الدول الغربية تشعر بمرارة خياراتها.. العقوبات على الطاقة مستحيلة
تقرير إخباري
لا تريد الإدارة الأمريكية الحالية سماع الأصوات المنادية بضرورة التوقّف عن دعم أوكرانيا في مواجهة الاتحاد الروسي بعد كل النتائج الماثلة على الأرض، وذلك أنها تعتقد أن خيط النجاة الوحيد المتبقي لها قبل إعلان السقوط المدوّي للإمبراطورية الأمريكية يتمثّل في إمكانية كسب الحرب الأخيرة التي تشنها على روسيا عبر أوكرانيا بالوكالة، مستخدمة في ذلك كل الإمكانات الاقتصادية التي تمتلكها الدول الأوروبية التي تُساق كالقطيع إلى حتفها، حيث تصرّ هذه الإدارة على قطع علاقات أوروبا مع أكبر شريك اقتصادي لها في الجوار، فضلاً عن كونه أكبر مورّد للطاقة والمعادن الأساسية وتكنولوجيا الفضاء إلى الاتحاد.
كل ذلك لأن الحقد الأنغلوساكسوني على العرق السلافي بلغ ذروته، ولا تستطيع إلى الآن الدول الغربية، والأنغلوساكسونية تحديداً، أن تبتلع فكرة صعود الدبّ الروسي مجدّداً إلى قمّة الجبل، وهي إلى الآن تتعمّد تجاهل حقيقة أساسية تتمثل في أنه لولا صمود الجيش الأحمر في الحرب العالمية الثانية لكانت أوروبا قد تحوّلت إلى مستعمرة نازية، ويبدو أن هناك الآن من يحاول إعادة النازية إلى الحياة مجدّداً لمنع روسيا من العودة إلى هذا العالم بقوة.
وحتى لو صدرت الأصوات الداعية إلى ضرورة الوصول إلى حل سلمي للأزمة الأوكرانية من الداخل الأمريكي، يتم التعتيم عليها بدعوى وجود علاقة بينها وبين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
فهذا الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، على كل ممارساته السلبية مع كل من روسيا والصين، وحروبه التجارية التي أحدثت زلزالاً في اقتصادات العالم، يعرب عن مخاوفه من أن الصراع الحالي في أوكرانيا، يمكن أن يتسبّب بحرب عالمية ثالثة، منوّهاً بضرورة توجيه كل الجهود نحو إجراء مفاوضات لإنهائه.
من جهتها، قالت وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية إن المفوضية الأوروبية قدّمت اقتراحاً إلى دول الاتحاد الأوروبي ينصّ على تأجيل الحظر، الذي جرت مناقشته، على إمدادات النفط الروسية عبر خط أنابيب دروجبا.
وقالت الوكالة إن رغبة الدول الأوروبية في “معاقبة” روسيا على العملية الخاصة في أوكرانيا لا تتجاوز الكلام، لذا فهم يرفضون الوصول إلى “البقعة المؤلمة” وهي صناعة الطاقة. وأضافت: “كان التركيز على رفض هنغاريا دعم العقوبات، لكن دولاً أخرى تستسلم لمطالب بوتين بدفع ثمن الغاز بالروبل”.
إذن، بدأت الدول الأوروبية تشعر بمرارة خياراتها التي اتخذتها فيما يخص فرض عقوبات على روسيا، حيث تأكد لها أن خياراً مثل هذا سيؤدّي بالمحصّلة إلى تضخم غير مسبوق في الأسعار داخل الاتحاد، كما أنه لا توجد في الأفق أي إمكانية لتعويض سوق الطاقة الروسي بأيّ شكل من الأشكال، وأن كل الدعاية التي أطلقت حول جدوى العقوبات على موسكو جاءت بنتائج عكسية، بل إن عقد الاتحاد بات مهدّداً بالانفراط، الأمر الذي سيهدّد في المستقبل القريب سلامة أراضي دول الاتحاد ذاتها.
طلال ياسر الزعبي