ثقافةصحيفة البعث

“نور العيون” على خشبة “ثقافي” حمص.. لوحات تهكمية من واقع متوارث

تستمر عروض احتفالية يوم المسرح العالمي التي تحييها نقابة الفنانين في حمص على خشبة قصر الثقافة، حيث التقى عشاق المسرح أمس الاثنين مع عرض “نور العيون” للمخرج نزار خضور مع مجموعة من الشباب الهواة في التمثيل الذين بذلوا مجهوداً استثنائياً للوصول بالعرض إلى فعل الامتاع والتشويق والتفاعل الراقي إلى حد ما مع الفكرة عبر تجميع مفرداتها المسرحية بإمكانياتهم الفنية والمادية المتواضعة، والوصول بها إلى سوية الفعل المسرحي الناضج.

النص للكاتب جوان جان، مقتبس عن نص للكاتب التركي خلدون الطائر، قدم قبل عشرة أعوام وأكثر على أحد مسارح دمشق، وحاول جان أن يجعل منه نصاً تهكمياً في سرده للوقائع التاريخية وربطها بالواقع الاجتماعي والسياسي والإداري بأسلوب مباشر غير مترابط درامياً، بل يقوم على مشاهد قصيرة متعاقبة تصور حال الفساد والقصور الإداري في النظام العربي، من خلال شخصيتي نور وسامي، وهما شابان ولدا في يوم واحد: الأول طيب وصادق وأمين مجتهد ومخلص في علاقته مع الآخرين ومع تربيته التي نشأ عليها، والده استشهد مع وزير الدفاع يوسف العظمة في معركة ميسلون، والثاني مستهتر طائش وانتهازي اقتفى خطا والده البيك الوصولي والمتسلّق، وانطلاقاً من مقولة: “من شب على شيء شاب عليه”. ترسم الأحداث ملامح الشخصيتين في صراع غير متكافئ أراد الكاتب النصر فيه للانتهازية والوصولية على حساب الكفاءة والوطنية والإخلاص عندما جعل نهاية نور في مستشفى المجانين بعد كل ما تعرّض له من نكسات وخيبات جرتها عليه بساطته وجديته في مجتمع لا مكان فيه إلا للانتهازي والوصولي والفاسد.

هو توصيف يعرّي الواقع بأسلوب تهكمي أقرب الى الكوميديا السوداء التي تحث المشاهد على الضحك بمرارة من واقع مأساوي تتوارثه الأجيال، وهو ما حاول المخرج الاشتغال عليه في المشهد الختامي عندما ربط بين صور قوافل الشهداء الذين ضحوا بدمائهم من أجل أن يبقى الوطن متماسكاً وصرخة نور وسامي الأخيرة في تحدي وثبات الخير أمام الشر، فالفاسدون والمتقاعسون هم من سمح للمحتل الغربي باحتلال البلاد العربية، وهم من أضاعوا فلسطين وتاجروا بقضيتها، وهم الآن من يعيثون فساداً وتخريباً فيما تبقى من وطن.

اشتغل المخرج على المشاهد الفيلمية للتغلب على الفقر المادي للمسرح السوري عموماً فيما يتعلق بالديكور، فكانت المشاهد المصورة تفي بالغرض وتتكامل مع الأثاث البسيط في كل مشهد، وتؤدي وظيفتها الإيحائية والتكاملية درامياً بشكل فاعل، رغم ما أحدثه بطء إيقاع العرض الذي يمكن إرجاعه إلى تعثر التنسيق الفني في الانتقال بين المشاهد، والتناغم بين المشهد الدرامي وتقنيي الصوت والإضاءة.

آصف إبراهيم