الحرب الإعلامية على روسيا.. سيناريوهات التلفيق والتزوير
أجمع المشاركون في ندوة “الحرب الإعلامية على روسيا.. سيناريوهات التلفيق والتزوير”، والتي عقدت أمس في المركز الثقافي العربي “أبو رمانة” بمشاركة الأساتذة: ميس كريدي، مالك صقور، د. ناديا خوست، أن ما تتعرض له روسيا اليوم من حرب إعلامية في عمليتها العسكرية في أوكرانيا هو ذات السيناريو الإعلامي الذي تعرضت له سورية في حربها ضد الإرهاب، وخاصة فيما يتعلق بالتضليل الإعلامي، وبيّنت كريدي أن سورية معنيّة بشكلٍ أو بآخر بالحرب على روسيا لأنها الحليف الذي يعنينا والذي قاتل معنا ضد الإرهاب وتصدّى لملفات من قِبل منظمات مدعومة دولياً، وهي منظمات تشكلت أغلبيّتها خلال الحرب على سورية وقد كانت غطاء للإرهاب وبطلاً من أبطال التضليل الإعلامي الذي ألّف العديد من الروايات والحكايات التي استُثمِرت على مقاعد السياسة وفي مجلس الأمن والمنظومة الدولية، موضحة أن روسيا تتعرض اليوم لذات الحملة من خلال فبركات لمجازر، بعضها حدث وقام بها النازيون الجدد، وبعضها لم يحدث لتُلصَق التهمة بالجيش الروسي، ورأت أنه من واجبنا كسوريين فتح حوار مجتمعي حول ذلك، وهذه الندوة كانت البداية لنقل الحوار إلى الجلسات والحوارات العامّة للإشارة إلى أن الحرب الإعلامية ضخمة وخلفها مؤسسات مموّلة ومدعومة وذات أغراض سياسيّة لعرقلة تشكيل العالم متعدد الأقطاب الذي تريده روسيا من خلال عمليتها العسكرية، ولم تخفِ كريدي أننا طرف في الحرب ونتعامل على هذا الأساس، وكما كنا جريئين في المواجهة في حربنا فنحن اليوم جريئون في موقفنا إلى جانب الحليف من خلال تعميم أسباب العملية العسكرية بشتى الطرق والأدوات بعيداً عن وسائل الاتصال الحديثة التي أطلقها الغرب عالمياً بعد إحكام السيطرة على عملها سلفاً، مؤكدة أن موقفنا ليس مجرّد اصطفاف وإنما هو موقف إنساني عالمي ضد الهيمنة على العالم، وكانت سورية دائماً حاضناً لكل ملف إنساني عالمي.
استراتيجية أميركية
وأوضحت د. ناديا خوست أنه من الضروري أن نعرف خلفيات الهجوم الإعلامي على روسيا ولماذا كانت الفبركة والأكاذيب التي اعتمدها الغرب والبنية النازية الموجودة في أوكرانيا التي نفذت استراتيجية أميركية وترى في الوجود الروسي خطراً ومانعاً للهيمنة الأميركية على العالم، في حين أن العملية العسكرية لروسيا في أوكرانيا هي افتتاح لزمن جديد عالمي فيه علاقات مختلفة عن تلك العلاقات السائدة في زمن القطب الواحد، مبينة أنه بعد تفكك الاتحاد السوفييتي وحلف وارسو ومحاربة الشيوعية كانت هناك محاولات لإضعاف روسيا وخلخلتها من الداخل، وروسيا اليوم لا تحارب أوكرانيا بل الولايات المتحدة التي تُحارب بالوكالة من خلال أوكرانيا، وقد كشفت العملية العسكرية لروسيا وثائق تبيّن أن أميركا والمخابرات المركزية ورثت مجموعات مانديرا الفاشية التي تعاونت مع هتلر. وأشارت خوست إلى العديد من الأحداث التي حدثت في أوكرانيا في فترة سابقة وبيّنت من خلالها العديد من الفبركات الإعلامية، موضحة أن الرأسمالية العالمية اليوم لا تستطيع أن تحل مشكلتها مع روسيا بحرب لأن لديها قوة عسكرية كبيرة، لذلك لجأت إلى أسلوب يُستَخدَم لأول مرة في تاريخ الإنسانية هو الإبادة