“أوراق شخصية في بريطانيا والوطن”
صدر عن الهيئة العامة السورية للكتاب كتاب بعنوان “أوراق شخصية في بريطانيا والوطن” للدكتورة نجاح العطار. وقد جاء في المقدمة: “ما أحببت يوماً أن أكتب شيئاً عن حياتي الخاصة، ولا أنشر من ذكريات ماضي، ولكن إلحاح ابني وابنتي علي، وبعد أن عثرا على بعض أوراقي كان شبه ملزم لي كي أنشر بعضها.
ابنتي تقول لي: أعتقد أنه ينبغي أن يعرف تلاميذ اليوم أنك لم تصلي إلى أعلى السلم دون أن تكوني مؤهلة لذلك بما تحملينه من أفكار ومن إمكانيات ومن عقائد يرتسم فيها حب الوطن والإيمان به والحرص على السعي لكل ما يرتقي به ويسمو.
لقد بذلت الكثير من الجهد ومن غيرما كلل في العمل الدؤوب أداء لما آمنت أنه الرسالة، وحين بلغت هذا الوضع الذي أنت فيه، فقد كان ذلك عن جدارة واستحقاق.. كان بالطبع أمراً رائعاً أن يدعمك الرئيس الراحل الكبير ويعينك وزيرة للثقافة أولاً، وأن يتابع دعمك الرئيس الفريد والمتفرد بشار الأسد فيعينك نائباً له، ويحيطك أيضاً بالرعاية وتكملين الدرب معه بالعمل المنتج والنهج السليم.
واستجبت وبالحدود الدنيا وتوقفت كذلك عند أوراق لزوجي سبق أن قرأتها حين تعرفت عليه، ووجدت أنها في رحاب البلاغة جديرة أيضاً أن تنشر ذات يوم، ووجدت فيها مصداقية ما كان يقوله له أستاذه الشاعر المغفور له محمد البزم من أنه يباهي به كل أصحاب المستوى في اللغة والأدب من أساتذة اليوم في ذلك الحين.
أذكر أني قرأتها بإعجاب، ودهشت أن يكون كتبها في ذلك العمر المبكر وهو على مشارف دراسة الطب، وحين انتقل إلى جوار ربه رجعت إلى هذه الأوراق ووجدت أنها جديرة بالاهتمام الحقيقي وألا تظل غياهب النسيان.
وكتبت بعد رحيله، حين طلب إلي الصفحات التالية عن حياته التي كانت جديرة أن تستعاد”.
وجاء على غلاف كتاب “أوراق شخصية في بريطانيا والوطن”:
المناضل الجاد أو المواطن الواعي هو ذلك الذي يحمل إيماناً بأمته يجعله جديراً بالانتماء إليها، وإيماناً بعدالة قضيته يجعله قادراً على التضحية بحياته في سبيلها، وعلى النضال الطويل دونما تعب أو ملل لأجلها.
وشد ما يبئسني أن أجد أقل الناس عملاً لقضية الأمة أكثرهم وساوس وأشدهم سودواية في تقدير المعطيات الجدية لواقعها، وأنشطهم في رصد الأوهام وتقبلها.
من داخله قد يؤتي الإنسان، ومن أجهزة الدعاية المضادة أحياناً، وإلا فلماذا –كما قال مسؤول كبير- تذيع علينا إسرائيل بالعربية؟ ومن أين لصوت أمريكا ولندن هذا الاهتمام “بتتبع” أنبائنا و”التعليق” عليها، بصيغة الدس أحياناً وصيغ التخويف أو التهديد الصريح أحياناً أخرى؟
أنا أعتقد أن جزءاً أساسياً من نضالنا الفكري، في هذه الأيام يحسن توجيهه إلى محاربة هذه العقليات الجزعة التي تحسب أن النصر ثمرة خوخ ناضجة لا تحتاج إلا يد كسول تمتد لقطافها، كما يحسن توجيهه للتوعية، ولخلق المناعة الذاتية ضد كل هذه السموم التي توسوس بها الإذاعات.
رؤانا يجب أن تبقى مستقبلية، مستمدة من إنساننا العربي الذي نؤمن بإمكاناته وطاقاته وعظمته، ومستمدة من شباب على خط النار يتحدون العدو والطبيعة القاسية، ويواجهون الحديد والنار والموت، ولا يمارسون ما يمارسه بعضنا أحياناً من وراء مكاتبهم المدفأة من ثرثرة وجزع وعطالة عن العمل المفيد المنتج.
غير أنه من العلامات الطيبة أن الجزعين – ولو عن رغبة في التسريع – هم أنفسهم غير قانعين بجزعهم، وأنهم لا يشكلون في حياتنا سوى ظاهرة عابرة لا يخلو منها مجتمع من المجتمعات أو أمة من الأمم.
أنا لا أدينهم ولكنني أعاتبهم، وما أتمناه هو أن يفتحوا قلوبهم للحياة وللشمس.