نهايات متباينة بين المنطقية والعادلة والغامضة والمفتوحة على احتمالات قادمة
كما كانت أعمال الدراما لهذا الموسم موضع جدل وتفنيد سلبيات ومطبات وقعت بها، كذلك كانت النهايات التي جاءت متباينة بين المنطقية والرمزية والمفتوحة التي تترك الباب موارباً لترك إشارات استفهام تشير إلى احتمال تصوير جزء جديد إذا توافرت شروط الإنتاج. أو ترمي إلى مشاركة المشاهد باختيار مصائر الشخوص وفق ما يرغب، مثل نهاية مسلسل “الكندوش” الجزء الثاني، الذي عمل فيه المخرج سمير حسين على تلافي الأخطاء التي وقع بها في الجزء الأول، وأثارت غضب بعض الممثلين المشاركين بالعمل مثل كندة حنا، إضافة إلى نسبة من المشاهدين للإيقاع الدرامي البطيء وبرودة الأحداث وعدم حضور فعّال لأيمن رضا وكاتب السيناريو حسام تحسين بيك بشخصيتي العطار والحلاق، وتمحور الأحداث حول شخصية عزمي بيك- أيمن زيدان- كونه الشخصية الرئيسية بالعمل بأسلوب درامي تقليدي.
إيقاع درامي متسلسل
تمكّن المخرج سمير حسين في الجزء الثاني من جذب المشاهدين إلى تفاصيل حكاية الانتقام من عزمي بيك، بإيقاع درامي محكم ومتسلسل، فوجد المشاهدون في متابعته فرصة للاستراحة من الإيقاع الدرامي المكثف والسريع الذي اتصفت به بقية الأعمال، وخاصة الأعمال الاجتماعية، من حيث توالد الأحداث وكثرة الشخوص والحبكة الجماعية. فأخذ “الكندوش” موضع الصدارة عند كثيرين، ولاسيما أنه تطرق إلى مسائل اجتماعية عدة من خلال تفعيل دور الشخصيات المساندة مثل الطبيب رأفت –حازم زيدان – بدوره الوطني من جهة وبخياره العاطفي وقراره الزواج من لطيفة -رفيف إدريس- ابنة العربجي الأسرة الفقيرة رغم الفارق الاجتماعي بين العائلتين ورغم فارق المستوى التعليمي بينه وبينها.
ومن جانب آخر أظهر العمل دور المرأة الدمشقية الحقيقي، سواء بالمنزل أو بالمجتمع، من خلال شخصية فرح ابنة عزمي بيك وانتسابها إلى جمعية الأديبات وكتابتها الشعر ومتابعة تعليمها بالمدرسة، إلا أنه وقع أيضاً بمطب تعدّد الزوجات، وتكرار الدور الذي أدته صباح جزائري زوجة عزمي بيك الأولى بموقفها من زواجه ورضوخها للأمر الواقع واستقبال زوجته الثانية –سلاف فواخرجي– ياسمين لتعيش في منزل عائلة عزمي بيك، بتقاطع واضح مع تأديتها شخصية سعاد في باب الحارة -أم عصام- وموقفها من زوجها –أبو عصام- عباس النوري.
أخطاء بالتربية
إضافة إلى طرح مسائل اجتماعية تبدو بسلوكيات سلبية تطال المجتمع مثل شخصية شريف -همام رضا- الذي يقوم بأفعال مشينة تدور حول الجريمة والسرقة، فنوّه المخرج من خلال الأحداث إلى الأخطاء بالتربية الأسرية وبعلاقة الآباء السيئة بالأبناء والتمييز بالتعامل من قبل الأم، ما خلق أبعاداً نفسية ضارة أثرت بشخصية شريف وجعلته ينحرف عن المسار السوي.
وجاءت نهاية العمل رمزية إيحائية بما يتعلق بالصراع والانتقام من عزمي بيك، وتقليدية بما يتعلق بقتل شريف وانتصار الخير على الشر.
حبّ وفراق
أما نهاية “على قيد الحب” فكانت مفاجئة بتصاعد الأحداث نحو الجريمة التي ترتكبها عليا –سمر سامي- بطريقة مريبة وغير منطقية بالمشفى، وتعود جذورها إلى الماضي بكشف الأحداث حقيقة سلوم حداد -عزام- مدير شركة الإنتاج الثري، الذي كان يعمل باستقطاب الفتيات للعمل بعقود وهمية في الخليج ثم إجبارهن على العمل بالدعارة. إضافة إلى تفكك علاقات الحب وتفرق ثنائيات المحبين وخاصة (حلا وكنان) و(نمر وكندا) لتبقى ثنائية الصداقة المديدة أقوى من كل المواقف بين الرائعين دريد لحام وأسامة الروماني بتلميحات واضحة إلى المحبة التي تجمع بين أبناء الشعب السوري “بالفرح بالعز الديار معمرة”.
مصائر عادلة
وربما تكون نهايات شخوص “مع وقف التنفيذ” هي الأقرب إلى المنطقية وإلى الواقع رغم تنويه غسان مسعود بجملة تحتمل قراءات متعددة خطها د. حليم على مقدمة روايته “مع وقف التنفيذ إلى أن نلتقي (أبو الشوق)” وترك قرار البقاء أو السفر موارباً لطليقته وأم أولاده نادين -سناء-.
واتسمت مصائر بقية الشخوص بالعدل مثل مصير الخائن القناص سيف -مصطفى المصطفى- والفاسدة جنان عضو مجلس الشعب –سلاف فواخرجي- وبالنهايات المنطقية والإيجابية لهاشم -فادي صبيح- وسكر -شكران مرتجى- وعتاب –صفاء سلطان- ونهاية واقعية للشخصية المتذبذبة التي تسعى لمصلحتها مع أي طرف –فوزان- عباس النوري.
وبقيت أيضاً نهايات بعض شخوص (كسر عضم) الذي وقع بفخ تعزيز بعض السلبيات والمبالغة والتعميم مفتوحة لاحتمال جزء ثانٍ.
في حين كُشف سر أبوة حمدي –سلوم حداد– لعزيزة بطلة العمل نسرين طافش في “جوقة عزيزة”، التي اختارت عدم الدخول بمعترك الأحزاب السياسية والتفرغ للفنّ والتعبير عن هموم الناس.
الانتشار بالتسويق
ورغم الانتقادات التي طالت بعض أعمال دراما 2022 إلا أنها حققت انتشاراً كبيراً على صعيد التسويق وفكّ الحصار فشغلت المحطات العربية والمحلية، ويبدو أن الأنظار متوجهة نحو اختيار “مع وقف التنفيذ” ليكون العمل الأول لمصداقيته وقربه من الواقع وجمالية أداء نجومه وإيقاعه الإخراجي المتكامل مع المؤثرات والشارة والموسيقا.
ملده شويكاني