إذا ظهر السبب بطل العجب!
كانت “المقاومة” المزعومة، التي أبداها المتطرّفون الأوكرانيون في منطقة ماريوبول، حديث وسائل الإعلام الغربية طوال الفترة الماضية، لدرجة أن هناك من قدّر أن نخبة الجيش الأوكراني تتركز في هذه المدينة، حيث رفضوا جميع الدعوات التي قدّمها لهم الجيش الروسي بفتح ممر آمن، الأمر الذي أثار مجموعة من الشكوك حول أسباب ذلك، وقد شنّوا من أماكن تمركزهم في المدينة هجمات منظّمة على الجيش الروسي وقوات دونيتسك المسؤولة مباشرة عن تحرير المدينة.
كل ذلك كان يمكن أن يجد تفسيراً منطقياً له لولا أن وزارة الدفاع الروسية أعلنت مؤخراً أن نظام كييف فشل في إجلاء قياديي كتيبة “آزوف” النازية والمرتزقة الأجانب من ماريوبول بحراً على متن سفينة تجارية، بعد أن فشل في ذلك جوّاً، الأمر الذي يؤكد وجود ضباط استخبارات غربيين بين صفوفهم، وهو ما يتقاطع مع فيديو نشره رئيس جمهورية الشيشان الروسية رمضان قديروف ويتحدّث فيه أسير أوكراني عن وجود قوة أجنبية يصل قوامها إلى 300 فرد في مصنع “آزوفستال” المحاصر.
وجاء إعلان المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشينكوف عن محاصرة مئات المرتزقة الأوروبيين في مدينة ماريوبول، وأن اتصالاتهم وأحاديثهم التي تعترضها الاستخبارات الروسية يديرونها بـ 6 لغات، ليؤكد مجدّداً أن هناك كنزاً استخبارياً تستميت الدول الأوروبية في الدفاع عنه، حيث يتولّى هؤلاء المرتزقة عملية تصفية السلافيين مقابل الدولار، والاختباء وراء الدروع البشرية من المدنيين. وقد تبيّن فيما بعد أن فرنسا تحاول جاهدة إخراج مقاتلي كييف من مدينة ماريوبول، حسب إدوارد باسورين، المتحدث باسم قوات جمهورية دونيتسك الشعبية الذي أكد أن فرنسا وتركيا تسعيان إلى إتمام هذا العمل.
إذن، هناك قلق أوروبي غربي من انكشاف السر وراء هذه “المقاومة الشرسة” المزعومة، لذلك من الممكن أن تكون جميع السيناريوهات الأخرى، التي يتم طرحها بين الفينة والأخرى، مجرّد وسيلة للتغطية على حقيقة وجود عناصر استخبارات غربية تدير عمليات الاستفزاز في منطقة ماريوبول بما في ذلك عمليات القتل الممنهجة للسكان المدنيين، وتصوير أفلام وإخراجها على أن الجيش الروسي هو الذي قام بذلك في الأماكن التي كان يسيطر عليها، كما حدث في بوتشا، وجزء من هذا العمل طبعاً يتم القيام به للقول إن الجيش الروسي لا يراعي القانون الدولي فيما يخص التعامل مع الأسرى والسكان المدنيين زمن الحرب، وخاصة أن روسيا تتحدّث دائماً عن ممارسات الجيش الأمريكي وحلفائه وجرائمهم ضدّ المدنيين في كل من العراق وسورية وليبيا وغيرها من الدول التي تدخّل “ناتو” بها بشكل مباشر أو بالوكالة.
طلال ياسر الزعبي