شفيق الغبرة: أفكاري بسيطة لا تخلو من التعقيد المحفز للحسّ الجمالي
عقاربُ الساعة أوحت بنبض الحياة في الجزيرة الخشبية الصغيرة التي تعجّ بحكايات النوافذ في أبنيتها وبمسارب الضوء الممتد، تحيط بها فروع الأغصان الدقيقة، شغلت أحد أركان معرض “الخشب والضوء4” المقام في المركز الثقافي العربي (أبو رمانة) ويعرض أعمال الفنان شفيق الغبرة التي يدمج فيها بين النحت والتشكيل والضوء، وغدا معرضه طقساً سنوياً ينتظره محبو الأعمال النحتية الوظيفية، إذ تمكّن الغبرة بحرفيته وخبرته بالإضاءة من توظيف مجسمات من مقاسات مختلفة تحمل روح الطبيعة وتكويناتها، إلى المنزل والمكتب، نحتها من أشجار التوت والمشمش والأرز والليمون بدرجات متفاوتة من الإضاءة، إضافة إلى العديد من النماذج الجمالية من مقاسات مختلفة ارتبط بعضها بشكل الحيوانات مثل الطيور والبومة، وتميّز المعرض بمجموعة من الطاولات المشغولة بغرائبية الطبيعة.
تكوينات الطبيعة
وأوضح الغبرة في حديث لـ “البعث” أن الطبيعة التي أبدعها الخالق جميلة بحدّ ذاتها وبجميع مكوناتها، لكن حينما يتمّ فصل بعض المكونات عن بيئتها تفقد جمالها أو جزءاً منه، وتكمن الصعوبة بتشكيل عمل جمالي منها بفصل أجزاء عن مكوناتها بالنحت تارة وبالتشكيل تارة أخرى أو بدمجهما معاً، أو بإعادة ترتيب وتشكيل ما هو موجود أصلاً بتداخل الضوء مع العمل الفني لإظهاره بشكل آخر.
الابتعاد عن النمطية
وتابع عن الجديد في هذا المعرض: في المعارض السابقة تمّ التركيز على الكتل بشكل أساسي، أما هذا المعرض الخشب والضوء 4، فتمّ التركيز على الفروع والأغصان والجذور العشوائية بتشكيل أعمال فنية منظمة، وتوخيت عدم الدخول بالنمطية على الرغم من بساطة الأفكار، فحينما تسيطر النمطية يفقد العمل الفني قيمته الإبداعية المتجدّدة، لكن هذا لا ينفي أن لكلّ فنان هويته الخاصة التي تحمل روحه وتميزه شريطة ألا يكرّر نفسه، وهذا موجود بأعمالي المعروضة في هذا المعرض.
السهل الممتنع
كما عقّب على مراحل تنفيذ العمل، إذ تبدو الفكرة بسيطة بحدّ ذاتها، لكن إيصالها بطرق جمالية مختلفة لا يخلو من التعقيد، ما يعزّز قيمة العمل الفني ويرقى إلى مصاف أعلى، ويحفز الحسّ الجمالي والفني لدى المتلقي، وهنا يكمن الإبداع بالأعمال الفنية التي توحي بالسهولة لكنها وفق السهل الممتنع، ولاسيما أن أعمالي جامعة بين القيمة الجمالية والوظيفية المبتغاة.
ونوّه الغبرة في نهاية حديثه بأنه أول من دخل في هذا المجال، وعمل بحرفية عالية، وجمع بين النحت والتشكيل، وربما هناك من يعمل على دخول هذا المجال لكن يوجد أفكار أخرى، فمن الصعب تقليده ومجاراة حرفيته.
ملده شويكاني