نصر بطعم الهزيمة.. 148 عضواً من حزب جونسون يرفضون زعامته
تقرير إخباري:
واجه بوريس جونسون رئيس وزراء بريطانيا أزمة حزبية كادت تودي بزعامته لحزب المحافظين ورئاسة الوزراء في آن معاً.
جونسون الذي تلاحقه فضائح الفساد وانتهاك القانون، وممارساته الحكومية التي لا تحترم القواعد، حسب أعضاء من حزبه، حاول التلطي “خلف العملية الروسية الخاصة في أوكرانيا” لحرف أنظار معارضيه والشعب البريطاني عن فضائح حكومته، فوجد نفسه محاصراً من أعضاء حزبه الذين زاد من غضبهم تجاهه احتمال أن يكون ضلل البرلمان بالكذب على النواب حين أكد غير مرة أنه لم ينتهك أية قواعد في “حفلات كورونا”.
وصوّت في اقتراع سري لحزب المحافظين لحجب الثقة عن جونسون 211 نائباً مع بقائه في منصبه مقابل رفض 148، ما يسمح له بالبقاء على رأس حزب المحافظين والاحتفاظ بمنصبه رئيساً للحكومة، وهذا التصويت وإن جاء حسابياً لمصلحته فإنه يدل على زعزعة موقعه الحزبي والحكومي وخصوصاً مع تزايد المعارضين له داخل حزبه، وكان من ارتدادات فوز جونسون الأولى إعلان كبير مسؤولي مكافحة الفساد في الحكومة البريطانية جون بنروز، استقالته من منصبه، قائلاً في رسالة وجّهها إلى رئيس الوزراء: إن تقرير سو غراي عن فضيحة حفلات مقر الحكومة، يظهر أن جونسون خالف القانون، داعياً إياه إلى الاستقالة أيضاً، كما نقلت وسائل إعلام بريطانية في الفترة الماضية عن بعض النواب العاملين في الحكومة، ومنهم وزراء في بعض الوزارات، أنهم لم يعودوا يثقون بجونسون.
في المقابل أبدى جونسون موقفاً متصلباً من معارضيه رافضاً دعواتهم لتقديم استقالة حكومته وهاجم وسائل الإعلام التي تنتقده، معتبراً جلسة التصويت “فرصة لوضع حدّ للهوس المفضل لدى وسائل الإعلام” والمضي قدماً، وذكّر في رسالة توجّه بها إلى نواب حزبه طالباً دعمهم قبل التصويت، بإنجازات حكومته على صعيد “بريكست” ومكافحة “كوفيد-19” وعاد إلى معزوفته الأولى من خلال التخويف والترهيب من روسيا والتذكير بدعم حكومته لأوكرانيا.
ومن المؤكد أن عنجهية جونسون ستؤدّي إلى الانقسام في الحزب الحاكم الذي دخل فيما أصبح الإعلام يصفه بأنه “حرب أهلية” لا شك ستؤثر في فرص الحزب في الانتخابات العامة المقبلة، وإذا كان المطالبون بسحب الثقة من جونسون يرون أنهم لم ينجحوا في مسعاهم فإنهم في المقابل أثبتوا للناخبين أن الحزب غير راضٍ عن انتهاكات حكومته.
وتدلّ تصريحات رموز الحزب من المخضرمين الذي لا يمكن وصفهم بأنهم ضمن مجموعة النواب المعارضين، على حالة التململ من جونسون وفضائحه حتى من المقربين منه، ومنهم رئيس لجنة الاستخبارات في البرلمان جوليان لويس الذي أصدر بياناً انتقد فيه بشدة سلوك جونسون وفريقه الذي لا يحترم أي قواعد أو قوانين، ووصف فترة حكمه منذ عام 2019 بأنها “مزيج من الإنجازات والمغامرات الخاطئة”.
ولكن الموقف الأكثر وضوحاً جاء من رئيس حزب المحافظين السابق ووزير الخارجية البريطاني السابق ويليام هيغ في مقالة له في صحيفة الـ”تايمز”، إذ طالب جونسون بوضوح بأن “يبحث عن خروج مشرّف” الآن، ووصف ما جرى ليل الإثنين بأنه يجعل “وضع رئيس الوزراء غير قابل للاستمرار”، ناصحاً إياه بأن “يوفّر على حزبه وبلاده مزيداً من المشكلات والضرر”.
بالمحصلة، لا يمكن الركون إلى فوز جونسون في التصويت، وخصوصاً أن عدداً كبيراً من نواب حزبه لا يريدون أن يظل في منصبه حتى الانتخابات العامة المقبلة بعد عامين، كما أن بعض وسائل الإعلام البريطانية تنشر تسريبات بالفعل عن إمكان تعديل اللوائح الداخلية للحزب بما يسمح بطرح الثقة مجدّداً في زعيمه ورئيس الحكومة في غضون ستة أشهر بدلاً من عام حالياً، وفي الجانب الآخر يبدو أن جونسون يريد تجاوز تلك الأزمة باعتبارها مشكلة داخلية في حزبه والمضي قدماً في مهماته، لكن عدداً كبيراً من المحافظين يستبعد أن يتمكن من ذلك، وخاصة أن من حوله أيضاً يريدون الانتقام ممّن صوتوا ضده بالقدر الذي يريدون مكافأتهم على ولائهم له، ومن شأن ذلك أن يزيد الانشقاق في الحزب والحكومة.
كذلك تلوح مخاوف من أن تصاب الحكومة بالشلل، إذ لا يمكن لرئيس الوزراء وحكومته تنفيذ سياساتهم من دون تشريعات من البرلمان، وفي وجود تلك المعارضة الكبيرة له من نواب حزبه تفقد الحكومة الأغلبية البرلمانية التي تحتاج إليها لتمرير القوانين.
إبراهيم مرهج