الشاملة عن طريق الحرب الجرثومية، وهو سلاح خطير في أوكرانيا، منوّهة إلى نشأة النازية الجديدة في أوكرانيا والجرائم التي ارتُكِبَت على يدهم كمحرقة الأوديسا التي مرت ببساطة على القنوات التلفزيونية وقُوبِلت بتجاهل من المجتمع الدولي لتؤكد أن الحرب في أوكرانيا لم تبدأ بالعملية العسكرية الروسية وإنما بدأت عملياً قبل 8 سنوات عندما كان يتم قتل الروس من قبل النازيين الجدد في أوكرانيا، موضحة أن روسيا من خلال عمليتها العسكرية الخاصة تريد أن تخرج من تحت نير أميركا والشركات الأميركية وأن الشعب الأوكراني هو الضحية، وثلاثة أرباعه مع روسيا لأنه روسي بالأصل، مع إشارتها إلى أن المندوب الروسي في مجلس الأمن أكد وجود 36 مخبراً جرثومياً في أنحاء العالم، أحدها موجود شمال العراق وقد نفت منظمة الصحة العالمية علاقتها بهذه المخابر، وفي الوقت نفسه قدّم المندوب الروسي الوثائق التي تُثبِت وجود صلة بين هذه المخابر والمنظمة التي شاركتْ في دعم هذه المخابر، مؤكدة خوست في نهاية كلامها على أن ما يحدث اليوم هو حرب المحورين والقطبين: محور أميركا وأذنابها، ومحور روسيا وأصدقاؤها الذين يرفضون الإملاء وأن يكونوا منفّذين لأجندات الآخرين.
نفذ صبر روسيا
أشار أ. مالك صقور إلى أن السياسة الإعلامية التي تعرّضت لها سورية في حربها تتعرض لها روسيا اليوم، ولذلك يصف الإعلام الغربي العملية العسكرية التي تقوم بها روسيا في أوكرانيا بالغزو الهمجي ووصف بوتين بالهمجية والهتلرية والوحشية، وبدأوا يضعون صورته إلى جانب صورة هتلر، مشيراُ إلى أن من يعرف تاريخ روسيا وأوكرانيا يدرك حجم الأكاذيب وأنه وبعد ثلاثة عقود من الأفعال الامبريالية الصهيونية سيقول لقد نفذ صبر روسيا وقد أرادوا أن يجعلوا من أوكرانيا إسرائيل العظمى فكل التقارير السرية تشير إلى ذلك وهذا ما يُفسّر برأيه الاستكلاب الغربي والاستماتة لدعم النظام الموجود فيه، موضحاً صقور أن ما كان يُحضّر لروسيا من خلال أوكرانيا شيء كبير ليس فقط لروسيا بل للمنطقة كلها لأن الغرب وجد ضالّته في أوكرانيا التي تحوّلت لبؤرة لكل النازيين والمجرمين والمرتزقة في العالم، متحدثاً صقور عن التضليل الإعلامي الذي كان يُمارَس منذ سنوات بحق روسيا وعن قلب الحقائق من قبل وسائل الإعلام الغربية وهو ليس بجديد برأيه.
عملية عسكرية خاصة
وأوضح المستشار في السفارة الروسية روسلان غوتشيتل في مداخلة له أن الروس لا يسمّون هذه الحرب حرباً بل هي عملية عسكرية خاصة، وأنه لو كان لدى روسيا نيّة شن حرب على أوكرانيا فهذا كان من الممكن أن يتم بأسرع الطرق، ولكن ليس هذا أسلوبهم، فروسيا لا تريد أن تحتل أوكرانيا ولو كان لديها هذه النية لكان تحقق هذا الأمر منذ اليوم الأول، موضحاً أن الرئيس الروسي أعلن الأهداف من وراء عمليته العسكرية منذ أول يوم فيها وحدّدها بأربعة: نزع السلاح، القضاء على النازيين، عدم التملك للأسلحة النووية والدمار الشامل، والتحييد، ولكن ما حدث أن الأمر صار أكثر من نزاع داخلي حيث مُوِّل النّازيون في أوكرانيا بسلاحٍ من جميع أنحاء العالم، وأن الحرب الإعلامية التي تُشنّ على روسيا اليوم هي نفسها الحرب الإعلامية التي استُخِدمَت في سورية دون أي شيء جديد.
أمينة عباس