البحوث الزراعية وتصحيح المعلومات الخاطئة حول إنتاج السماد الطبيعي
دمشق – بشار محي الدين المحمد
في إطار اجتهاد وزارة الزراعة مؤخراً بتوجيه المزارعين وأصحاب المشاريع الصغيرة الريفية لإنتاج سماد الدود “فيرمي كمبوست”، بهدف التحوّل نحو الزراعة العضوية، وتخفيف نفقات الاستيراد والكلف في القطاع الزراعي، تنتشر مجموعة من الطرق والمفاهيم الخاطئة التي تكتنف العملية الإنتاجية والتي ربما قد تفسدها بالكامل.
وخلال استفسارنا عن الإجراءات المتخذة لتصويب العملية وإيصالها نحو غايتها، بيّنت لنا رئيسة مركز البحوث العلمية الزراعية بحمص الدكتورة بشرى خزام أن أبحاث الكمبوست والفيرمي كمبوست من ضمن الأبحاث المدرجة في خطة الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية، وتلقى الاهتمام المطلوب للنهوض بهذا القطاع من خلال تنفيذ الأبحاث في عدة مراكز ومنها مركز بحوث حمص، كما حرص المركز على نقل بعض نتائج هذه الأبحاث من خلال تنفيذ دورة تدريبية في تربية دودة السماد وإنتاج الفيرمي كمبوست ضمن مركزهم لعدد من المهندسين من المركز ومن مديرية زراعة حمص، تضمنت الدورة جزأين نظري وعملي، عبر عدة محاور مثل الدور الحيوي لديدان الأرض في التربة والبيئة وأنواعها ومتطلبات عملية التربية والإنتاج، وخصائص السماد الناتج وبشكليه الحبيبات والسائل. ووفقاً لرئيسة المركز هدفت هذه الدورة أيضاً إلى نقل هذه التقانة البيولوجية الواعدة بشكل علمي دقيق مع طريقة تطبيقها، والتركيز على الأخطاء الشائعة الكثيرة المتداولة بسبب نقص المعلومات ونشر تجارب فردية غير علمية ضمن القطر مؤخراً.
وركز رئيس دائرة بحوث الثروة الحيوانية في مركز البحوث العلمية الزراعية بحمص الدكتور حسان شباط على وجود العديد من المعلومات الخاطئة المتداولة حول طريقة إنتاج الفيرمي كمبوست، منها ما يتعلّق برعاية وتغذية الديدان، وبظروف إيواء الدودة ومتطلباتها، ومنها ما يتعلّق بخصائص السماد الناتج، وطريقة استخدامه كسماد صلب أو سائل، حيث ذكر شباط أن عملية إضافة قشور البيض المطحونة بشكل دائم لحوض التربية هو أمر خاطئ، أو استخدام كرتون البيض وحده كفرشة للحوض من قبل معظم المربين هو أيضاً أمر خاطئ، كذلك ترطيب الأحواض بماء الشرب المضاف إليه الكلور سيؤثر على محتوى السماد، ومن الأخطاء الشائعة وضع أحواض التربية في العراء معرّضة لعوامل الطقس المباشرة من أمطار ورياح وأشعة شمسية، الأمر الذي يؤثر على إنتاجية وتكاثر الديدان ويحدّ من نشاطها. وأشار شباط إلى أن بعض المربين يتجاهلون علامات نضج السماد بهدف التقيّد بمدة ستة أشهر حتى يتمّ الحصاد وهو أمر غير صحيح وغير مجدٍ، إضافة لأخطاء كارثية تتعلق بميزات السماد وطريقة استخدامه ومعدل إضافته للدونم، حيث شائع وبشكل متداول أن استخدام السماد لأربع سنوات متتالية سيغني عن تسميد الأرض في السنة الخامسة، وهذا الأمر غير صحيح.
ووفقاً للدكتور شباط يتمتّع سماد الفيرمي كمبوست بخواص فريدة بسبب محتواه الحيوي، من بكتريا وأنزيمات وهرمونات ومنظمات نمو، ويمكن أن يساهم في تحسين إنتاجية المحاصيل والخضراوات بل وتأمين وقاية ومكافحة تجاه العديد من الإصابات والأمراض، ولكن للأسف فإن أكثر المشكلات الموجودة حالياً بما يخصّ الفيرمي كمبوست هو نشر معلومات غير صحيحة عبر أشخاص لديهم تجارب فردية، وغير مختصين، مما يساهم بتناقل هذه المعلومات الخاطئة أو الناقصة، وبالتالي تشويه هذه التقانة، وإنتاج سماد سيئ المواصفات وخسارة المنتج نفسه.
ويرى شباط أنه لابدّ كخطوة أولى وأساسية، لدعم هذه الفكرة المفيدة، من أن نقوم بتأهيل وتدريب كادر مختص ملمّ بشكل علمي بكل التفاصيل التي يحتاجها المزارع في عملية الإنتاج.