مؤتمر “بواو” الآسيوي.. التعاون مفتاح النمو والاستقرار
ترجمة: هناء شروف
يركز المؤتمر السنوي لمنتدى “بواو” الآسيوي الذي ينعقد في الفترة 20- 22 نيسان الحالي في “بواو” بمقاطعة هاينان في الصين على كيفية “التعاون معاً” للتعافي من جائحة كوفيد-19 وبناء مستقبل مشترك. وكالعادة ستكون آسيا في دائرة الضوء، خاصة وأن المنطقة استعادت قوتها الاقتصادية في عام 2021 بفضل طرح لقاحات كوفيد 19، والانفتاح التدريجي وسياسات الاقتصاد الكلي الداعمة المستمرة.
عندما بدأت بعض البنوك المركزية الرئيسية في تطبيع سياستها النقدية من خلال اتخاذ تدابير مشدّدة في مواجهة التضخم المتزايد، بدأ الصراع الروسي الأوكراني الذي أدى إلى ارتفاع أسعار الطاقة مما خلق مزيداً من عدم اليقين بشأن التعافي الاقتصادي العالمي. لذلك يتعيّن على الاقتصادات الآسيوية تعزيز التعاون الاقتصادي، وبشكل أكثر تحديداً يمكن للاقتصادات الآسيوية الحفاظ على النمو من خلال تعزيز التجارة وتقوية التنسيق المالي داخل المنطقة والاستفادة من آليات التعاون الإقليمي.
خلال الموجة الأولى للوباء أظهرت التجارة في آسيا مرونة قوية، وأصبحت سلاسل القيمة الآسيوية مع الصين المورد الرئيسي للسلع الاستهلاكية والمنتجات الطبية في العالم مما عزّز التجارة العالمية، وقد أدى هذا إلى تسريع نمو التجارة في آسيا إلى 19.1 في المائة في تموز 2021. لذلك يجب على الاقتصادات الآسيوية تعزيز البحث والتطوير في مجالات مثل الطاقة النظيفة والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا، ورفع مستوى الصناعات كثيفة العمالة إلى التصنيع الذكي وتقليل انبعاثات الكربون أثناء عملية الإنتاج. وكل هذا لن يساعد عملية تحول وارتقاء هذه الاقتصادات الآسيوية على ترسيخ مكانتها في سلاسل القيمة العالمية فحسب، بل ستعمل أيضاً على بناء روابط أقوى داخل سلاسل القيمة الآسيوية.
ومن شأن الروابط المالية والتعاون المعزّزة داخل المنطقة أن تكفل الاستقرار المالي، إذ ارتفعت حصة آسيا البينية من حافظة الديون من 15.7 في المائة في عام 2016 إلى 18.9 في المائة في عام 2020، وزادت حصة حقوق الملكية من 20.2 في المائة إلى 21.4 في المائة.
يُذكر أن الدول العشر الأعضاء في رابطة أمم جنوب شرق آسيا والصين واليابان وجمهورية كوريا أنشأت آلية مبادرة “شيانغ ماي” متعدّدة الأطراف بقدرة تمويل 240 مليار دولار لتوفير دعم السيولة للدول الأعضاء. وكترتيب مالي إقليمي، تعمل جنباً إلى جنب مع صندوق النقد الدولي والبنوك المركزية في جميع أنحاء العالم لصياغة شبكة الأمان المالي العالمية التي تهدف إلى حماية الاستقرار المالي. وقد دخلت الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة حيّز التنفيذ في كانون الأول 2022، وهي أكبر اتفاقية تجارة حرة في العالم تغطي نحو 30 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وثلث العالم. ومن المتوقع أن يؤدي تنفيذها إلى تقوية الروابط التجارية الإقليمية وتعزيز النمو الاقتصادي من خلال معاملة التعرفة التفضيلية مثل قواعد المنشأ لتشجيع التجارة الإقليمية.
إن إقامة تعاون إقليمي أفضل تتطلّب جهود جميع الاقتصادات الآسيوية، ويتعيّن على الجميع العمل بنشاط أكبر مع الاقتصادات الآسيوية الأخرى حتى تكون المنطقة ككل أفضل استعداداً للتعامل مع المزيد من التحديات، ويمكنها تحقيق انتعاش اقتصادي قوي وتأمين الاستقرار المالي الإقليمي والحفاظ على التنمية طويلة الأجل.