تكاليف الطاقة والغذاء، ولكن حتى قبل أن يتكشف هذا الوضع، كان تضخم الأسعار لا يزال يمثل تهديداً حقيقياً لمستويات المعيشة للملايين، ولكن عندما تمرّ العديد من البلدان في جميع أنحاء العالم بأزمة غذائية فقد يؤدي ذلك إلى مأساة عالمية، وحتى جهود التشديد الكميّ التي تستخدمها البنوك المركزية في كل اقتصاد لن تمنع الاحتمال المتزايد للفوضى السياسية والاجتماعية في الأسواق المتقدمة والنامية.